الإرهاب في أفغانستان.. مصالح سياسية تتخطى محاذير الأمن
الإثنين 01/فبراير/2021 - 06:21 م
نهلة عبدالمنعم
يُنظر إلى الإجراءات الأمريكية بأفغانستان، على أنها وسيلة لترويض الجماعات الإرهابية بالمنطقة؛ وبالأخص تنظيم القاعدة، الذي لا تزال تعتبره وسائل الإعلام أخطر جبهة متطرفة تهدد البلاد، ولكن هل بالفعل استطاعت واشنطن خلال سنوات الحرب أو ما فرضته من قرارات أخيرة السيطرة على الأوضاع بالمنطقة؟.
سوال واحد واجابات مختلفة
تختلف وجهات النظر الدولية وحتى الأمريكية حول مدى الفاعلية التي وصلت إليها واشنطن في التعامل مع ملف القاعدة في أفغانستان، إذ يتعلق ذلك بالدوافع الحقيقية التي تتبناها الإدارة السياسية تجاه المنطقة، وما إذا كانت التنظيمات المتطرفة بإزعاجها للاستقرار قد تحقق فائدة ما ومن ثم يبقى الأفضل ترويضها أم ستجلب مشاكل أكثر.
الخزانة الأمريكية والقاعدة
أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية في 4 يناير 2021 بيانًا نشره موقع (long war journal) حول أوضاع القاعدة في أفغانستان مفاده أن التنظيم بات أقوى على الأرض ولم يضعف بشكل فعلي جراء ما طمحت إليه الإدارة السياسية من نتائج للاتفاق مع طالبان.
فخلال الاتفاق الذي أبرمته واشنطن مع قادة طالبان في 29 فبراير 2020، اتفقا في أحد البنود على: أن تتخلى الأخيرة عن علاقتها بالقاعدة، وتتوقف عن دعمها، كما تمنع استخدام أراضي البلاد لتدريب المسلحين، وغيره من الأنشطة الإجرامية، التي قد تضر بمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية.
ولكن تقرير وزارة الخزانة المشار إليه يعتقد بأن «طالبان» تتنصل من هذا البند تحديدًا، وأن علاقتها بالتنظيم لا تزال قوية ويتربحان إستراتيجيًّا من هذا التعاون، ولفت التقرير إلى أن عام 2020 شهد اكتساب القاعدة لقوة إضافية بالبلاد مع تبادل سري لا يزال قائمًا بين التنظيمين على مستوى المستشارين العسكريين والفقهيين والدعم المالي.
تدفع الوزارة وفقًا لموقع (long war journal) بأن حركة طالبان لم تتخذ خطوات جدية لاقتلاع تنظيم القاعدة، ويبدو ذلك تفسيرًا مشوهًا للقضية فالولايات المتحدة بما تمتلك من أجهزة استخبارية وأسلحة ومعدات عسكرية وجيش يصنف من أقوى جيوش العالم لم تستطع القضاء على أي تنظيم إرهابي بالمنطقة، رغم ما ساقته من ترويج إعلامي حول مبررات وجودها بالبلاد.
يضاف إلى تمدد القاعدة انتشار شبكة حقاني، واللذان يناقشان تشكيل وحدة مسلحة لتنفيذ العمليات الإرهابية بالبلاد، ما يعني مزيدًا من التعاون بين الجبهتين، ويستخدم قادة التنظيمين المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان لبناء تمركزات عسكرية لتدريب المسلحلين والتخطيط للعمليات الهجومية.
الأمن الأفغاني والرؤية الأمريكية
يشمل التمدد الإرهابي بالمنطقة؛ تنظيم داعش الذي تعتقد الوزارة أنه يعتمد على الحوالات المالية عن طريق الشركات الخاصة لتدعيم معسكره في أفغانستان، والذي يطلق عليه زعمًا (ولاية خراسان)، في حين يستغل التنظيم الرعونة الأمنية بالبلاد لاستخدامها كمحطة رئيسية لضخ الأموال نحو المعسكرات الرئيسية في سوريا.
ويحاول عبر هذه الأموال إبقاء ولاء العناصر الموجودة بالمخيمات السورية التي يديرها الأكراد بمن فيها من نساء وأطفال، ولكن قوة تنظيم داعش في أفغانستان تبقى مقوضة بانتشار تنظيم القاعدة وشبكة حقاني وسيطرة طالبان وما بينهم من تعاون ثلاثي يحد من سيطرة داعش مقابل اتساع رقعة تمددهم.
إستراتيجيات التعامل مع المتطرفين
يبدو أن التقارير السياسية والإعلامية تُلمح لإخفاق أمريكي في التعامل مع الجماعات الإرهابية بالمنطقة، وبالأخص في الاتفاق مع طالبان على الانسحاب الكامل مع ضمانات عدم التعاون مع القاعدة أو أي فصيل متطرف، وهو ما تشكك القنوات في جديته.
ولكن حساب الخسائر يتوقف على الأهداف التي تسعى إليها الكيانات، فهل كانت الولايات المتحدة جادة في إنهاء الإرهاب بالمنطقة؟، وهل تخلت عن أطماعها بالمحيط الآسيوي، وتظهر إجابات هذه الأسئلة في إعلان الناتو بأن الانسحاب الأمريكي سيقابله زيادة في أعداد عناصر الناتو ما يعني أن الوجود العسكري للقوى الأجنبية ولواشنطن لن ينتهي في الوقت الحالي.
فالجماعات الإرهابية والوجود العسكري لواشنطن وحلفائها يبدو مهمًا في المنطقة، التي تنوي الصين تطوير مشروع الحزام والطريق أو ما يعرف بـ(طريق الحرير الجديد)، والمقرر له أن يمر عبر أفغانستان، وباعتبار بكين وواشنطن ليستا على وفاق فأن الولايات المتحدة لن تفرط في المنطقة وستسعى نحو معادلة الأطراف المعنية بهذا الجانب.





