بسبب «الوفاق».. أموال الشعب الليبي في قبضة البنوك التركية
استثمرت تركيا علاقتها مع حكومة الوفاق الليبية جيدًا، ولم تكتفِ بالاتفاق الأمني والبحري المُبرم بينهما سابقًا، بل باتت الأموال الليبية منقذًا للأوضاع الاقتصادية المحتدمة في تركيا، ووجدت لها مستقرًا في المصارف البنكية بأنقرة، في محاولة لإنعاش الليرة مرة أخرى.
وبسبب ما عانته ليبيا من تردي الأوضاع بعد سقوط رئيسها معمر القذافي منذ عام 2011، وتوقفت عمليات الشركات التركية التي كانت تعمل على الأراضي الليبية، فطالبت تركيا بتعويضات مالية عن الأعمال التي نفذت في ليبيا منذ عقود، ونظرًا للحالة المادية المتردية التي عانت منها المصارف الليبية وشح في السيولة، احتجزت تركيا الأرصدة الليبية الموجودة بمصارفها البنكية لحين تسوية ديونها وذلك بحسب مسؤول مالي في الحكومة الليبية المؤقتة.
وقد أكد رمزي آغا رئيس لجنة أزمة السيولة بمصرف ليبيا المركزي في البيضاء، أن الأرصدة الليبية المودعة في البنوك التركية لن يتم استخدامها حتى يتم تسديد الديون الليبية المستحقة لتركيا، والتي تشمل تكاليف المساعدات العسكرية المقدمة لقوات حكومة الوفاق، وعلاج الجرحى الليبيين الموجودين بالمستشفيات التركية، إضافةً لنفقات نقل المرتزقة السوريين، بجانب تنفيذ الأحكام القضائية القاضية بتعويض الشركات التركية عن أعمال ومشروعات تم تنفيذها في ليبيا وأخرى لم تتم، وتعذر تسديدها بسبب الصراعات الدائرة، وكان تردي الوضع الاقتصادي في تركيا بعد جائحة كورونا سببًا في هذا الإجراء.
وعلى الرغم من شح السيولة فإن حجم الأموال الليبية المجمدة في المصارف التركية منذ سقوط نظام القذافي، بلغ ما يقارب 4 مليارات دولار، في حين أن المصرف الليبي امتلك أكثر من 60 % من المصرف العربي التركي، لكن بحسب الآغا فإن المصرف المركزي الليبي قام بتحويل جزء كبير من حساب النقد الاجنبي الذي تجاوز 80 ميار دولار وضخت للبنوك التركية خلال الأيام الماضية، بعد تحويل حكومة «الوفاق» 4 مليارات دولار لخزينة المصرف المركزي التركي في فبراير الماضي، وأصبحت هذه الأموال غير قابلة للتصرف والاستخدام من قبل الدولة الليبية وفقًا لتعليمات من محافظ البنك المركزي الليبي الصديق الكبير.
وللمزيد.. بأموال الشعب الليبي.. «الوفاق» تضخ الدماء في عروق «اقتصاد أردوغان»
وقد استغلت تركيا علاقتها بحكومة الوفاق للانتفاع من الأموال الليبية التي تملأ بنوكها؛ لتعويض كم الخسائر الاقتصادية التي عانتها البلاد جراء انتشار فيروس كورونا وتأثيره على توقف النشاط السياحي الذي كانت تعتمد عليه تركيا في المقام الأول والأكبر للدخل، ما أدى لانهيار الليرة التركية وتوقف للأنشطة الاقتصادية، دون النظر لما ستؤول إليه الأوضاع وتأثير ذلك على الوضع الاقتصادي والإنساني المحزن الذي يعيشه الليبيون.
وساندت جماعة «الإخوان» الرئيس أردوغان ونظامه، فهي بدورها المسيطرة على المصرف المركزي، وقامت بإيداع حوالي 6 مليارات دولار في بنوك تركية تابعة للنظام الحاكم، وهو ما تسعى إليه تركيا لانتشال الوضع الاقتصادي.
ومن المتوقع أن هذه الإجراءات حتمًا ستأثر سلبًا على الاقتصاد الليبي، ما سيفاقم الوضع الإنساني والمعيشي طالما أن المصرف المركزي لن يستطيع استخدام احتياطاته، إضافةً لانخفاض أسعار النفط.
وتشهد حكومة الوفاق ترديًا في الوضع الاقتصادي، ففي 18 يناير الماضي، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط الليبية بطرابلس أن الإنتاج النفطي انخفض من 1.2 مليون برميل يوميًّا إلى 32 ألف برميل يوميًّا، مشيرةً إلى أن الإنتاج النفطي تراجع بمعدل 75%، وذلك عقب إغلاق موانئ النفط الرئيسية شرق ليبيا، ما أجبرها على تخفيض ميزانية عام 2020 من 55 مليار دينار (35 مليار يورو) إلى ما يقارب 38 مليار دينار (24.8 مليار يورو).
وللمزيد.. أردوغان يكابر.. هل يدفع الاقتصاد التركي ثمن سياسات الحزب الحاكم؟





