حزمة صفعات أمريكية تلطم وجه «أردوغان»
الأربعاء 07/أكتوبر/2020 - 07:50 م
شيماء يحيى
على مدار السنوات الماضية، أخذت مواقف الولايات المتحدة الأمريكية تجاه سياسة الرئيس التركي رجب طيب أدوغان طابعًا مبهمًا، خاصةً بعد تفاقم الأحداث في المنطقة، والتي تسببت بها الصراعات الداخلية في بعض دول الإقليم، أما الآن فلم تعد الرسائل الأمريكية تجاه «أردوغان» يشوبها الغموض، وظهرت جلية في حزمة من الصفعات والقرارات التي اتخذتها بصدد سياسة تركيا ونظام الحكم بها.
أظهرت تركيا عدم اكتراثها حيال القرارات الأمريكية، التي هددت مصالحها في المنطقة، فلغة التهديد والتصعيد لم تعد صالحة، وأصبح على أنقرة الاستعداد لقبول معادلة توازن المصالح مع الجميع، والتخلص من السياسة التوسعية، واحترام سيادة الدول وحقوقها، وإعادة حساباتها، وضبط خطواتها بما يتناسب مع الواقع الجديد في الوقت الحاضر.
دلالات الاستراتيجية الأمريكية
أثارت تركيا في الآونة الأخيرة مناخًا من التوتر والتصعيد على مستوى الإقليم، فبعد النزاعات بين تركيا واليونان في منطقة شرق المتوسط المتمثلة في السعي خلف الثروات النفطية، جاءت الردود من الجانب الأمريكي بجانب اليونان، فكانت أُولى الرسائل الأمريكية عبر المتوسط تجاه «أردوغان»، بتصويت من الكونجرس الأمريكي لصالح رفع الحظر المفروض على السلاح لقبرص.
وأعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، من العاصمة اليونانية أثينا، أن الطرفان الأمريكي واليوناني على ثقة تامة من المقدرة على العمل سويًّا، على اعتبار أن أثينا ركيزة الاستقرار في المنطقة، في رسالة واضحة لها دلالات سياسية وجغرافية واستراتيجية، في أكثر توقيت سياسي متوتر بين اليونان وتركيا، وقد أظهرت تلك الخطوة استراتيجية أمريكية واضحة المعالم والتوجهات والركائز، خاصةً في شرق المتوسط، تُلقي بثقلها خلف اليونان في صراعه ونزاعه مع تركيا.
وتحتم على الولايات المتحدة إجراء تلك المواقف علنًا ضد تركيا، بعد أن بلغ المشهد ذروته من التوتر والتصعيد، وباتت تفرز أوراقَها، وتصنف أولوياتها، وتحمي مصالحها، وتحافظ على علاقاتها الاستراتيجية، بعد أن انخرط «أردوغان» في التخريب، سواء بسلوكه المُعادي مع دول أصدقاء في حلف الشمال الأطلسي «الناتو»، وسياسته المتبعة في التحالف مع الجانب الروسي، ونسج علاقات عميقة مع موسكو، عسكرية كصفقة صواريخ «S-400»، واقتصادية كمشروع الغاز المشترك، واستغلها كأوراق ابتزاز في وجه المجتمع الدولي.
الموقف الأمريكي
خاضت العلاقات «الأمريكية- التركية» في بعض الأحيان صراعات غير مستقرة، فالحسابات القديمة الدائرة بينهما تحتم الانتهاء بفضل التغيرات الكبيرة الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، تحديدًا والعلاقات والمصالح الدولية بشكل عام، وهذا يتضح من الحساسية الكبرى التي برزت شرق المتوسط على خلفية التنافس والصراع على مخزونه من الطاقة الذي فتح الأبواب على خيارات واحتمالات متعددة دبلوماسية وسياسية وحتى عسكرية، فقد ظهرت الولايات المتحدة بدور رقابي عن بعد دون الانخراط في الأمور، ومن ناحية أخرى تقمصت دور القائد الذي يحدد الاتجاهات الواجب سلوكها نحو مصالحها.
وكانت القيادة الأمريكية على علم بأن التوسع التركي يرافقه انزلاقات حادة لـ«أردوغان» في أكثر من ساحة مواجهة، إضافةً إلى استمرار تردي الأحوال داخليًّا، وكلما توسع في تمدده عبر ساحات الصراع، كلما كان أمر السيطرة عليه أكثر قابلية وقدرة على كبح جماحه.
كانت المواقف الأمريكية بجانب الجبهة اليونانية علنًا، فقد انعكست مؤشراتها ودلالاتها على أكثر من صعيد، مثل الحديث عن إنهاء احتكار أنقرة لقاعدة «انجرليك» على أراضيها، ونقلها إلى جزيرة كريت اليونانية، وبذلك سيخسر الحليف التركي أكثر أوراقه تأثيرًا على دول حلف الناتو وأوروبا عمومًا، ما سيؤول بالأوضاع الداخلية نحو التأزم، سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، خاصةً بعد التراجع الاقتصادي غير المسبوق الذي تشهده البلاد، وخوضه صراعات عسكرية في الساحات الخارجية، وتحويل بعض الساحات إلى مناطق استنزاف له عسكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا.





