المواجهة المباشرة.. واقع الصراع التركي اليوناني بعد الخلافات التاريخية
خلافات عدة صدرتها أنقرة إلى جيرانها الأوروبيين للبحث عن فرض الهيمنة والسيطرة على غاز المتوسط، وفتح الحدود التركية أمام اللاجئين للعبور إلى أوروبا، إضافة إلى تدفق الإرهابيين إليها، حيث تأتي كل من اليونان وقبرص في المرتبة الأولى من الخلاف والصراع مع تركيا، لاسيما اليونان التي كان الصراع بينهما له أصول تاريخية ويعود إلى ما يقرب من قرنين من الزمان.
قضايا خلافية
ولم تتمثل تلك الخلافات والصراعات بينهما عند هذا الحد، بل كان من أبرز القضايا الخلافية بين تركيا واليونان، إيواء أثينا لمعارضين أتراك وأكراد مطلوبين من قبل الحكومة التركية، ومحاولة اليونان توسيع نطاق حدودها البحرية في بحر إيجة، والتنقيب عن مصادر الطاقة شرق المتوسط.
للمزيد: هي للإرهابيين فقط.. مسؤولو تركيا لأوروبا: بلادنا ليست فندقًا لمواطني الدول الأخرى
المواجهة المباشرة
وعن الاستعداد للدخول في مواجهة مباشرة مع تركيا، صرح نائب وزير الدفاع الوطني اليوناني ديمتريس فيتساس أن تركيا تحاول حل مشاكلها الداخلية والخارجية من خلال رؤية استفزازية عدوانية رجعية للتفاعلات الدولية، حيث نقلت صحيفة "تانيا" اليونانية عن فيتساس قوله: "إذا حاولت تركيا توسيع حدودها البحرية فإن اليونان لديها القدرة للرد دبلوماسياً وعسكرياً على هذا التوسع، وإن كانت لا تتمنى أن تصل الأمور إلى هذه النقطة".
بينما أكد رئيس الوزراء اليوناني «كيرياكوس ميتسوتاكيس» أثناء لقائه بوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أن أنقرة تنتهك الحقوق السيادية لقبرص، من خلال تحركاتها الأخيرة التي تقوم بها، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة لها مصلحة خاصة في منطقة شرق البحر المتوسط. وقبرص لا تطلب إلا ما هو بديهي وهو تنفيذ القانون الدولي.
مطامع وابتزاز
وخلال مقال جاء تحت عنوان "حول مطامع تركيا وابتزازها لأوروبا عبر اليونان إلى درجة قد تنتهي بإشعال حرب في شرق المتوسط"، لـ"سيرغي مانوكوف"، أكد أن الوضع في شرق البحر الأبيض المتوسط يزدادتوترا، فكما من قبل، تفاقمت العلاقات بين أنقرة وأثينا، إلى حد أن وزير الدفاع اليوناني نيكوس باناغيوتوبولوس، قال في مقابلة تلفزيونية إن اليونان مستعدة لكل شيء، بما في ذلك الصراع العسكري مع الأتراك، إذا استمروا في الاستفزازات.
ولفت إلى أنه إضافة إلى مكامن الغاز والنفط، يدور الصراع حول خط أنابيب الغاز البحري الذي تبلغ طاقته 7 مليار متر مكعب وطوله 2200 كيلومتر، سيمر خط الأنابيب إلى إيطاليا على طول ساحل قبرص، وكريت اليونانية، وكذلك من خلال المناطق الاقتصادية الخالصة لمصر وليبيا، حيث تسعى أنقرة بأن تكون متفردة دون حلفاء توتّر بشكل متعمد العلاقات مع الدول الأوروبية الواقعة في الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، واليونان بالدرجة الأولى، وبالتالي مع الاتحاد الأوروبي الذي يدعم أثينا ونيقوسيا.
ويبتز الرئيس أردوغان أثينا، حيث لوّح بأنه إما أن تُعدّل اليونان وقبرص مسار خط الغاز بحيث يمر عبر المياه التركية، أو تبدأ تركيا الاستكشاف في مياه اليونان وقبرص، مؤكدًا أنه لن يكون من السهل تحقيق مطلب أنقرة، لكن الأتراك يأملون في أن لا تتمكن بروكسل، كحالها العام الماضي، من الرد بقوة وفاعلية على استفزازاتها.
صراع الغاز
لم يهدأ الصراع اليوناني التركي حول المتوسط بشأن التنقيب عن الغاز، ما دفع الأخير إلى ضرب كل المواثيق والأعراف الدولية عرض الحائط متحديًا بتعاملاته مع حكومة الوفاق بترسيم الحدود البحرية كافة الدول الأوروبية وعلى رأسهم اليونان،الأمر الذي دفع قادة الاتحاد الأوروبي تلويحهم بإلغاء اجتماع مع أردوغان معربين عن تضامنهم مع قبرص واليونان على خلفية اتهامات نيقوسيا تركيا بالتهديد باستخدام القوة ضد سفينة حفر استأجرتها شركة إيني الإيطالية، حيث ذكر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، أن اليونان وقبرص لهما الحق السيادي في التنقيب عن الموارد في شرق البحر المتوسط، وذلك على هامش قمة غير رسمية للاتحاد الأوروبي.
واتهمت قبرص تركيا بتهديدها باستخدام القوة لمنع شركة إيني الإيطالية من التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط، إذ أوقفت البحرية التركية سفينة حفر وتنقيب، تابعة لشركة "إيني" الإيطالية، كانت في طريقها لاستكشاف الغاز في المياه القبرصية، حيث أعلنت شركة "إينى" الإيطالية توقيف سفينة، كانت في طريقها لموقع بحري يعرف باسم "بلوك 3"، من قبل بوارج تركية بحجة وجود نشاطات عسكرية في المنطقة المقصودة.
وبدأت الأزمة حينما خرج وزير خارجية تركيا المدعو مولود جاويش أوغلو، معلنًا أن اتفاقية ترسيم الحدود الموقعة بين مصر وقبرص "غير قانونية" وإن ليس من حق أي دولة القيام بأي أبحاث أو تنقيب في هذه المنطقة، حيث نصح أردوغان، في خطابه أمام البرلمان، الشركات الأجنبية التي تقوم بفعاليات التنقيب قبالة سواحل قبرص، بأن لا تكون أداة في أعمال تتجاوز حدودها وقوتها من خلال ثقتها بالجانب القبرصي، الأمر الذي دفع مصر إلى الرد على التصريحات التركية، وحذرت وزارة الخارجية المصرية من أي مساس بـ"حقوق مصر السيادية" في هذه المنطقة.
للمزيد: من التهديد للاستجداء.. أردوغان في بروكسل مع قادة الاتحاد الأوروبي لبحث أزمة اللاجئين





