«صوفية الصومال».. واستراتيجية مواجهة الإرهاب بالسلاح
الإثنين 04/يونيو/2018 - 03:27 م

آية عز
لم يعهد على الصوفية من قِبَل حمل السلاح أو اللجوء إليه للدفاع عن أنفسهم؛ لكن في الصومال كان الوضع مختلفًا، فمنذ أن ظهرت ما تُعرف بـ«حركة شباب المجاهدين» في الصومال عام 2004، التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي، بدأت الطرق الصوفية تُفكر في استخدام السلاح؛ للدفاع عن نفسها أمام إرهاب «المجاهدين»، الذي يزيد من وتيرة عنفه كلما مر الوقت.
وكانت الحركة الصوفية التي تُعرف بـ«أهل السنة والجماعة» أول حركة صوفية صومالية مسلحة قدمت نفسها للساحة السياسية عام 2008 لمواجهة إرهاب «حركة الشباب المجاهدين»، وانخرطت في صراع شرس مع المجاهدين، خاصةً أنها سيطرت على بعض المناطق في الصومال، واستطاعت طرد العناصر التابعة للشباب المجاهدين من أهم المدن الموجودة في محافظة «جلجود» الواقعة في وسط الصومال.
وعقب هذا الصراع الشرس بين صوفية الصومال وعناصر ما تُعرف بـ«حركة الشباب المجاهدين» الإرهابية، ازدادت الأمور سوءًا بينهم؛ حيث قام الأخير بنبش مقابر أقطاب الصوفية، ومنع جميع المناسبات الدينية التي كانت تُقيمها الصوفية في الصومال، إضافة إلى أنهم حرَّموا الموالد الصوفية في الصومال بدعم من التيار السلفي الموجود هناك؛ ما جعل غضب صوفية أهل السُّنة والجماعة يزداد أكثر.
إنقاذ الشعب الصومالي
وهنا يقول سعيد سالم الحضرمي، أحد الباحثين الصوماليين المتخصصين في الشأن الصوفي في دراسة أعدها داخل كتاب «المشهد الصوفي في الصومال»: إن السبب الأساسي في لجوء صوفية الصومال لاستخدام السلاح هو الدفاع عن الشعب الصومالي، والحفاظ عليه من إرهاب تنظيم القاعدة، الذي توغّل بشكل كبير، خلال الفترة السابقة في الصومال، وترسيخ الأفكار الإسلامية المستنيرة التي تُحارب التطرف.
ويشير «الحضرمي» في دراسته، إلى أن صوفية الصومال لم تستخدم السلاح في العنف، لكنها لجأت إليه عقب استهدافها بشكل مباشر، إضافة إلى ذلك الصوفية الصومالية، كانت طوال العقود السابقة متمسكة بالسلمية الكاملة، وكان استخدام السلاح خيارًا أخيرًا لديها، لكنها اضطرت إلى استخدامه بسبب تغير الأمور إلى الأسوأ، وبسبب رغبة تنظيم القاعدة الإرهابي في السيطرة على كل مناحي الحياة الصومالية.
التيار السلفي سبب في اللجوء للسلاح
هذا ما أشارت إليه دراسة سعيد سالم الحضرمي؛ حيث توحشت قوة التيار السلفي في الصومال، وازدادت فتاواه التي تُكفر الصوفية الصومالة، بل وشرعنت بهدم أضرحتها وقتل شيوخ طرقها، إضافة إلى التعسف المتعمد من قبل التيار السلفي، الذي استحل أموال النذور على نفسه وحرمها على الصوفية؛ ما جعل التيار الصوفي يفكر وبجدية في استخدام السلاح للدفاع عن حقوقه المشروعة، خاصة أن التيار السلفي الصومالي يشجع ويدعم الجماعات الإرهابية بشكر كبير، سواء على الصعيد المعنوي أو المادي.
مشروع إنقاذ
كما أكدت الدراسة التي أعدها الحضرمي في كتابه، أن الصوفية الصومالية منذ عام 2008 وقفت بجانب الحكومة، وساندتها في تجديد الخطاب الديني والفكري، وبدأت تشجع المواطنين لاحترام القوانين والدستور؛ من أجل تأسيس مشروع إنقاذ وطني للدولة الصومالية، والتصدي للجماعات المتطرفة أبرزهم «القاعدة».
وبالفعل قامت الصوفية الصومالية خلال السنوات السابقة بعقد مؤتمرات وندوات دينية تدعو فيها إلى نبذ الإرهاب واحترام قوانين الدولة، والسعي للحفاظ على مفاهيم الدين الإسلامي الصحيح الذي ينبذ الإرهاب والتطرف.
وقامت خلال تلك المؤتمرات بإرسال دعوات لجميع الطرق الصوفية الموجودة في دول الجوار؛ للمشاركة معها في محاربة الإرهاب، وتعزيز التعاون فيما بينهما.
السلاح للصوفية حق مشروع
وعن استخدام صوفية الصومال للسلاح، يقول عبدالخالق الشبراوي، شيخ الطريقة الشبراوية، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية: إن استخدام السلاح من قبل الصوفية في الصومال حق مشروع؛ لأن الطرق الصوفية بوجه عام، وبوجه خاص، في الصومال، واجهت الكثير من الصعوبات والمخاطر في السنوات العشر الأخيرة؛ بسبب الجماعات الإرهابية التي استهدفت الصوفية، وتعمدت تدمير أهم الأضرحة، وتكفيرها، واستباحت قتلها.
وأكد «الشبراوي» في تصريحات خاصة لـ«المرجع»، أنه خلال السنوات السابقة دعا الصوفية في سيناء والعراق وسوريا إلى استخدام السلاح؛ للدفاع عن أنفسهم، ومواجهة إرهاب تنظيم «داعش» وجميع الجماعات المتطرفة الأخرى.