عملية بئر العبد.. دلالات التوقيت وعلاقتها بجهود مصر في محاربة الإرهاب
لا يمكن الفصل بين العملية الإرهابية التي استهدفت إحدى المركبات المدرعة الخميس 30 إبريل 2020 جنوب مدينة بئر العبد بشمال سيناء والتي أسفرت عن استشهاد 10 من جنود وضباط القوات المسلحة المصرية وبين المشهد العام لتحركات الجماعات الإرهابية في المحيطين المحلي المصري والإقليمي المتعلقة بأجهزة الاستخبارات الداعمة للإرهاب خاصة تركيا.
وعلى المحيط المحلي؛ فقد جاءت العملية بعد مرور أسبوعين
على تصفية خلية الأميرية الإرهابية، والتي عثر بحوزتها على مخزن للأسلحة، وكانت
تخطط لتنفيذ عدد من العمليات الإرهابية خارج سيناء خاصة في محافظة القاهرة، كما
جاءت العملية أيضًا في ظل احتفالات مصر بأعياد سيناء والانتهاء من عدد من المشروعات
الاقتصادية العملاقة لتنمية سيناء.
أما المحيط الإقليمي، فيتمثل في دعم مصر لجهود توحيد
الأراضي الليبية والقضاء على الميليشيات المسلحة المدعومة من تركيا، وكذلك جهود
مصر في مواجهة الإرهاب في السودان، وتعد هذه المقدمة مفتاحًا لحل ألغاز هذه
العملية في هذا التوقيت.
للمزيد: استشهاد وإصابة 10 عسكريين إثر انفجار عبوة ناسفة في بئر العبد
المشهد الإقليمي
يُجمع الخبراء أن هناك محاولات كبيرة لشغل الواقع المصري بعمليات إرهابية داخلية لعزلها عن محيطها الإقليمي؛ خاصة في كل من السودان وليبيا التي تشهد صراعًا مستميتًا من الداعم الرئيسي للإرهاب في كل من أنقرة والدوحة.
وفي هذا الإطار يقول هشام النجار الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية: إن مصر تعتبر حائط صد أمام تركيا الداعمة للجماعات الإرهابية، وبالتالي يسعى النظام التركي إلى تحييد مصر، ومنعها من الوقوف في وجه تحقيق أهدافه خاصة في الأراضي الليبية، ولاتزال سيناء أهم البؤر التي يراهن عليها بعد العمليات الضخمة للقوات المسلحة والشرطة المصرية التي طوقت الإرهاب ووضعته تحت سيطرتها بتجفيف أغلب منابعه.
وأشار النجار إلى أن مصر بدأت العمل على إحداث تحركات استخباراتية عربية موحدة لصد مشروع الغزو التركي وميليشياته المسلحة عن السيطرة على الساحة الليبية، عن طريق إنشاء جبهة عربية موحدة وإيجاد برنامج عمل مشترك؛ لمواجهة المحور التركي، ولا شك أن المخابرات التركية تقرأ هذه التحركات، وبالتالي تسعي لتخفيف الضغط المصري في هذه المنطقة، عن طريق زيادة العمليات الإرهابية في سيناء ومحاولة إشغال الأمن في المحافظات الأخرى والقاهرة، لإلهائه في أزمات داخلية.
المشهد المحلي
ويضيف النجار أن التوزيع الجغرافي للجماعات الإرهابية في مصر حاليًا يضع تنظيم داعش الذي بات في أضعف حالاته على رأس مثلث الإرهاب في البلاد والمتمثل في الإخوان وأذرعها المسلحة كحسم ولواء الثورة، والقطبيين القاعديين والأخيرين كان يتوزع نشاطهما في المحافظات إلا أنهما شهدا ضعفًا طارئا بعد نجاح الأجهزة الأمنية من تقويض نشاطهما، كما نجحت أيضا في وقف نشاط القاعدة على الجبهة الليبية بعد ضرب هيكل هشام عشماوي، إضافة إلى توجيه ضربات قاصمة للهيكل التنظيمي لداعش في سيناء، إلا أن تنظيم داعش الإرهابي يحاول أن يوازن المعادلة الثلاثية التي فقد ضلعين أساسيين منها أفقدته توازنه في المحافظات، بمحاولة إظهار أظافره تارة في المناطق التي كانت تعتبر بؤرًا لجماعة الإخوان والقطبيين ومنها منطقة الأميرية التي شهدت القضاء على خلية إرهابية في الرابع عشر من أبريل 2020.
ومن ناحية أخرى تنفيذ عمليات نوعية في سيناء، بهدف إرباك أجهزة الأمن المصرية وشغلها محليًا ووقف نجاحاتها على الساحة الإقليمية.
تنمية سيناء
ولا يمكن قراءة العملية الأخيرة بمعزل عن جهود الدولة في تنمية شبه جزيرة سيناء، والتي تتزامن مع احتفالات مصر بتحرير سيناء، ومنها المشروعات العملاقة التي انتهت مصر من تنفيذها خلال الفترة الماضية، وكان آخرها حضور الرئيس السيسي فعاليات الانتهاء من حفر نفق «الشهيد أحمد حمدي 2»، ويسعى مثل هذا النوع من العمليات إلى التأثير على الاقتصاد المحلي الذي بدأ يظهر تقدما كبيرًا على كثير من المستويات، وتهديد الاستثمار في شبه جزيرة سيناء التي تمكنت أجهزة الدولة والأجهزة الأمنية من تطهيرها من الإرهاب وحصاره في بؤرة ضيقة للغاية في أقصى الشمال الشرقي بمنطقة رفح.
سخط عام ووعيد بالانتقام
وأظهرت العملية الأخيرة في بئر العبد حالة من السخط العام، في الشارع المصري على جماعات الإرهاب، خاصة أن العملية جاءت وقت الإفطار في شهر رمضان مما أعاد للذاكرة العمليات الشبيهة التي وقعت في سيناء خلال اًلتوقيت نفسه في أعوام سابقة والتي تمت بمباركة جماعة الإخوان في أغسطس 2012، والتي راح ضحيتها 16 ضابطًا وجنديًا أثناء تناولهم الإفطار بالقرب من معبر كرم أبو سالم برفح.
وتوعدت القوات المسلحة المصرية في بيان أصدرته الخميس 30 أبريل 2020، بالانتقام من منفذي عملية بئر العبد، واستمرار أعمالها القتالية ضد العناصر الإرهابية للمحافظة على أمن الوطن واستقراره.
للمزيد: العملية الشاملة في سيناء.. عامٌ من الإنجازات العسكريَّة والتنمويَّة





