ad a b
ad ad ad

البراجماتية الأردوغانية تكتب تاريخًا جديدًا لـ«آيا صوفيا»

الجمعة 29/مارس/2019 - 10:23 ص
«آيا صوفيا»
«آيا صوفيا»
نهلة عبدالمنعم
طباعة

يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عادته في إثارة اللغط داخل أوساط المجتمع التركي والدولي؛ إذ صرح في 27 مارس 2019 عن عزمه تحويل «آيا صوفيا» من متحف ديني إلى مسجد، مشيرًا إلى أن بقاءه كمتحف كان خطأً كبيرًا.


وفي معرض حديثه مع قناة «الخبر التركي» بالأمس قال أردوغان: إن المتحف الذي يُعد من أهم المعالم التاريخية والسياحية في إسطنبول سيتم تغيير وضعه الحالي قريبًا، وسيصبح اسمه «مسجد آيا صوفيا» وسيزوره الناس وفقًا للاعتبارات الجديدة وليس كمتحف.


وآيا صوفيا هو متحف ديني موجود في منطقة السلطان أحمد بمدينة اسطنبول السياحية، وقد تم إنشاؤه في 537 م ككاتدرائية أرثوذكسية، وظل معلمًا مسيحيًّا حتى عهد السلطان العثماني محمد الفاتح، وحينذاك تم تحويله لمسجد، بَيْدَ أن عام 1935 قد شهد إعلانه متحفًا دينيًّا، وليس مسجدًا، مستقطبًا العديد من الزوار والسياح سنويًّا.



البراجماتية الأردوغانية
وتأتي تصريحات الرئيس التركي على هامش المعركة الانتخابية المحتدمة حاليًّا بين أحزاب البلاد للفوز بنسبة الأصوات الأكبر في الانتخابات المحلية المزمع إقامتها في 31 مارس الجاري، والتي يتنافس فيها حزب العدالة والتنمية صاحب الهوية الإخوانية مع حزب الشعب الجمهوري صاحب الأيديولوجية العلمانية الذي يرأسه كمال كليتشيدار أوغلو.

ويستغل أردوغان الدين الإسلامي وتزايد شعبيته بين المواطنين في محاولاته للتكسب السياسي والفوز في الانتخابات، فالتوقيت الذي اختاره الرئيس ليعلن عن تحويل آيا صوفيا من متحف لمسجد، يتوافق مع قرب الانتخابات التي شهدت منذ بدايتها متاجرةً دينيةً مرتفعة الأسهم.
البراجماتية الأردوغانية
وتوازيًا فهي تأتي بعد أيام من مجزرة نيوزيلندا التي وقعت في 15 مارس 2019 ضد مسجدين بمدينة كرايست تشيرش، فالسلاح الذي استخدمه الإرهابي المتطرف في جريمته قد كتب عليه عبارات عن أمنياته بهدم مآذن «آيا صوفيا» وتحويله إلى كنيسة.

وهي الواقعة ذاتها التي تحولت إلى ورقة انتخابية يتاجر بها أردوغان، ويشير من خلالها إلى أن اسطنبول لن تصبح قسطنطينية، وأن إرهابي كرايست تشيرش وأمثاله لم يعرفوا التاريخ التركي العثماني حق المعرفة.

وفي ضوء ذلك، يتضح أن آيا صوفيا تحول بفعل التزامن بين حادثة نيوزيلندا والاستحقاق المحلي إلى تعهد انتخابي يحاول أردوغان أن يفي به، ولو على حساب تمسكه بالعلمانية التي لطالما تاجر بها في بادئ فترات ولايته كرئيس للدولة.

وربما يكون من الشواهد على ذلك أن المطالبات الداخلية بإعادة آيا صوفيا إلى ثوبه كمسجد إسلامي قديمة وطاعنة في التاريخ، ولم يستجب لها أردوغان حتى في أوج عنفوانها في أكتوبر 2018 عندما قامت عارضة الأزياء البلجيكية الشهيرة ماريسا بابن بالتعري داخل آيا، ونشر صورها الفاضحة من داخل الرمز التاريخي.

وتعليقًا على البراجماتية الأردوغانية يقول الباحث في الشأن التركي، كرم سعيد في تصريح خاص للمرجع: إن إشارات أردوغان لموقف آيا صوفيا هو توظيف لحادثة نيوزيلندا الإرهابية؛ من أجل الحصول على ميزات سياسية تمنحه تشكيلًا جديدًا للمحليات، حال فوز الحزب بها، كما أن العادة لدى الرئيس التركي هي ترويج ذاته حاميًا للتاريخ العثماني، ووليًّا جديدًا للدولة التي كانت تعتبر الإسلام هو مصدر وجودها.

"