أردوغان وأوهامه.. عدو الحضارة يهدد أوروبا عبر اليونان
الخميس 12/مارس/2020 - 11:45 ص
مجدي عبدالرسول
يواصل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، تطبيق سياسته العدائية ضد الحضارات التاريخية، فحالة العداء التي غذاها أردوغان ضد الدولة المصرية، أعاد صياغتها مع جارته الأوروبية «اليونان»؛ حيث نفذت «أنقرة» ضد اليونان خطة محكمة بـ«دفع» أردوغان لآلاف المهاجرين السوريين إلى اليونان؛ لمواجهة مصير مجهول؛ بحجة أن بلاده استقبلت ما يزيد على 3.6 مليون لاجئ، متجاهلًا قيام الاتحاد الأوروبي بضخ 6 مليار يورو لصالح الخزينة التركية، مقابل استقباله لهم.
أزمة جديدة
قال الدكتور هادي عبد الفتاح، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، معلقًا على إرسال تركيا لآلاف المهاجرين إلى اليونان، والتي تعاني اقتصادًا سيئًا: «أن الحالة الاقتصادية التي تعيشها اليونان حال تدفق هجرة جماعية لها، يختلفون معهم في اللغة والدين والعادات والتقاليد والثقافة، يؤدي إلى «خلل» في النسيج الاجتماعي للدولة التي تستقبلهم، وهذا الخلل يؤثر سلبًا في الكثير من النواحي لمؤسسات هذه الدولة، وهو ما يجعل أصحابها يرفضون استقبال اللاجئين، الذين سيؤدي تدفقهم إلى ارتفاع في أسعار المنتجات الغذائية وغير الغذائية؛ نظرًا لزيادة الطلب وقلة العرض، وقد يؤدي إلى أزمة اقتصادية، تبدأ برفع الأسعار أو اختفاء المنتجات، خاصةً إذا كانت تلك الدولة كـ«اليونان» تعاني قلة الإنتاج وانخفاض حجم الاستثمارات الخارجية المتدفقة إليها.
فضلًا عن زيادة حجم الدين الخارجي؛ لأن «اليونان» ذات اقتصاد ضعيف يعتمد على «السياحة وصيد الأسماك وتصنيع السفن»، وهي الصناعة التي تجيدها دول حوض المتوسط لدول الاتحاد الأوروبي مثل «إيطاليا وفرنسا»، هذه المشاكل موجودة فعليًّا في الاقتصاد اليوناني منذ وقت طويل، باستثناء الشهور القليلة الماضية، والتي بدأ فيها الاقتصاد يدخل في مرحلة التعافي.
وأكد الدكتور هادي أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن هناك مشاكل أخرى في انتظار اليونان حال نجاح اللاجئين عبور الحواجز اليونانية، وهي انهيار الخدمات المقدمة لكل المواطنين، فإذا كانت مرافق خدمية كالصرف الصحي أو مياه الشرب أو حتى المواصلات العامة وغيرها من الخدمات، كانت تقوم بعملها لعدد محدد من المواطنين، ثم تزداد نسب الاستخدام فيحدث خلل في تلك المنظومة، تبدأها بأعطال وتنتهي بالانهيار.
تأثير مباشر
وفيما يخص التأثير المباشر للاجئين السوريين على الاقتصاد اليوناني، فهي تتوقف على سياسة الدائرة اليونانية تجاههم، باستغلال أعدادهم واستخدامهم في السوق الاقتصادية لصالح اليونان، بدلًا من تحولهم إلى عبء اقتصادي يؤدي لانهيار الدولة، وهي نقطة فارقة يجب الانتباه إليها من جانب الاتحاد الأوروبي في التعامل مع قضية اللاجئين.
رهان
راهن «أردوغان» على المهاجرين السوريين؛ لتنفيذ خططه في تفتيت الدول «عربية وغربية»، ومحاولاته المستمرة في إثارة النزاعات الطائفية بين أبناء الشعب الواحد.
