حارسا «المدينة» و«الليل».. ميليشيات تركية تطوق بيروت وأنقرة
اعتمد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طوال تاريخه على أسلوب الغدر السياسي بأقرب رجاله
وأصدقائه، كما هو الحال مع "عبد الله جولن" و"أحمد داود أوغلو"، لذا لا يثق "أردوغان" بمؤسسات الدولة، وعمل على بناء ميليشيات ومنظمات موازية، كما
هو الحال مع "حراس الليل" في تركيا.
وحاول "حزب العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا أن ينقل خبرته في هذا المجال إلى الجهات والتنظيمات المتحالفة معه في الدول العربية، بهدف إنشاء قوة مسلحة لكل منها تمكنها من تحقيق أهدافها أو تصفية معارضيها، كما فعلت جماعة الإخوان في مصر بتنظيم "حسم"، والنهضة التونسية في اغتيال شكري بلعيد ومحمد براهمي، وتنظيم "حراس المدينة" في لبنان.
حراس الليل التركي
عقب مسرحية الانقلاب العسكري في تركيا، يوليو 2016، سارع الرئيس التركي إلى إحياء ما يسمى بقوة "حراس الليل"، والتي يتم تعيين أفرادها المدنيين عبر وزارة الداخلية، ويقتصر هذا الأمر على الأفراد التابعين تنظيميًا إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم.
ومنح "أردوغان" القوة، الحق في مساعدة قوات الشرطة لحماية الأمن العام بالأحياء السكنية دون حمل سلاح، إضافة إلى تنظيم دوريات للحراسة والتفتيش في الشوارع التركية وحين استدعائهم من قبل قوات الشرطة.
وخلال السنوات الأربع الماضية، زاد عدد هؤلاء الأفراد إلى مائتى ألف شخص، وتزايد اعتماد قوات الشرطة ووزارة الداخلية عليهم، نظرًا لثقة النظام الحاكم بهم لكونهم أعضاءً بالعدالة والتنمية.
وظهرت هذه الثقة بصورة واضحة في يناير 2020، عندما تقدم النائب في البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، "محمد موش" باقتراح يزيد من صلاحيات "حراس الليل"، ووافقت اللجنة الفرعية عليه تمهيدًا لعرضه على البرلمان.
ويتضمن المقترح الجديد زيادة صلاحيات الأفراد المدنيين التابعين للقوة الجديدة، بما يشمل احتجاز الأفراد وتفتيشهم إضافة إلى مساكنهم، واستخدام السلاح في حالة الضرورة، أي أنه ساوى بينهم وبين قوات الشرطة.
واستخدم الرئيس التركي الميليشيا المسلحة في الاعتداء على معارضيه، والهجوم على المسيرات والمواطنين خلال الانتخابات التشريعية الماضية، مارس 2019، إضافة إلى السيطرة على بعض المناطق التي تنشط بها الأحزاب المعارضة له.
حراس المدينة في لبنان
يعتمد فكر الرئيس التركي على الميليشيات المسلحة، ولا يأتمن القوات النظامية، وهو الفكر الذي نقله إلى الجهات الموالية له، كما هو الحال في أغسطس 2015، عندما اشتعلت أزمة النفايات في الداخل اللبناني.
واستغل نظام "العدالة والتنمية" تلك الأحداث عبر سفارته الرسمية في لبنان، واتفق مع "محمد شوك" لتأسيس منظمة "حراس المدينة"، وتولي إدارتها، بالتعاون ماديًا ولوجيستيًا مع النظام التركي.
ويرى مؤسس الحركة أنها تهدف إلى مساعدة أهالي لبنان على المطالبة بحقوقهم وحماية مظاهراتهم، حتى وإن احتاج ذلك إلى قطع الطرق، إضافة إلى تنظيم الباعة الجائلين والأطعمة والمشروبات على المتظاهرين.
ونجحت الحركة المدعومة من تركيا في ضم ألف متطوع خلال فترة قصيرة، وعرفوا بستراتهم الصفراء، وظهرت أياديهم خلال الاحتجاجات الأخيرة في لبنان، والتي سعت تركيا إلى استغلالها لصالحها، حيث انتشروا حول الميادين الخاصة بالمتظاهرين خصوصًا "ساحة النور" في مدينة طرابلس، بشمال لبنان، ونظموا وفقًا لبيانهم الرسمي، نوفمبر 2019، درعًا بشريًا لحماية مئات المحتجين ضد الحكومة التي قادت البلاد إلى اضطرابات سياسية وأزمات اقتصادية، على حد تعبيرهم.
ويتضح أن هناك توافقًا كبيرًا ما بين "حراس الليل" التركية، و"حراس المدينة" اللبنانية، سواء على مستوى الاسم، أو تشابه البدايات في زعم حفظ الأمن وخدمة المواطنين، ويبدو أن الميليشيا التركية وصلت إلى استخدام السلاح بصورة أسرع من نظيرتها اللبنانية.
للمزيد: «الجماعة الإسلامية» وأنقرة.. الأهداف تتلاقى على أرض شمال لبنان





