بعد الإساءة للعمالة.. «الوفاق» تعتذر وتسعى للتقارب من مصر
ساعات من الترهيب قضاها 23 مواطنًا من العمالة المصرية في ليبيا، على قدم واحدة تحت أشعة الشمس الحارقة، حفاة ظلوا هكذا، كنوع من أنواع التعذيب القاسي، وشكل من أشكال إهانة النفس، على يد مجموعة من الميليشيات المسلحة تسمي نفسها «بركان الغضب» التابعة لقوات حكومة الوفاق، وأجبروهم على الهتاف والإشادة بهم في مدينة مصراتة على الأراضي الليبية.
وقد أصدرت وزارة الداخلية التابعة لحكومة الوفاق الليبية بيانًا، الأربعاء 17 يونيو 2020، أعلنت فيه القبض على المتورطين في هذه الواقعة، بعد أن تمكنت أجهزة الضبط القضائي التابعة لوزارة الداخلية من رصد مكان واقعة الإساءة لمجموعة من العمالة المصرية، وكشف هوية المتورطين في هذه الواقعة، وإلقاء القبض عليهم.
وبحسب البيان فإنه «تم التعرف على العمالة المصرية المجني عليها في هذه الجريمة، وعلى هويتهم، وهم جميعًا بخير ويتمتعون بحريتهم دون أي قيد، ويمارسون أعمالهم بشكل طبيعى، وأنه سيتم ملاحقة كل من ينتهك الحقوق بشدة وبحزم، أو يخالف التشريعات دون أي تمييز أو تحيز».
وأكدت الوزارة أنه سيتم الاستماع إلى أقوالهم بشأن ما تعرضوا له من إساءات تنتهك حقوقهم، وتخالف القوانين والأعراف والأخلاق، وضمان كامل حقوقهم القانونية، واستمرار العلاقات التاريخية التي تربط الشعب الليبي والمصري، ولا يمكن أن تنال منها تصرفات فردية لا تمثل الدولة الليبية.
وقد كلف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى، أجهزة الدولة باتباع الحل الدبلوماسي لإنهاء أزمة المصريين المحتجزين في ليبيا، وتم بالفعل عودة 23 من المصريين المحتجزين في ليبيا، الخميس 18 يونيو، إلى الأراضي المصرية بسلام.
تداعيات البيان
قال الباحث في العلاقات الدولية، محمد ربيع الديهي، في تصريح لـ«المرجع»: إن هناك احتمالات عدة حول إعلان حكومة الوفاق، بأنه برغم الخلاف السياسي مع مصر في بعض القضايا الخاصة بالأوضاع في ليبيا، فإن البيان الصادر من وزارة الداخلية الليبية يؤكد على جانبين مهمين؛ الأول يتمثل في أن هناك حدودًا للخلاف بين حكومة الوفاق ومصر، وأن هذا الخلاف لا يمتد إلى باقي الملفات، وهو ما يمكن أن يسهم في زيادة مستوى التوافق في المستقبل القريب حول قضايا الخلاف بينهما، فعلى الرغم من إعلان حكومة الوفاق رفضها لإعلان القاهرة الخاص بتسوية الأوضاع الليبية من خلال طرفي النزاع، فإن ذلك لا يعني غلق الباب أمام إمكانية الجلوس والتحاور، خاصةً أن ما يجمعها أكثر مما يفرقهما، والجانب الثاني يتمثل في أن حكومة الوفاق تحاول أن تبدي حسن النية تجاه قضايا المصريين الموجودين في ليبيا، خصوصًا أن هناك توجهات خاصة من جانب القيادة السياسية المصرية نحو استخدام مختلف الوسائل لحماية أمن المصريين داخليًّا وخارجيًّا، وقد تكون هذه الخطوة بمثابة مدخل وبداية لإعادة التواصل بصورة مباشرة بينهما، وتحقيق تقارب في وجهات النظر للجانبين.
وللمزيد.. المرعوب يرفض السلام.. «إعلان القاهرة» يفضح نوايا أردوغان ومطامعه في ليبيا
وأضاف «الديهي»، أنه من ناحية أخرى قد يكون هذا البيان بمثابة مناورة سياسية قد تكون قاعدة مستقبلية لحكومة الوفاق في حال تحقيق الجيش الليبي نجاحات ميدانية بما يسمح لها بوجود رصيد لدى الدولة المصرية لإعادة الجلوس مجددًا، خاصةً أن الملف الليبي وتطوراته يرتبط ارتباطًا مباشرًا بأمن مصر القومي، وهو ما يجعل القاهرة جزءًا أساسيًّا في أي مبادرة أو مؤتمر إقليمي أو دولي حول الأزمة الليبية.
وأردف الباحث، أنه ربما يكون البيان الصادر من وزارة الداخلية محاولة لإظهار صورة إيجابية للمجتمع الدولي، خاصةً بعدما نددت الأمم المتحدة بالسلوك غير القانوني الذي تم التعامل به مع العمال المصريين، واتهامهم بالعمل كمرتزقة لصالح الجيش الليبي، وهو الأمر الذي أثبتت عدم صحته التحقيقات.





