ad a b
ad ad ad

«كارتل طرابلس».. مافيا الميليشيات تتحكم في «الوفاق»

الخميس 30/يوليو/2020 - 02:58 م
المرجع
مصطفى كامل
طباعة

أعطت هدنة الحرب في ليبيا قبلة الحياة والأمل للميليشيات الإرهابية، بالعبث المتواصل في المناطق التي سيطرت عليها حكومة الوفاق، وتحديدًا العاصمة طرابلس، إذ تحولت الميليشيات من جماعات مسلحة تتقن القتل إلى مافيا منظمة تمتلك شبكات تؤثر في الاقتصاد والأعمال والسياسة والإدارة، إضافة إلى سيطرتها على قرارات «الوفاق» في الآونة الأخيرة، وتحكمها بها.


للمزيد: أنقرة تحشد المرتزقة لمعركة النفط.. والجيش الوطنى الليبي: «الجحيم ينتظرهم»

«كارتل طرابلس»..

مافيا الميليشيات

تمكنت الميليشيات المسلحة مع اندلاع الأزمة الليبية عام 2011، من تأسيس دور قوي لها، مستغلة انهيار مؤسسات الدولة، وغياب سلطة القانون، إضافة إلى انتشار السلاح لتكوّن لنفسها مناطق نفوذ تحت سلطة الرصاص؛ ما أدخل البلاد دوامة من العنف والفوضى.


ووفق تقرير تم تسريبه ويتكون من 160 صفحة من قبل لجنة خبراء منظمة الأمم المتحدة، وتم تهديدها من قبل الميليشيات الإرهابية على إثره، كشف عن عمليات فساد ونهب واسعة لأموال عامة، وعمليات مصرفية غير قانونية تخص 10 شركات تعمل لصالح جماعات مسلحة موجودة في منطقة تاجوراء في العاصمة طرابلس، حصلت على اعتمادات مستندية من مصرف الجمهورية، والمصرف الليبي الخارجي بقيمة مليار دوﻻر لكل منهما حتى فبراير من العام 2016.


وفي مايو 2018 كشفت تسريبات عن قائمة تضم شركات مملوكة لأمراء الميليشيات في العاصمة طرابلس، جرى منحها اعتمادات مالية بقيمة 65 مليون دولار.

«كارتل طرابلس»..

كارتل طرابلس

وأكدت التسريبات ما ورد في بحث لمركز «سمال آرمز سيرفي» للدراسات، والذى أكد أن الوضع السياسي والاقتصادي في ليبيا بات في قبضة تحالف ميليشيات العاصمة أطلق عليه البحث اسم «كارتل طرابلس»، بدعم من حكومة الوفاق ومجلسها الرئاسي، وأصبحت شركة «كارتل طرابلس» شبكة إجرامية تضم ميليشيات أهمها ما يعرف باسم «قوة الردع الخاصة» بقيادة عبد الرؤوف كارة، وكتيبة «ثوار طرابلس» بقيادة هيثم التاجوري، وكتيبة «أبو سليم» التي يتزعمها أغنيوة وفي الأخير كتيبة «النواصي» بزعامة على قدور.


فيما كشفت دراسة للمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمن الدولي عن سيطرة الميليشيات على قرارات «الوفاق»، موضحةً أن الميليشيات تحولت من جماعات مسلحة إلى «مافيا منظمة» تمتلك شبكات تؤثر في الاقتصاد والأعمال والسياسة والإدارة في العاصمة، وهذا جعل الاقتصاد الليبي والأموال الليبية تصب في مصلحة فئة صغيرة جدًّا، ودائرة أصغر من أي فترة مضت منذ أحداث فبراير 2011.

«كارتل طرابلس»..

فقد السيطرة

بالرغم وصول حكومة «الوفاق» الليبية برئاسة فايز السراج، إلا أنها لم تستطع كبح جماح الميليشيات، بل سارعت إلى شرعنة بعضها والاعتماد عليها، وظل كل شيء يدار عبر أمراء الحرب كالعادة، ففي ما يخص الاعتمادات، تعرضت لجنة خبراء منظمة الأمم المتحدة في شهر مارس 2018، لتهديدات ميليشياوية مباشرة بعد أن تم تسريب تقرير، من 160 صفحة، يكشف عن عمليات فساد ونهب واسعة لأموال عامة، عبر عمليات مصرفية وهمية لصالح بعض قادة ميليشيات تسيطر على مصارف في طرابلس.


