إرهاب تركيا للسوريين.. «أنقرة» تخلق موجات نزوح وتستغل اللاجئين
تسببت سياسة الحكومة التركية والتدخل في الشأن السوري، إلى عمليات نزوح كبيرة للمواطنين، ما أدى إلى مضاعفة أعداد اللاجئين الهاربين من الجحيم
والصراع في البلاد، في وقت تستغل فيه أنقرة ورقة اللاجئين للضغط على دول الاتحاد الأوروبي.
ووفقا لتقارير الأمم المتحدة، فإن
العمليات العسكرية التركية بسوريا، تسببت في أكبر موجة نزوح للمدنيين، للبحث عن ملاذات آمنة
بعيدًا عن الحرب، لتكوًن الوجهات المتاحة لهم «مصر والعراق وتركيا».
وفي وقت تعد مصر الوجهة الأولى للاجئين السوريين، لكن العوامل الجغرافية تجعل من الجهتين الأخريين خيارًا أوليًّا للاجئين، بسبب الأوضاع الاقتصادية والأمنية في العراق وصعوبة معيشة العراقيين أنفسهم، وهذا ينعكس بالطبع على اللاجئين.
أما في تركيا فإن الحكومة – التي تساهم في نزوح اللاجئين بالأساس – تتبنى سياسات تزيد مشقتهم، حيث تشترط السلطات على السوريين تسجيل أسمائهم لديها للحصول على حق وضع الحماية المؤقتة، ويظل عدد هؤلاء، الذين يشكلون الفئة الأوسع للوجود السوري في تركيا، وتُسمى معسكرات اللاجئين السوريين رسميًّا في أنقرة «مراكز الإقامة المؤقتة».
وتقع هذه المراكز في مناطق: أورفة «اسمها الرسمي شانلي أورفا»، وأضنة وكلس وقهرمان مرعش وهاتاي وعثمانية وغازي عنتاب، ويعيش في هذه المراكز نحو 87 ألفا و464 من اللاجئين السوريين، بحسب إحصائية رسمية في 25 يوليو 2019.
وبحسب الأمم المتحدة، تشير التقديرات إلى نزوح أكثر من 900 ألف شخص في شمال غرب سوريا بسبب تصاعد القتال منذ ديسمبر 2019، وأن أغلبهم الآن موزعون بين شمال إدلب ومحافظة حلب.
وبدأت تركيا في أكتوبر 2019 عملية عسكرية في الشمال السوري، أطلقت عليها "عملية نبع السلام" وتزعم أنقرة أنها تسعى للحفاظ على أمنها القومي، باستهداف الأتراك الذين تعتبرهم تركيا "إرهابيين".
وتقول المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة إن استمرار الحملة العسكرية تسبب في نزوح نحو 900 ألف مدني، 80% منهم نساء وأطفال منذ ديسمبر 2019، وغالبًا ما يكون النزوح لأكثر من مرة، وهو ما يمثل أكبر نزوح للمواطنين منذ بدء الصراع في 2011.
وتضيف أنه خلال الفترة الماضية، أيضًا قُتل المئات، بالإضافة إلى تنقل الأسر في ظل طروف مناخية غير محتملة للبحث عن مأوى آمن.
وتقول الأمم المتحدة إن المدنيين الذين يفرّون من العنف يتكدسون في مناطق ليس فيها ملاجئ آمنة وتتضاءل مساحة تلك المناطق كل ساعة، مضيفة أنه ثمّة مخاطر متزايدة بعدم السماح للمدنيين بالعبور من إدلب إلى أي منطقة أخرى في سوريا.
كما وثقت المفوضية تعرّض مخيمات النزوح، إما للقصف المباشر أو للأضرار، بسبب استهداف مواقع مجاورة.
"الوضع في شمال غرب سوريا لا يطاق، حتى بالمعايير السورية القاتمة، فالأطفال وأسرهم عالقون بين العنف والبرد القارس ونقص الطعام وظروف معيشية بائسة، مثل هذا التجاهل الشديد لسلامة ورفاهية الأطفال والأسر هو أمر يتجاوز الحدود ولا ينبغي أن يستمر." بحسب ما وصفته منظمة اليونيسيف.
وتعمل اليونيسف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) مع شركائها على إيصال المساعدات المنقذة للحياة للعائلات التي تحتاج إليها، تشمل مستلزمات للحفاظ على النظافة الشخصية ومياهًا مأمونة للشرب وملابس دافئة للشتاء وعلاج سوء التغذية، بالإضافة إلى التعليم والدعم النفسي.
و"لا تزال المذبحة في شمال غرب سوريا تلحق خسائر فظيعة بالأطفال، وحان وقت إسكات البنادق ووقف العنف مرة واحدة وإلى الأبد."
وتؤثر العمليات العسكرية، ليس فقط على هروب المدنيين، لكنها أيضًا تعيق حركة المساعدات الأممية للمدنيين، وحتى تاريخ 18 فبراير، قالت منظمة الصحة العالمية بتعليق 74 مرفقًا صحيًّا خدماته في إدلب وحلب منذ الأول من ديسمبر، وهو ما أثر بشكل مباشر على حصول المدنيين على الرعاية الصحية.
وقالت المنظمة إن الأطفال معرّضون أكثر من غيرهم لانخفاض درجة حرارتهم والتهابات الجهاز التنفسي، وبسبب انعدام المأوى فإن الكثير منهم ينام في العراء مع عائلاتهم ولهذا فهم معرّضون لخطر المرض.
وأشارت منظمة الصحة العالمية في بيانها إلى أن واحدًا من بين كل ثلاثة مراكز تطعيم في شمال غرب سوريا توقف عن العمل إما مؤقتًا أو بشكل دائم بسبب تصاعد العنف وبسبب هجران البلدات إلا أن المنظمة ستواصل القيام بحملة للتطعيم ضد شلل الأطفال الشهر المقبل.
وكشفت منظمة الصحة العالمية عن تعرّض مستشفيين إلى هجومين منفصلين نهاية فبراير 2020 وتوقف مستشفى كنانة العام في دارة عزة بحلب عن العمل بعد أن كان يقدم خدمات لنحو 50 ألف شخص ويقدم ما معدله 10،000 استشارة طبية شهريًّا.
وأكدت منظمة الصحة العالمية أنها سترسل الأيام المقبلة عقاقير ومستلزمات طبية ضرورية، عبر الحدود مع تركيا إلى سوريا، لعلاج الصدمات وتقديم الرعاية الجراحية في إدلب وحلب، بالإضافة إلى نقل الأدوية لعلاج الأمراض غير المعدية وتقديم الرعاية الأولية للمرضى.





