«آيا صوفيا».. شعلة الفتنة في يد أردوغان لحرق السلم الدولي
حلقة جديدة من مسلسل التدليس والاتجار بالدين، عنوانها حماية الإسلام، وبطلها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي ادعى أنّ تحويل «آيا صوفيا» المعلم التاريخي الشهير إلى مسجد، يعتبر بعثًا جديدًا قد تأخر.
ترميم شعبية منهارة
إجراء أقدم عليه أردوغان لترميم شعبيته المنهارة؛ وبحثًا عن دعم مفقود في الداخل والخارج، دون الاكتراث إلى الاحتجاجات العالمية التي نددت بقرار التحويل باعتباره قرارًا يستفز العالم المتحضر، يجب التراجع عنه.
فبعد 86 عامًا ظل فيها «آيا صوفيا» تحت تصنيف المتحف الأثري، أقرت الهيئة العليا، أعلى محكمة إدارية في تركيا، الجمعة 10 يوليو 2020، بالإجماع إلغاء القرار الصادر من حكومة مصطفى كمال أتاتورك، في عام 1934 بتحويل كاتدرائية «آيا صوفيا» إلى متحف، وفتحه أمام المسلمين كمسجد، وقع أردوغان سريعًا مرسومًا يقضي بتسليم مجمع آيا صوفيا التاريخي في إسطنبول إلى السلطة الدينية في البلاد وإعادة فتحه أمام المسلمين للصلاة، دون اكتراث للانتقادات الدولية والإدانات، وإعراب عدد من القادة السياسيين والدينيين عن خيبة أملهم إزاء القرار.
دعم من المتطرفين
على وقع تحويل كنيسة إلى مسجد، فإنّ العلاقة الغامضة بين أردوغان، والتنظيمات الإرهابية المتشددة، وكذا الأفراد المصنّفين على قوائم الإرهاب، حيث تبدو واضحة، مرة، وخفية مرات أخرى، خاصة في صراعاته الإقليمية في كل من سوريا وليبيا، والأخيرة أعادت، مجددًا، ملفّ توظيف القوى المتطرفة في سبيل تحقيق أهدافه السياسية والبراجماتية، بعد أن كشفت المنظمات الحقوقية، المحلية والأجنبية، نقل وتعبئة المرتزقة السوريين في المناطق الخاضعة لسيطرته، في شمال شرق سوريا إلى جبهات القتال الجديدة، إضافة إلى دعم بعض الشخصيات المعروفة بصلاتها بتنظيمات إرهابية، مثل القاعدة وداعش.
وفي تغريدات على «تويتر» الجمعة 10 يوليو 2020، زعم أردوغان أنّ تحويل المعلم التاريخي الشهير آيا صوفيا إلى مسجد، يعتبر «بعثًا جديدًا قد تأخر»، و«بشارة نحو عودة الحرية للمسجد الأقصى».
وأضاف أردوغان أنّ «إحياء آيا صوفيا هو بداية جديدة للمسلمين في أنحاء العالم كافة من أجل الخروج من العصور المُظلمة.. وسلام مُرسل من أعماق قلوبنا إلى جميع المدن التي ترمز لحضارتنا بدءًا من بخارى وصولا إلى الأندلس».
بينما اتهم الكاتب المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي، مالك العثامنة، في مقال له بعنوان «آيا صوفيا.. عود ثقاب في يد أردوغان»، أردوغان بالهروب من أزماته الداخلية من خلال هذه التصريحات، قائلًا: «فكرة تحويل آيا صوفيا إلى مسجد كانت دومًا مطالبة لجمعية دينية سلفية متطرفة في إسطنبول، اسمها جمعية شباب الأناضول الإسلامية، والتي نادت منذ صيف عام 2014 بتحويل الكنيسة إلى جامع بإعلان رسمي من الدولة. أردوغان تبنى حينها موقف الجمعية ضمنيًا، والتي قامت بحملة شرسة تحت شعار أحضر سجادتك وتعال مع جمعها 15 مليون توقيع لترسيخ مطلبها، الذي لا تجد له معنى في مدينة ممتلئة بالمساجد في كل حارة وكل حي».
وأضاف: «تم تأجيل التنفيذ إلى اليوم، ليعلن أردوغان الذي يتقن إثارة الأزمات للهروب من أزماته الداخلية، حربًا دينية وعقائدية ضمن حروبه غير المنطقية على كل جيرانه من حوله بكل الاتجاهات.. أردوغان ماهر في إشعال النيران، التي لا يعرف أحد منتهاها في عالم ضجر من العبث».
صرف الانتباه
في الجهة المقابلة أظهر استطلاع رأي أجرته شركة متروبول التركية، في يونيو 2020، أن نحو 55 % ممن شاركوا فيه إن السبب الرئيسي لإعادة آيا صوفيا إلى مسجد هو صرف انتباه الشعب التركي عن المناقشات حول الأزمة الاقتصادية في تركيا، علاوة على كونه محاولة لتعزيز الحكومة قبل انتخابات مُبكرة.
بينما قال سونار كاجابتاي، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن هذه الخطوة ما هي إلا تحرك آخر من قبل أردوغان لفرض سياسته التي تعتمد على الإسلام المحافظ، وتتداخل مع رغبته القوية في أن يصبح السلطان الجديد للبلاد، بغض النظر عن الانتقادات الدولية والمحلية، كما أن لقرار أردوغان بشأن آيا صوفيا له جانب تكتيكي، وقال«يأمل الرئيس التركي في حشد قاعدته الجماهيرية حوله، وإقناعهم بأنهم كانوا ضحية للعلمانيين الذين تجرأوا على حرمانهم من حرية الصلاة في المبنى التاريخي».
للمزيد: «أيا صوفيا».. فخ سياسي ينصبه أردوغان لنفسه بتسييس الدين





