فرنسا والجزائر.. رؤية واحدة تجاه ليبيا تربك الإخوان وتصدم «حمس»
شدد البيان الرسمي الصادر عن رئاسة الجمهورية في الجزائر في 27 يونيو 2020 على توافق الرؤى السياسية بين عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون تجاه الملف الليبي، والأوضاع المحتدمة بمنطقة ساحل أفريقيا.
توافق يهدد الإخوان
التوافق الفرنسي الجزائري جاء خلال اتصال تليفوني بين الزعيمين حول مستجدات الأوضاع في المنطقة، مؤكدين استمرار التواصل بينهما على أعلى مستوى لحين التوصل إلى حل للأزمة الليبية يفرض السلام، ويحقن الدماء لأبناء الشعب.
البيان الذي نشرته الرئاسة الجزائرية أكد مدى حرصها على تأكيد موقفها بالتوافق مع فرنسا، وبالتالي فهي على الأغلب متوافقة مع آخر المطالبات التي تقدمت بها باريس من خلال الدعوة إلى وقف القتال في البلاد دون شروط، وحث الأطراف الخارجية على إيقاف التدخل في الشؤون الليبية وبالأخص تركيا.
إذ شهدت الفترة الأخيرة تصعيدًا لحدة الخطاب السياسي الموجه من باريس لأنقرة بخصوص الشأن الليبي، ففي 23 يونيو 2020 صرح ماكرون بأن تصرفات تركيا وتدخلها في ليبيا تشبه الموت الدماغي، متهمًا إياها بأنها تمارس لعبة خطيرة في ليبيا، ولا يمكن التغافل عنها؛ لأنها تخالف جميع المقررات الدولية التي أفرزها مؤتمر برلين.
صدمة حمس
موقف ماكرون الذي يتوافق مع تبون يعارض الوجود التركي في ليبيا، وما تطمح إليه من استنزاف لثرواتها الطبيعية، واتخاذها مقرًّا لقواعد عسكرية تهدد أمن المنطقة، ويشكل هذا التوجه في حد ذاته صدمة لجماعة الإخوان في الجزائر التي اعتمدت خلال المرحلة الماضية على إظهار موقفها تجاه ليبيا وكأنه متحد مع موقف رئاسة الجزائر، ويشكل الموقف الواحد للجزائر بشكل عام.
ففي 31 ديسمبر 2019 ادعى رئيس حركة مجتمع السلم (حمس) عبد الرزاق مقري في مؤتمر صحفي أن موقف الجماعة تجاه الملف الليبي هو موقف الدولة الجزائرية بشكل عام، أي أن هناك توافقًا ضمنيًّا بينهم وبين السلطات بالبلاد.
فيما يتمثل هذا الرأي في رؤيته لحكومة الوفاق بقيادة فايز السراج على أنها الطرف الشرعي الوحيد في البلاد بموقف اتفاق الصخيرات بالمغرب عام 2015، وبناء عليه فإن حكومة السراج لها كامل الحرية والسيادة الدولية في إبرام ما تشاء من اتفاقيات أو معاهدات ملزمة، مشيرًا إلى اتفاقياتها مع رجب طيب أردوغان بشأن التعاون العسكري والبحري بأنهما حكومتان مستقلتان، ولا يجب لأحد التدخل في شؤونهما، وفقًا لرأيه، مضيفًا أن الأطراف الأخرى في ليبيا عليها ألا تخترق الالتزامات القانونية الدولية، وتعمل على منح السراج وحكومته مزيدًا من الاستقرار.
ويتضح من ذلك أن إخوان الجزائر الذين كانوا يعتبرون أنفسهم على توافق مع حكومتهم بشأن ليبيا باتوا مفردة صفرية بالمعادلة السياسية للبلاد تجاه موقفها من ليبيا، وأن ما أظهروه من تودد لعبد المجيد تبون لم يثمر مكاسب لهم، بل على العكس أضحت مواقفهم مكشوفة، وهو الموقف ذاته الذي حصدته الجماعة في تونس بعد تصريح الرئيس قيس بأن شرعية الوفاق مؤقتة، ولا يجب أن تدوم.
إخوان ضد فرنسا
مما تقدم يتضح أن خلط أوراق اللعبة السياسية في الجزائر تجاه الأوضاع في ليبيا وموقف الدولة منه سيؤثر على الدعاية اللاحقة لجماعة الإخوان، فإن ميل عبد المجيد تبون للموقف الفرنسي على حساب الموقف التركي الذي تتبناه الجماعة لن يمر دون توظيف تتريح منه الإخوان أو تحاول وبالأخص أن الدعاية السياسية لها بالبلاد تعتمد كليًّا على تخوين المعارضين، واتهامهم بالعمالة لأوروبا وباريس.
وفي هذا الصدد يقول الباحث السياسي الجزائري، حميد زناز في تصريح لـ«المرجع»: إن حمس ومعها جميع التيارات الأصولية تعتمد على تشويه المعارضين باعتبارهم عملاء للغرب، والذي تروج له بأنه ملحد ولا يتناسب مع معايير المجتمع الإسلامي، وبالتالي فمن المرجح أن يوظفوا جميع المعطيات المتاحة لهم في خطابات رنانة وخاوية المعنى في آن واحد، ولكن الوعي الشعبي بموقفهم أصبح أقوى مما مضى.
المزيد.. خيانة متوقعة وخسة معهودة.. إخوان شمال إفريقيا يدعون أردوغان لاجتياح ليبيا





