التنقيب في شرق المتوسط.. أردوغان يُعادي الاتحاد الأوروبي من أجل «غاز» قبرص
لا تزال العلاقات «الأوروبية - التركية» تشهد العديد من التوترات على خلفية الوضع في شرق المتوسط، حيث تصر أنقرة على التنقيب عن الغاز داخل حدود المياه الإقليمية لدولة قبرص، ما دفع الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات عليها.
وعلق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان،
السبت 24 أغسطس 2019، على الموقف الأوروبي في مؤتمر صحفي عقده في أنقرة، ونقله موقع
أحوال تركية، قائلًا: «إن الاتحاد الأوروبي الذي أعلن عن إجراءات مزعومة لا يضر
بنا بقدر ما يضر بنفسه».
واستكمل حديثه: «نواصل نشاطنا في
مجال التنقيب، وسنواصل ذلك بالعزم نفسه»، مؤكدًا أن الدول الأوروبية التي ترفض
التنقيب عن الغاز الآن، ستقف أمام أبوابنا عندما يتم اكتشاف آبار الغاز في شرق المتوسط.
الواضح من التصريحات التركية أن أنقرة
تدرك جيدًا معاناة أوروبا من أزمة استيراد الطاقة الروسية، وتعتقد أن اكتشاف آبار الغاز
قد يغير من الموقف الأوروبي، خاصة بعد أن تقدم الأخيرة الغاز التركي كبديل عن الغاز
الروسي، الذي يلاقي معارضة من القوميين الأوروبيين، الذين يعتقدون أن الاعتماد على الغاز
الروسي يضعف من الموقف الأوروبي، ويزيد من قدرة موسكو على ممارسة النفوذ بصفة عامة على
الأوروبيين.
علي صعيد متصل، أرسلت تركيا 4 سفن محلية الصنع من أجل التنقيب عن الغاز، أبرزها سفينة الفاتح، كما أرسلت، منذ شهور، فرقاطات عسكرية مع هذه السفن من أجل منع أي اعتداء عسكري عليها، في إشارة واضحه للرغبة التركية بالدخول في حرب عسكرية إذا تطلب الأمر من أجل اكتشاف الغاز.
وتعمل تركيا جاهدة على اكتشاف الغاز، من
أجل استغلاله في سد عجز موازنتها الذي تزايد مع انخفاض سعر الليرة المحلية
مقابل الدولار الأمريكي، كما تعول أنقرة على الغاز من أجل سد احتياجاتها من الطاقة، والتي تستهلك قرابة 20% من الموازنة العامة، ما يعني أن الغاز في شرق المتوسط لن يمنح
تركيا وفرة من العملة الأجنبية فقط، ولكنه سيوفر للاقتصاد التركي نوعًا من الاستقرار
من خلال تزويده بمصدر دخل ثابت.
وتصر تركيا على التنقيب عن الغاز، رغم العقوبات
الأوروبية، اعتقادًا منها أن اكتشافات الغاز ستوفر لسياساتها الخارجية نوعًا من الاستقرار
والاستقلالية السياسية، خاصة بعد أن سحبت الولايات المتحدة الاستثناءات التي كانت ممنوحه
لبعض الدول التي تستورد الغاز والنفط من إيران.
من الجدير بالذكر؛ أن الاتحاد الأوروبي أقر في منتصف يوليو الماضي سلسلة من الإجراءات السياسية والمالية في إطار فرض
عقوبات على تركيا لمواصلتها أعمال التنقيب بشكل غير شرعي في المياه الإقليمية القبرصية
رغم التحذيرات الأوروبية.
وقد تضمنت هذه الإجراءات اقتطاع 145.8 مليون
يورو من المبالغ الأوروبية التي يفترض أن تستفيد منها تركيا عام 2020، باعتبارها دولة
مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
كما تضمنت العقوبات؛ تعليق المفاوضات حول اتفاق النقل الجوي الشامل مع تركيا، ووقف اجتماعات مجلس الشراكة والاجتماعات رفيعة المستوى مع أنقرة في الوقت الحالي.
كما دعت المفوضية الأوروبية بنك الاستثمار
الأوروبي إلى مراجعة نشاطاته المتعلقة بالاقتراض والاستثمار في أوروبا.
من جانبه، أكد الباحث محمد حامد المتخصص في الشأن التركي، أن النظام التركي لن يتراجع عن فكرة التنقيب في شرق المتوسط لأنه يحاول أن يفرض واقعًا جديدًا يتعلق بقبرص التي يرفض الاتحاد الأوروبي الاعتراف بها.
كما أكد حامد في تصريحات خاصة لـ «المرجع» أن أوروبا لن تتمادي في فرض العقوبات على تركيا، في الوقت الراهن، بسبب قدرة أنقرة على
تمثيل تهديد حقيقي لأوروبا من خلال ورقة اللاجئين، موضحًا أن تركيا تريد ايجاد أي مصدر
جديد للنقد الأجنبي من أجل مساعدة الاقتصاد المترهل.





