دائرة الأوهام.. أردوغان يواصل خداع شعبه بحقول الغاز في البحر الأسود
الثلاثاء 25/أغسطس/2020 - 06:48 م
مصطفى كامل
خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة 21 أغسطس 2020، ليزف بشراه على الشعب بأن نظامه اكتشف حقلًا ضخمًا من الغاز الطبيعي في البحر الأسود، باحتياطي 320 مليار متر مكعب، ورغم البشرى فإن الخبراء أكدوا أن الاحتياطي المعلن لن يكفي احتياجات تركيا من الغاز الطبيعي إلا لمدة 6 سنوات فقط على الأكثر، أو احتياجات دول الاتحاد الأوروبي لمدة عام واحد فقط، كما أن استخراج الغاز لن يبدأ قبل 7 سنوات على الأقل.
ويشار إلى أن تركيا قد سبق وأعلنت 10 اكتشافات للغاز الطبيعي، دون أن يكون لتلك الاكتشافات أي انعكاس على الاقتصاد، أو نتائج تذكر؛ بل كلها كانت بحثًا من النظام التركي عن أي انتصار وهمي للترويج له عبر الإعلام الموالي لأردوغان.
اكتشافات دون نتائج
بعد أن أعلن أردوغان اكتشاف حقل ضخم من الغاز الطبيعي في البحر الأسود، باحتياطي 320 مليار متر مكعب، وأنه سيبدأ الإنتاج بحلول عام 2023، وأن الإنتاج سيحقق رخاءً اقتصاديًّا لتركيا بسبب حجمه الضخم للغاية، سرعان ما انكشفت الحقيقة الصادمة أن الاحتياطي المعلن لا يتجاوز 2 من ألف من الاحتياطات العالمية المقدَّرة بنحو 203.14 تريليون متر مكعب؛ وأن الإنتاج لن يبدأ قبل 7 سنوات على الأقل.
ولم يكن إعلان أردوغان هو الأول من نوعه؛ دون نتائج، بل سبقه 10 اكتشافات دون نتائج تذكر؛ ففي 9 سبتمبر 2004 أعلن المدير العام لشركة بترول تركيا (TPAO) عثمان صائم دينتش، اكتشاف حقول للغاز في البحر الأسود، وأنه سيتم نقل الغاز من البحر إلى اليابسة بحلول نهاية العام، بينما أكد نائب رئيس إدارة الإنتاج في الشركة نفسها، محمد كول، في 26 نوفمبر 2006، أن إنتاج الغاز في البحر الأسود وصل إلى النهاية، وأنه سيتم اكتشاف البترول في أماكن أكثر عمقًا.
فيما أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية حلمي جولار، في 20 مايو 2007، أن الغاز الطبيعي المكتشف في البحر الأسود قبالة شواطئ مدينة أكتشاكوجا سيكفي نحو 10% من احتياجات المنازل من الغاز الطبيعي.
وقبل أيام من التصويت على اختيار رئيس الجمهورية داخل البرلمان، في 26 أغسطس 2007، نشرت أخبار عن توصيل إنتاج البترول من البحر الأسود بالشبكة الوطنية؛ وفي 15 مايو 2009 تم إعلان اكتشاف حقول غاز طبيعي قرابة شواطئ مدينة أكتشاكوجا في البحر الأسود، وأن شركة بترول تركيا بدأت أعمال الدراسة والفحص في المنطقة المذكورة.
وأعلنت شركة بترول تركيا اكتشاف حقل للغاز الطبيعي في غرب البحر الأسود على عمق 1600 متر، في 17 يونيو 2010، وأنها بدأت أعمال التنقيب عن حقل جديد محتمل على عمق 100 متر يبعد 14 كيلومترًا عن شواطئ مدينة أكتشاكوجا؛ فيما أعلنت شركة بترول تركيا أن المنصة الرابعة لاستخراج البترول بدأت في العمل بقدرة 250 ألف متر مكعب يوميًّا، في 29 مارس 2011، ليصل إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي إلى 600 ألف متر مكعب يوميًّا.
ليس هذا فحسب، ففي 25 أغسطس 2012 أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية تانير يلديز، اكتشاف كميات كبيرة من البترول في محيط مدينة حكاري ذات الأغلبية الكردية، قائلًا: «ولكن يستطيع القطاع الخاص أو حتى شركة بترول تركيا استخراجه بسبب الإرهاب، بينما ذكرت جريدة «مليت» التركية في 10 مارس 2013، أن البحر الأسود بات مسرحًا جديدًا لصراع الطاقة، وأن الشركات العالمية تتوافد للعمل هنا، وأن هذا يؤكد وجود احتياطات ضخمة على سواحل تركيا.
وفي 29 يونيو 2020 قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية فاتح دونماز: «أعمال تنقيب شركة بترول تركيا أسفرت عن اكتشاف الغاز الطبيعي في أكتشاكوجا، وتمكنا من اكتشاف احتياطيات من الغاز الطبيعي، ويجري إنتاجه، وهناك اكتشافات وإنتاج لنا في غرب البحر الأسود، ولدينا المزيد من الأمل في البحر الأسود».
بروباجندا إعلامية
بدأ النظام التركي برئاسة أردوغان إلى التطرق للإعلام الموالي له للترويج عن الانتصارات الزائفة؛ حيث استثمر أجهزة دعاية حزب العدالة والتنمية خبر العثور على احتياطي للغاز في البحر الأسود للترويج لدخول تركيا مجموعة منتجي الغاز، وكيف أنه سوف يغير من أسعار الغاز، إلا أن هذه الحملة الإعلامية لم تستند حتى الآن على موقف أو رأي دولي لمؤسسة عالمية معتمدة تؤكد أن كل تلك الكميات من الغاز تحت تصرف تركيا.
وبدأ أردوغان وإعلامه في مواصلة الترويج للبُشرى على أنها اكتشاف ضخم، وسيحقق رخاءً اقتصاديًّا لتركيا بسبب حجمه الضخم للغاية، إلا أن الحقيقة أن الاحتياطي المعلن لا يتجاوز 2 من ألف من الاحتياطات العالمية المقدَّرة بنحو 203.14 تريليون متر مكعب.
وبالرغم من أن إعلان أردوغان كان من المنتظر من ورائه تحقيق سيولة اقتصادية داخل البلاد، وإحداث حالة من الطمأنينة في الأسواق، فإن الرد جاء سريعًا من خلال انهيار أسهم شركات الطاقة في بورصة إسطنبول بمعدلات حادة، وكذلك سجلت الليرة التركية انهيارًا جديدًا أمام العملات الأجنبية.
لم يكن هذا الأمر هو الوحيد الذي يروج له إعلام أردوغان، بل تطرق الترويج إلى أن اتفاقية لوزان تمنع تركيا من التنقيب واستخراج مواردها.





