فرنسا تقوض تمويل «القاعدة» المتنامي على أرضها
تسعى فرنسا للسيطرة على جماعات الإرهاب، ومنع توظيفها لتمويل العنف في الشرق الأوسط، وذلك في إطار حملتها للتصدي لعمليات ما تُعرف بـ«الذئاب المنفردة»، والتي كان آخرها حادث استهداف مجلة «شارلي ابيدو» الثاني الذي أصيب بموجبه اثنان من المواطنين بجروح خطيرة، بعد التعدي عليهما بآلة حادة، إذ أعلن المدعي العام الفرنسي لمكافحة الإرهاب، الثلاثاء 29 سبتمبر 2020، إلقاء القبض على 29 شخصًا متورطين في تشكيل شبكة لتمويل المسلحين في سوريا عن طريق العملات المشفرة.
وأشار المدعي العام إلى أن المتهمين تتراوح أعمارهم بين 22 و66 عامًا، ويعتمدون على العملات المشفرة، وأهمها «البيتكوين» لتمويل المتطرفين.
وبحسب التحقيقات فإن قسائم كوبونات العملات المشفرة التي اعتمد عليها الإرهابيون، تتراوح قيمتها بين 10 إلى 150 يورو، وبالإضافة إلى ذلك فإن هذه الشبكة تعمل على إيصال الأموال المشبوهة منذ 8 أشهر بعدة مواقع مختلفة بفرنسا، وكانت السلطات تراقبها عن كثب لتتمكن من الوصول إلى جميع أفراد الشبكة دون إفلات أيٍّ منهم.
وتقول السلطات الأمنية الفرنسية إنها حددت زعماء الشبكة، وهما المتطرفان «مسعود» و«وليد»، دون الكشف عن كامل هويتهما، ويبلغان من العمر 25 عامًا، ويعيشان في شمال شرق سوريا، ويشتبه بعضويتهما في تنظيم هيئة تحرير الشام «جبهة النصرة سابقا» المرتبط بتنظيم القاعدة، وسبق الحكم عليهما غيابيًّا بالسجن لمدة عشر سنوات، ولديهما أوامر اعتقال.
ومن جهته، يرى المدعي العام الفرنسي لمكافحة الإرهاب أن هذه الطريقة التي اعتمدها الإرهابيون في تمويل عملياتهم ليست بالمعتادة، ولكن السلطات لا تزال مستمرة في مراقبة الشبكات التمويلية للعناصر الإرهابية التي تستغل حزم التشفير المرتبطة بالعملات الإلكترونية، والمواقع الإلكترونية السرية في التمويلات المشبوهة وغير المشروعة.
وعلى صعيد آخر، أشار المحامون الموكلون بالدفاع عن المتهمين، إلى أن هذه الشركة لم تكن لإرسال الأموال للإرهابيين في سوريا، لكنها كانت لتوفير الطعام للأطفال بالمخيمات؛ بسبب التعنت الفرنسي من وجهة نظرهم في استعادة أطفال «داعش».
تنامي معدلات الإرهاب والقلق الفرنسي
تأتي هذه القضية بعد أيام من حادث الطعن الذي نفذه مواطن ذو أصول جزائرية، وآخر ذو أصول باكستانية، يعتقد بأنه المتهم الرئيسي في منطقة ريتشارد لينوار بشمال شرق العاصمة الفرنسية باريس؛ حيث المقر القديم لمجلة «شارلي ابيدو»، وكان ذلك في 25 سبتمبر 2020 أي بعد أيام من إطلاق تنظيم «القاعدة» الإرهابي تهديدات بثتها أذرعه الإعلامية على موقع التواصل الاجتماعي «تيليجرام».
إذ هدد «القاعدة» بإعادة استهداف المجلة لإعادتها نشر الرسوم المسيئة للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والتي استخدمت في 2015 كمدخل للقاعدة لاستهداف الموقع بالأسلحة النارية؛ ما أدى إلى مقتل 12 شخصًا.
هل عاد الإرهاب إلى فرنسا؟
يدفع الكثيرون بأن تنظيم «القاعدة» قد خفتت قوته، ولم يعد قادًا على تنفيذ العمليات، ولكنه وبحسب السلطات الفرنسية يدير شبكة لتمويل عملياته بسوريا، وبالتأكيد يستفيد الذئاب المنفردة في فرنسا وفي أوروبا بشكل عام من هذه الشبكة؛ ما يعني أن الأطروحات العقائدية للتنظيم من المحتمل أن تخفت تأثيرتها على الأرض لعوامل أمنية أو لوجستية، ولكن تبقى كفكرة قابلة للتحقق إذا ما أتيحت الفرصة.
وينبغي مع هذا رفع الاستعدادات لمواجهة خطر الإرهاب الذي لم ينته بعد، إذ قال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين في 31 أغسطس 2020 إن بلاده ترفع درجة الاستعداد للهجمات الإرهابية، وأن الوزارة تراقب 8000 شخص تعتقد بميولهم المتطرفة، مؤكدًا أن السلطات تتأهب لتأمين البلاد خلال محاكمة المتهمين في حادث «شارلي أبيدو» الأولى، وهو ذات الوقت الذي وقع به الحادث الأخير في 25 سبتمبر؛ ما يعني أن التنظيم لديه شبكات لا تزال على تواصل عقائديًّا أكثر منها تنظيميًّا.
المزيد.. حادث شارلي أبيدو الأخير.. مخالب الذئاب المنفردة تنهش وتجرح وجه باريس