وانتقال لاجئي سوريا إلى اليونان، يعني عودة الاقتصاد اليوناني إلى ما قبل مرحلة التعافي التى يحياها الاقتصاد اليوناني، والعودة إلى مرحلة الانهيار التي مر بها الشعب هناك؛ ما يزيد من أزماتهم الاقتصادية تعقيدًا.
اليونان رجل الشرطة الأوروبي.
المناوشات التي تقوم بها الشرطة اليونانية، ليست لمنع عبور لاجئي سوريا فحسب، ولكنها محاولة أخيرة لمنع اقتحام اللاجئين إلى البلدان الأوروبية، التي عانى بعضها من إقامتهم، يتعلق بعضها بمخالفة شروط الإقامة، وأخرى بالانضمام للتنظيمات الإرهابية، ومنهم من قام بتنفيذ عمليات إرهابية بـطعن ودهس مواطنين أوروبيين، كما حدث في ألمانيا وبلدان أوروبية أخرى، عانت من أوضاع اللاجئين.
المشاكل الاقتصادية الناجمة عن عبور لاجئي سوريا.
نجاح اللاجئين السوريين للإقامة في اليونان، وهي البلد الذي يعاني أزمة اقتصادية، ويحاول الخروج منها بعد قيام دول الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، بنحو 110 مليار يورو، التزمت دول الاتحاد بـ80 مليار يورو، وتعهد الصندوق الدولي بـ30 مليار أخرى، فى محاولة أخيرة لإنقاذ أصحاب أرق الحضارات، عام 2016، وتعهدت دول الاتحاد بمساعدات مالية جديدة جرى تنفيذها في 2017، ولا تزال تسير وفق الخطة الموضوعة، وهو ما دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، باللعب بآخر أوراقه السياسية بـ«دفع لاجئي سوريا إلى الحدود اليونانية»، كمنصة عبور تالية إلى أوروبا.
أردوغان، الذي فشل في ممارسة لعبته المفضلة، وهي تحريك الشخصيات التي تؤدي أدوارها دون معرفة حقيقة نواياه، والتي كانت سببًا في اختيار اليونان بدقة، وهي خطة «أنقرة» الغير معلنة؛ لأن الدولة التي اختارها هذه المرة، عانت أزمة اقتصادية طاحنة، ولاتزال تعيش في صداها، فقيام الحكومة التركية بدفع لاجئي سوريا، محاولة جديدة لإغراق اليونان مجددًا في الديون.
أردوغان في اليونان
بعدما دفع أردوغان بعدة آلاف من الاجئين السوريين، وهي الأعداد التي أحصتها المنظمات الدولية، واعترفت «تركيا» بأنها الدفعة الأولى، والبالغ عددهم 10 آلاف شخص، كانوا جزءًا من تصدير أزمة تركيا الاقتصادية لليونان.
اقتحام اللاجئين للأراضي اليونانية، يعني زيادة الأعباء المالية على حكومة «أثينا»، التي لم تنجح حتى الآن في إيجاد فرص عمل جيدة لمواطنيها، والذين يعانون أزمة معيشية كبيرة داخل وطنهم، مقارنةً بنظرائهم من الأوروبيين.
تصدير تركيا لأزمتها الاقتصادية، تشير بوضوح إلى رغبة تركيا في كشف عورات الاقتصاد اليوناني، في مقابل تخفيف الأعباء على تركيا التي تلقت ما يقرب من 6 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي، فيما يطالب أردوغان بتكاليف إقامة اللاجئين، والتي قدرها بـ40 مليار دولار، دفعها المواطن التركي، بحسب زعمه، ومحاولة أخيرة لابتزاز دول الاتحاد لرفع سقف المعونات النقدية لصالح اللاجئين لتقترب من الـ20 مليار دولار بدلًا من الـ6 مليار دولار.