ومنذ وصولها إلى طرابلس، لم تنجح «الوفاق» في وقف الاشتباكات المتكررة التي حصدت أرواح الكثيرين، على غرار الاشتباكات التي اندلعت نهاية أغسطس 2018، والتي تواصلت على مدى أسابيع مخلفة 115 قتيلا و383 جريحا، إضافة إلى الخسائر المادية الكبيرة جراء استهداف المنشآت النفطية والمطار والمباني العامة والخاصة.


ولم تنجح أيضًا، اللجنة التي شكلتها «الوفاق» في سبتمبر 2018 بإعادة ترتيب الأمن لطرابلس، ولكن تصاعدت وتيرة الاغتيالات بين الميليشيات كما طالت سئولين أمنيين، إذ اغتيل مدير فرع جنوب طرابلس لمكافحة المخدرات المقدم علي بوشهيوة، عن طريق مجهولين في منطقة «قصر بن غشير»، إحدى ضواحي العاصمة الليبية طرابلس.


ويمكن القول بأن الحكومات التي تعاقبت على العاصمة طرابلس كانت تدار عبر الميليشيات التي كانت تستعملها لاستنزاف الأموال الأمر الذي أكده رئيس الحكومة السابق «علي زيدان»، في تصريحات صحفية، حين كشف عن ملف تمويل ميليشيات «الدروع المتطرفة» التي تحولت لاحقًا إلى أنصار شريعة وداعش وغيرها من التنظيمات، قائلا: إنه وجدها أمامه وقد شكلتها حكومة «عبد الرحيم الكيب» وشرعنتها رئاسة أركان يوسف المنقوش، وبأنه تعامل معها كواقع موجود أمامه عند توليه الحكومة.

 فائز السراج
فائز السراج

ميليشيات في كنف الوفاق

سارعت حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، عقب إعلان الجيش الوطني الليبي بدء عملية الطوفان في أبريل 2019، لإطلاق عملية عسكرية باسم «بركان الغضب»، والتي تكونت من تحالفات بين الميليشيات المتصارعة، إضافة إلى العناصر والجماعات المتطرفة والإرهابية من تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، على غرار قوات أبي عبيدة الزاوية، والتي تتمركز بشكل أساسي في مدينة الزاوية الليبية، ويقودها شعبان هدية المكنى بأبي عبيدة الزاوي.


وبعد الانسحاب التكتيكي للجيش الوطني الليبي من طرابلس، احترامًا للمطالبات الدولية، وإنجاحًا لمساعي الحل السلمي للأزمة، عادت إلى واجهة الأحداث الصراعات الدامية بين هذه الميليشيات في إطار الصراع على النفوذ في مناطقها، خاصة مع وجود فوارق عقدية وولاءات مختلفة بين الجهوية والانتماءات لتنظيمات إرهابية مختلفة منها الموالي لتنظيم داعش أو القاعدة أو الإخوان.


فيما انضم «لواء الصمود» بقيادة الإخواني صلاح بادي، للقتال ضد الجيش الوطنى الليبي، ويعتبر صلاح بادي أحد أبرز قيادات عملية فجر ليبيا، ويحمل رقم 71، ضمن قائمة الإرهاب، التي أعلنها مجلس النواب، وشملت أكثر من 75 إرهابيا متورطين في جرائم حرب؛ إضافة إلى قوات ما يسمى بـ«سرايا الدفاع عن بنغازي» المصنفة عربيًّا على لوائح التنظيمات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة في شمال أفريقيا، والتي أعلنت انضمامها لقوات الوفاق في طرابلس والمنطقة الغربية.


وكشفت معركة طرابلس عن انتشار العديد من العناصر الإرهابية الفارة من مناطق في شرق وجنوب البلاد وانضمامها للقتال في صفوف الميليشيات ضد الجيش الوطني الليبي على غرار فلول مجالس شورى بنغازي وإجدابيا ودرنة الفارة من المنطقة الشرقية، وبقايا تنظيم أنصار الشريعة، وتنظيم القاعدة الفارة من صبراتة وسرت ومناطق الجنوب.


للمزيد: غليان شعبي من مرتزقة «أردوغان».. الصراعات المسلحة تفتك بالميليشيات في ليبيا

"