«حزب الله الفتية».. حكومة «خامنئي» الموازية للمنافسة في انتخابات إيران
الإثنين 25/مايو/2020 - 03:31 م
نورا بنداري
في كل مرة يحدث فيها صراع بين أجنحة نظام الملالي من المحافظين والإصلاحيين، وتحديدًا التنافس القائم دائمًا بين حكومة الرئيس الإيراني «حسن روحاني» الإصلاحي والمتشددين المسيطرين على النسبة الأكبر في البرلمان الحالي وعناصر الحرس الثوري، يلمح المرشد الإيراني «علي خامنئي» عن ضرورة تشكيل «حكومة موازية» موالية بشكل تام للمرشد تعمل على حل مشاكل إيران.
والحديث هذه المرة يأتي في ظل أزمة فيروس كورونا المستجد والمنتشر بصورة هائلة في إيران، نتيجة فشل إدارة النظام للأزمة، وسعي كل جناح للهيمنة لمحاولة إقناع الشعب الإيراني أنه الأجدر لإدارة البلاد؛ خاصة أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية ستنعقد في منتصف العام المقبل 2021، إضافة إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية لإيران بسبب اشتداد حدة العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.
حكومة جديدة
وفي سياق هذا، أشار «خامنئي» خلال اجتماعه عبر الفيديو كونفرانس مع عدد من الطلاب الجامعيين من ممثلي الاتحادات الجامعية في 17 مايو 2020؛ إلى أنه من الضروري تشكيل حكومة جديدة وصفها بحكومة «حزب الله الفتية» لحل مشاكل البلاد؛ قائلًا إن هذا لا يعني أن يكون رئيس هذه الحكومة شابًا في الثلاثينيات من عمره، بل يعني أن الحكومة يجب أن تكون حديثة، ومبتهجة، وجاهزة، وفي سن العمل والجهد، وفقًا لوصفه.
وفي الوقت الذي يحتاج فيه الشباب للدعم وحل الأزمات التي يعانوا منها كالبطالة وسوء الأوضاع المعيشية، إلا أن المرشد لم يطالبهم سوى بوقف الاحتجاجات المتكررة بزعم أن العدو يعمل على تصوير الاحتجاجات في إيران على أنها تحريض ضد النظام، وطالبهم بأن يكون احتجاجهم عن طريق تقديم اقتراح أو حل مقبول.
دلالات ورسائل
وحديث المرشد الذي نقلته «وكالة فارس الإيرانية» في هذا التوقيت تحديدًا له دلالته، إذ أنه أولا يخشي من تطور الاحتجاجات في إيران خاصة أنه يعلم أن الشعب الإيراني غير راض عن الأوضاع الاقتصادية السيئة وسوء إدارة النظام بكافة مؤسساته لأزمة كورونا، ولذلك أراد بهذا الحديث غير المباشر أن يبعث برسائل للحرس الثوري للهيمنة الكاملة على الساحة السياسية إذ تطورت الاحتجاجات في إيران.
والدلالة الأخرى هو أن المرشد أراد التأكيد بطريقة أيضًا غير مباشرة على أن «حكومة الفتية» هي شيء مؤكد وليس مجرد اقتراح، فهو أراد التمهيد لها لحين الإعلان المباشر عنها أثناء أو قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
سبب التسمية
وعن إطلاق كلمة «حزب الله» على الحكومة المستقبلية، رأي بعض المحللين الإيرانيين أن هذا الأسم له دلالته إذ أن «خامنئي» يريد من هذا المصطلح استدعاء وجذب جميع القوى المؤيدة له في المجتمع الإيراني، ويعني أيضا ضرورة إعطاء المناصب للشخصيات الأكثر قربا وولاء للمرشد.
وما سبق، يدل على أن حكومة «روحاني» التي فشلت في إدارة البلاد، تواجه ضغطًا شديدًا خاصة بعد حديث المرشد هذه المرة وتلمحيه بضرورة تشكيل حكومة موازية بدعم وإدارة من الحرس الثوري لإحكام السيطرة على جميع مفاصل الدولة الإيرانية، وهذا من السهل حدوثه إذ أن المرشد هو المسؤول الأول في نظام الملالي، ولديه القدرة لدعم حكومة موازية تنافس الحكومة المنتخبة.
حكومة خفية
وهذه ليست المرة الأولي التي يتحدث فيها المرشد عن حكومة موازية في يونيو 2019، نشر موقع إذاعة «فردا» الأمريكية الناطقة بالفارسية، تقريرًا عن تشكيلات إدارة موازية للحكومة الإيرانية، يدير من خلالها «خامنئي» مفاصل الدولة الإيرانية، وأشار التقرير إلى أن الصور التي تظهر من اجتماعات وزراء الحكومة الإيرانية مع المرشد، تبين وجود رجال غير معروفين في الصفوف الخلفية وهؤلاء الأشخاص هم وزراء المرشد في الحكومة الخفية التي تدار من مكتبه، وتمتد نفوذها إلى كل مؤسسة حكومية وتتدخل في كافة القرارات السياسية والاقتصادية وغيرها التي تتخذه الدولة.
خطاب دعائي
وأشار «محمد العبادي» مدير مركز جدار للدراسات والمحلل السياسي الإيراني، إلى أن حديث المرشد مع الشباب ما هو إلا خطاب دعائي وحماسي، أراد «خامنئي» من خلاله تقديم أطروحة جديدة لمداعبة خيالات الشباب، وتوجيه رسالة لهم أن حكومة «روحاني» التي فشلت في إدارة أزمات البلاد، ليست التجربة الكاملة للنظام الإيراني، ولكن إذا تم استحداث حكومة جديدة أكثر تشديدا يمكنها العمل على حل مشاكل البلاد، وهذا تمهيد لموافقة الشباب في المستقبل على تشكيل حكومة متشددة.
ولفت «العبادي» في تصريح للمرجع، أنه ليس هناك حكومة موازية لأن «خامنئي» هو الحكومة، وكافة الحكومات التي تأتي ماهي إلا أداة تنفيذ بيد المرشد الذي يمتلك كافة الصلاحيات ولديه أعين في كافة أنحاء إيران.





