تعاون «السلفية الجهادية» والعائدين من «داعش» يضع ألمانيا في دائرة الخطر
الأربعاء 21/أكتوبر/2020 - 02:18 م
نهلة عبدالمنعم
تواجه ألمانيا تحديًا أمنيًّا كبيرًا يرتبط بتصاعد السلفية بالبلاد، وسط متغيرات مختلفة تضغط على السلطات المحلية لفرض مزيد من الإجراءات المشددة، لتقويض العنف والتواصل اللوجستي، وعمليات التمويل المشبوهة بين المجموعات المختلفة.
وفي ظل التقارير الرسمية التي تصدرها الدولة الألمانية حول تنامي أعداد المتطرفين بالبلاد، بمن فيهم العناصر شديدة الخطورة، تواجه برلين دفعات من العائدين من صفوف الإرهاب بسوريا والعراق، في ذات الوقت الذي تنتشر به المؤسسات الفكرية للجماعات الإسلاموية كالإخوان والمنظمات المدعومة من تركيا.
إحصائيات مخيفة
ظلت ألمانيا لفترة تتبع ذات النهج الأوروبي في التحفظ على عودة العناصر الداعشية ممن هاجروا لمناطق القتال في سوريا والعراق، حتى ألزمتها المحكمة في مايو 2019 باستعادة أطفال الدواعش، ومن ثم عودة البعض سواء رجالًا أو نساء وفقًا للمنظومة الدستورية، وبلغت أرقام العائدين حوالي الثلث ممن سافروا، وعددهم يتخطى 1060 شخصًا -بحسب وزارة الداخلية- ما يعني أنهم رقم مؤثر في المجتمع.
وبالتوازي مع هذه العودة تعاني برلين من تصاعد في أعداد المنتمين للتيارات الإسلاموية المتشددة، فطبقًا لبيان وزارة الداخلية الصادر في يوليو 2020 ارتفع عدد الإسلامويين من 26.560 شخصًا في 2018 إلى 28.020 شخصًا في 2019، وشملت الزيادات تيار السلفية الذي أصبح في 2019 12.150 شخصًا بعد أن كان 11.300 شخصًا، وكذلك الإخوان الذين وصل أعدادهم المحددة لدى الأجهزة إلى 1,350 شخصًا تعتبرهم وزارة الداخلية متطرفين.
وكذلك تعتقد الوزارة أن هناك زيادة محتملة في أعداد المنتمين فكريًّا وتنظيميًّا إلى تنظيمي «داعش» و«القاعدة» داخل البلاد، ولكنها لم تحدد أعدادهم، بينما تتخوف من ارتباطاتهم العقائدية التي تنفذها الذئاب المنفردة على الأرض، كما حدث في واقعة الطريق السريع عندما صدم أحد المتطرفين السيارات المارة على الطريق متسببًا في إحداث إصابات وحالة من الذعر في 19 أغسطس 2020.
العائدون وعوامل الخطر الإسلاموي
تتشابك خطورة العائدين مع الإسلامويين الموجودين بالفعل في البلاد من عدة أوجه، فوزارة الدخلية أعلنت في أغسطس 2020 تسجيل 629 على لائحة الخطورة الخاصة بالمتطرفين منذ بداية العام وحتى يوليو 2020، ولائحة الخطورة هي مقياس وضعته الأجهزة الأمنية لتصنيف المتطرفين، وتتدرج الخطورة إلى ثلاثة مستويات عالٍ ومتوسط ومنخفض.
وتعتمد تحديد درجة الخطورة على عدد من العوامل المرتبطة بالشخص المتطرف، منها تاريخه السابق في تنفيذ الهجمات الإرهابية من عدمه، ومدى تقديمه الدعم لجماعات سبق وتورطت في هجمات، إلى جانب المتغير الأكثر خطورة، وهو تلقي التدريبات العسكرية المسلحة أو التدريب على صناعة المتفجرات والعبوات الناسفة، وغيرها من العوامل التي يتحدد على أساسها مدى خطورة هذا المتطرف.
واعتمادًا على أعداد الخطيرين بالبلاد مع وصول دفعات من «داعش» سواء من الرجال أو النساء تتصاعد مخاوف السلطات من أي تعاون محتمل بين الطرفين، وبالأخص من خلال المؤسسات الثقافية والدينية المنتشرة، لاسيما المرتبطة بجماعة الإخوان التي تعتبرها هيئة حماية الدستور التنظيم الأم للجماعات الإسلاموية المتطرفة بالعالم.
وتتعاظم درجة الخطورة مع احتمالية تعرض بعض العائدين لتدريبات على القتال وإعداد المتفجرات أو حتى بقاء التواصل مع التنظيمات المتطرفة بالخارج، بالتوازي مع مجموعات السلفية الجهادية المتصاعدة بالبلاد، ما قد يمثل حاضنة مخيفة لأي نشاط إرهابي محتمل، وبحسب تصريح إعلامي قدمه الباحث الألماني في ملف الجماعات الإسلاموية، هربرت مولر لشبكة «دويتشيه» الألمانية فإن تيار السلفية الجهادية بأفكاره ومعتقداته حول القتال يمثل النواة الأساسية للجماعات المتطرفة ذات الطابع الدولي.
وذكر «مولر» أن جماعة الإخوان لا تزال تمثل خطرًا رئيسيًّا باعتبار منظرها «سيد قطب» واحدًا من أهم المرجعيات للجماعات المتطرفة حول العالم، وبالتالي فالارتباط بها من قبل الإسلامويين وإن كان ليس تنظيميًّا في مجموعه، لكنه عقائديًّا بشكل أكبر، ما يشكل خطورة على برلين من وجهة نظره.





