ad a b
ad ad ad

«آيا صوفيا».. مسمار جديد في نعش «أردوغان»

الثلاثاء 14/يوليو/2020 - 10:08 ص
المرجع
شيماء يحيى
طباعة

بعد 86 عامًا ظل فيها «آيا صوفيا» تحت تصنيف المتحف الأثري، أقرت الهيئة العليا، أعلى محكمة إدارية في تركيا، بالإجماع إلغاء القرار الصادر من حكومة مصطفى كمال أتاتورك، في عام 1934 بتحويل كاتدرائية «آيا صوفيا» إلى متحف، وفتحه أمام المسلمين كمسجد، في خطوة أثارت ردود فعل واسعة داخليًّا وخارجيًّا.


وأكد هذا القرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بمرسوم رئاسي، الجمعة 10 يوليو، بنقل إدارة المعلم السياحي من وزارة الثقافة وتولية الأمر لهيئة الشؤون الدينية لإتمام عملية تحويل «آيا صوفيا» إلى مسجد، وقام بمباركة الشعب التركي على حسابه الرسمي على موقع التواصل «تويتر».


«آيا صوفيا».. مسمار

معارضة متباينة


وسط معارضات كثيرة لهذا الإجراء، كان هناك تجاذبات داخليَّة بين من أيد عدم تحويل المتحف إلى مسجد، وإبقائه كمتحف للأطياف والمعتقدات كافة، وبين فئة سلمت بفكرة تحويله إلى مسجد، وهم فئة الإسلاميين المتشددين، الذين طالما طالبوا على مر الأعوام السابقة بإعادة فتح المكان كمسجد مرة أخرى، لكونه يحمل رمزية كبيرة بالنسبة إليهم.


وعلى صعيد السخط الدولى من القرار، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونسكو»، عن أسفها الشديد لهذا القرار، منتقدة اتخاذه دون الرجوع إلى حوار مسبق حول وضع المتحف الذي كان قبل قرون كاتدرائية، وحذرت المنظمة، تركيا من تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، وحثت على الحوار قبل اتخاذ أي قرار.


اما الولايات المتحدة الأمريكية فقد أعربت عن أسفها بشأن القرار، وفي بيان لوزير خارجيتها مايك بومبيو، قال: «إن تركيا تدير «آيا صوفيا» كمتحف منذ قرن من الزمان، كمثال على احترام التقاليد الدينية للجمهورية التركية وللعصور المختلفة، ندعو حكومة تركيا إلى مواصلة الحفاظ على آيا صوفيا كمتحف، وضمان بقاء المكان متاحًا للجميع».


فيما أعربت الحكومة اليونانية عن استنكارها، وقالت وزيرة الثقافة لينا ميندوني: «لا أحد يحاول التدخل في الشؤون الداخلية لتركيا، ومع ذلك، فإن آيا صوفيا، الواقعة في أراضيها في إسطنبول، معلم أثري للبشرية جمعاء، بغض النظر عن الدين»، وأضافت أن حكم المحكمة يؤكد عدم وجود عدالة مستقلة في تركيا، واستفزاز مفتوح للعالم المتحضر بأسره، فهو بذلك يعزل تركيا ثقافيًّا، ويقود بلاده إلى الوراء 6 قرون مضت.


وللمزيد.. «أيا صوفيا».. فخ سياسي ينصبه أردوغان لنفسه بتسييس الدين


«آيا صوفيا».. مسمار

معاداة المسيحية


انتقادات لاذعة وجهتها الكنيسة الروسية الأرثوذكسية إلى أنقرة بشأن قرار تحويل متحف «آيا صوفيا» إلى مسجد، وقال المتحدث باسم الكنيسة فلاديمير ليجويدا، إن هناك تجاهلًا من الجانب التركي نحو قلق ملايين المسيحيين، والمناشدات الدولية التي حثت على ضرورة التعامل مع هذه القضية بدقة عالية.


واستنكر رجل الأعمال المصري القبطى، نجيب ساويرس، على حسابه الرسمي في موقع التواصل «تويتر»، القرار التركي، وقال «نبارك لك عداوة مسيحيي العالم كله».


«آيا صوفيا».. مسمار

تداعيات الخطوة


ويرى، منير أديب، الباحث المختص في شؤون الجماعات الإسلامية، أن هذا القرار خارج أي اعتبارات منطقية أو قانونية، بل إن منطق الرئيس التركي في هذا القرار برجماتي، يؤكد توظيفه الدين لأغراض سياسية، وأنه بالضرورة سيؤثر بشكل كبير على سلامة مقدسات المسلمين في كل مكان، وسوف يشجع غيرهم للتعامل مع المسلمين على نفس الشاكلة، بخاصةً المسجد الأقصى، فقد وظف الدين لمصالحه الشخصية وأهدافه السياسية ومحاولة استقطاب المحافظين في الداخل التركي، وهو ما يعد خلطًا للدين بالسياسة.


وقال «أديب» إن هذا القرار يعد سببًا في زيادة حدة احتكاك غير المسلمين بالمسلمين في أوروبا، فأي دعوة يبلغها «أرودغان» للعالم من خلال الإسلام الذي يؤمن به، فتنظيمات الإسلام السياسي لديها مشكلة مع الآخر المختلف في العقيدة، وما فعله «أردوغان» سبق وقاله قبل عشرين عامًا في حملاته الدعائية في الإنتخابات السياسية، وها هو الآن ينفذ وعده، وهو ما يدل على ازدرائه لأصحاب الديانات الأخرى.


محمد ربيع الديهي،
محمد ربيع الديهي، الباحث في الشأن التركي

أردوغان فقد شعبيته


يقول محمد ربيع الديهي، الباحث في الشأن التركي، إن هذه الخطوة جاءت بعد استشعار أردوغان الخطر، بعدما فقد شعبيته خلال الفترة الماضية؛ لفشله في إدارة الملفات السياسية والاقتصادية في البلاد، وبحسب استطلاعات الرأي فإن الشعب التركي فقد الثقة في إدارة النظام الحالي في البلاد، ووصلت النسبة إلى أكثر من 60% من الأتراك.


وأضاف «الديهي» في تصريح لـ«المرجع»، أن قرار أردوغان جاء بهدف التغزل بالتيارات الإسلامية، التي فقدت هي الأخرى ثقتها في الإدارة التركية الحالية بعد فشلها في ليبيا وسوريا، والسعي لكسب تأييد المسلمين، إضافةً لتشتيت الرأي العام في ملف آخر غير الملف الاقتصادي الذي يعاني إخفاقًا شديدًا بسبب سياسات «أردوغان»، وهو الدافع الذي قاده للجوء إلى قطر بهدف إنقاذ اقتصاده من الإفلاس، فضلًا عن الإخفاقات في ملف السياسة الخارجية الذي جعل «أردوغان» يغرد بتركيا خارج السرب الدولي.

"