بؤر الإرهاب في آسيا تشتعل بالصراعات الحدودية
إن تمركزات الإرهاب والاختيارات التي تفضلها الجماعات للانتشار
جغرافيا لا تكن مدفوعة بالصدفة أو بتدني الأوضاع الأمنية فقط، ولكنها تخضع لعوامل
سياسية ومتغيرات اقتصادية جاذبة، خصوصًا إن كانت موارد طبيعية، وهو ما ينطبق على
التمدد الإرهابي بالمنطقة الآسيوية.
فانتشار الجماعات وأبرزها القاعدة وداعش وحزب التحرير وما ينبثق عنهم من تيارات بالقارة الآسيوية يبقى محكومًا بما يعتري المنطقة من عوامل يشتد عليها الصراع الدولي، ما يخلق انجذابات تؤثر على حقيقة المكافحة، وديمومة الاعتراك الأهلي والسياسي.
الصراعات الحدودية القريبة
خلق الصراع الحدودي بين الهند وباكستان مدخلًا للجماعات الإرهابية لتأصيل وجودها في إقليم كشمير المتنازع عليه بين الدولتين، وما عزز الاقتتال بالمنطقة هو الاصطباغ الديني للخلاف، والذي تؤججه القوى المستفيدة.
فرض الانفصال الطائفي لشبه الجزيرة الهندية في 1947 صراعًا فقهيًّا تمددت آثاره على خلفية الاختلاف حول أحقية حيازة إقليم كشمير بين الهند وباكستان، وبالتالي وجدت الجماعات الإرهابية متنفسًا بالمنطقة مستغلة الاقتتال العسكري والبعد الديني للصراع، فبعض الجبهات الإسلاموية تنادي بحق باكستان في الإقليم باعتبارها دولة ذات أغلبية مسلمة، وهو الناتج الذي أفرزه فصل الهند وباكستان على أساس الدين سواء هندوس أو مسلمين.
ويظهر في خطابات زعيم تنظيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري حول إقليم كشمير استخدامه لمفردات نصرة المسلمين والدين الإسلامي ضد الهند وقادتها الهندوس، وهو الخطاب الذي تتغذى عليه الجماعات المتطرفة، ومن جهته يقول معهد الاقتصاد والسلام بسيدني الأسترالية إن الصراعات السياسية هي المفتاح الأول لظهور الجماعات الإرهابية وتطورها بالمنطقة، وهو ما يؤثر على تعداد القتلى من المدنيين والعسكريين بالمنطقة الآسيوية وغيرها من المناطق.
النزاعات الحدودية البعيدة
تتأثر مكافحة الإرهاب في إقليم كشمير بصراع حدودي آخر ينشب باتجاه غير مجاور ولكنه ذو صلة، إذ يؤثر الصراع بين الهند والصين حول الحدود على ما يحدث بالإقليم، ففي مارس 2019 استغلت الصين حق الفيتو لمنع إدراج مسعود أزهر زعيم جيش محمد على لائحة الإرهاب الدولي التابعة لمجلس الأمن، بحجة أنها لا تزال تحتاج إلى دراسة الأمر.
ومن جانبها اعترضت الهند على رفض الصين تصنيف مسعود أزهر كإرهابي، واعتبرتها تحديًا سياسيًّا غير مرتبط بدراستها، الأمر من عدمه كما قالت، وتعتبر الهند أن مسعود هو أحد أخطر الإرهابيين الذين يهددون أمنها واستقرارها، فهو متهم بالاشتراك في تنفيذ هجمات مومباي في 7 ديسمبر 2008، والتي أسفرت عن مقتل 195 شخصًا وإصابة 327 آخرين.
وفي إطار الصراع السياسي ودوره في تأطير جماعات الإرهاب تقول أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة والمتخصصة في الشأن الآسيوي، نورهان الشيخ في تصريح سابق لـ«المرجع» إن تقسيم أفغانستان أو ما سيؤول إليه مستقبل البلاد سياسيًّا يرتبط بالصراعات القائمة بينه الدول في المنطقة، مضيفة بأن الانسحاب العسكري الأمريكي المتفق عليه بين طالبان والحكومة الأمريكية قد لا ينفذ بشكل حقيقي.
وربطت الباحثة بين عدم التطبيق الفعلي وبين الصراعات الجارية حاليًّا حول بحر الصين الجنوبي وعلاقة الولايات المتحدة بهذا النزاع، إذ تعتبر نورهان أن مكافحة الإرهاب في أفغانستان تتأثر بعدم وجود إرادة سياسية حقيقية لدى الدول الكبرى للقضاء على المتطرفين، ولكنها ترتبط بتوازنات دولية ترى في هذا الاضطراب تحقيقًا لأهدافها.
المزيد.. «مسعود أزهر».. عندما يقود الإرهابيون صراعات «الهند وباكستان»





