ad a b
ad ad ad

بلجيكا تواجه الإرهاب.. إجراءات مشددة تبدأ من حي مولينبيك

الثلاثاء 10/يوليو/2018 - 04:58 م
حي مولينبيك ببلجيكا
حي مولينبيك ببلجيكا
أحمد سامي عبدالفتاح
طباعة
ارتبط اسم حي مولينبيك بالإرهاب منذ أحداث باريس الدموية التي وقعت في 2015، والتي راح ضحيتها أكثر من 130 شخصًا؛ حيث اتخذ المتورطون في هذا العمل الإرهابي من الحي الواقع في مدينة بروكسل موطنًا لتجميع المعلومات والتخطيط لتنفيذ هجومهم الدموي.

بلجيكا تواجه الإرهاب..
استشعرت السلطات البلجيكية خطورة هذا الحي على أمنها القومي، وبدأت في اتخاذ إجراءات عاجلة بهدف مواجهة ظاهرة التطرف الفكري الآخذة في الانتشار في حي يقطنه أغلبيه مسلمة من المهاجرين المغاربة والأتراك. في الإطار ذاته، أدركت الحكومة البلجيكية ضرورة توخي الحذر في التعامل مع الإقليم، خوفا من أن يستغل المتطرفون حدة سياساتها الأمنية الجديدة- الهادفة لمواجهة الإرهاب- في استقطاب المزيد من الشبان العاطلين عن العمل، ووضعت الحكومة البلجيكية خطة محكمة تضمنت العمل من خلال محاور عدّة.

فعلى صعيد المستوى الأمني، عملت الحكومة البلجيكية على زيادة أعداد قوات الأمن ليس فقط في حي مولينبيك ولكن أيضا في أحياء أخرى داخل العاصمة البلجيكية، مثل أندرلخت. وقد هدفت الحكومة البلجيكية بالأساس من هذا الإجراء إلى منع هروب الخارجين عن القانون، أو المتطرفين من حي مولينبيك إلى الأحياء المجاورة.

أسهمت تلك السياسة الأمنية بالفعل في منع تحويل المتطرفين لنشاطهم من مولينبيك إلى الأحياء الأخرى، كما قامت قوات الأمن البلجيكية بحملات مداهمة؛ من أجل القبض على الأفراد الذين يشتبه بضلوعهم في تنظيمات إرهابية. 

بلجيكا تواجه الإرهاب..
على صعيد متصل، أدركت الحكومة البلجيكية ضرورة محاربة الاقتصاد الموزاي، الذي يقوم على أعمال تجارية غير شرعية -مثل تجارة المخدرات والسلاح- وفرت المصدر المالي المطلوب للمتطرفين لتنفيذ اعتداءاتهم الإرهابية. 

وما كانت الحكومة البلجيكية لتتمكن من تجفيف منابع الإرهاب المالية في حي مولينبيك دون معرفة الأعداد الحقيقية للسكان القاطنين داخل الحي نفسه. بعبارة أخرى، اعتاد ساكنو حي مولينبيك تقديم العون للمهاجرين غير الشرعيين انطلاقًا من جوانب إنسانية، أو مقابل مبالغ مالية من أجل إبقائهم بعيدًا عن قوات الأمن البلجيكية. وقد كشف وزير الداخلية البلجيكي في أعقاب هجمات باريس 2015 خطورة هذا الأمر، حينما صرح قائلًا: «يعيش في بعض بيوت مولينبيك 10 أشخاص، بينما المسلجون رسميًّا في البلدية يقلون عن نصف هذا العدد، وهو وضع غير مقبول، وعلينا أن نعرف من يعيش على التراب البلجيكي». 

وقد دعمت الحكومة البلجيكية السلطات المحلية داخل الحي من أجل إجراء حصر بساكنيه كافة، وتحديد الدخلاء عليه. 

كما تبنت الحكومة البلجيكية خطة بهدف رفع المستوى التعليمي، ومنح الشباب ما بين سن 15 و16 سنة فرصة الاندماج في العمل الوظائفي العام؛ من أجل قطع الطريق على التنظيمات المتطرفة التي تستغل سوء الأحوال المادية لدى بعض الشباب في إقناعهم بالانضمام إليها. 

وفي الإطار ذاته، وافق مجلس الوزراء على مرسوم ملكي؛ بهدف دعم عدد من المشروعات الرائدة داخل عدد من أحياء العاصمة البلجيكية بروكسل- ومنها حي مولينبيك- بمبلغ مليون يورو. 

ربما القضية الأهم التي لم تتعامل معها الحكومة البلجيكية بالقدر المناسب هي فكرة التعايش السلمي بين الثقافات المختلفة، وزرع الأنا القومية في وجدان المهاجرين، وتحجيم النزعة الدينية الجماعية التي قد تثور في أي نزاع مستقبلي داخل البلد، الذي يتسم بالتنوع الثقافي والعرقي. 

ولكي تتمكن الحكومة البلجيكية من فعل ذلك، عليها أن تقوم بتحسين ظروف العمل الخاصة بساكني الأحياء الشعبية مثل مولينبيك، علاوة على تقديم إغراءات وظائفية لقاطني هذا الحي؛ بهدف دفعهم لمغادرته نحو أحياء أخرى؛ ما سوف يُسهم في كسر روابهم الثقافية، ودفعهم نحو اكتساب أخرى تتسق مع الذات القومية، وفي نهاية المطاف سيؤدي هذا الأمر إلى إذابتهم في حاوية المجتمع البلجيكي. 
"