موريتانيا.. نموذج متفرد في مكافحة الإرهاب بالساحل الأفريقي
السبت 29/فبراير/2020 - 05:31 م

أحمد عادل
لعبت الدولة الموريتانية دورًا بارزًا في مكافحة الإرهاب، ما أهلها لأن تكون أحد الفاعلين في مواجهة التطرف على مستوى منطقة الساحل والصحراء، إذ اتجهت في طريقين في سبيل تحقيق هذا، الأول عسكري، ويتمثل في خوض معارك ضد التنظيمات والجماعات المُسلحة، والثاني غير عسكري عن طريق معالجة العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى تفشي التطرف.
في الفترة بين عامي 2005 ــــ 2011، ضربت البلاد العديد من العمليات الإرهابية؛ ما خلف ضحايا بين المدنيين والعسكريين، ودفع هذا الحكومة وتحديدًا تحت حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز (2009 ــ 2019)، على تكثيف التعاون مع دول الجوار في مجال تبادل المعلومات، وتعزيز وسائل مكافحة الإرهاب من خلال التدريب المستمر والدعم اللوجستي؛ لضمان استمرار الضربات الاستباقية ضد الجماعات الإرهابية.
وفي عام 2014، وضع ولد عبد العزيز مبدأ مقاربة القوات الوطنية للدفاع والأمن، والتي تشكل أهم المكونات التي تقوم عليها الرؤية الاستراتيجية للبلاد ضد الجماعات الإرهابية، التي تقوم على التكامل في العمل، من خلال دمج مفهومي الدفاع الوطني والدفاع عن التراب، مع مفهوم الأمن الداخلي، بحيث يسمح بمشاركة الجيش والشرطة، ومجموعة السلامة الطرقية، والجمارك، في مكافحة الإرهاب كل منها حسب تخصصه.

مرونة في المواجهة
أدى التطور في أساليب العناصر الإرهابية، إلى إعادة تنظيم قوات الدفاع والأمن لتتكيف مع ظروف الحرب غير التقليدية، بتمكين القوات بما يلزمها من الحركية والمرونة، وقابلية التغيير، وإنشاء مجموعات التدخل الخاصة.
ومع تصاعد التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء والمخاطر العابرة للحدود، سارعت موريتانيا بالانضمام لمبادرة إنشاء مجموعة «الساحل 5»، المعروفة بـ«G5»، والتي أنشئت في عام 2015، وهو تحالف يضم كلًّا من «موريتانيا، ومالي، وتشاد، والنيجر، وبوركينافاسو»، وببلغ قوام قوات التحالف 5000 عسكري، يقودهم الجنرال الموريتاني «حننا ولد سيدي»، وتدعمها قوات فرنسية وأخرى أمريكية، يوجد مقرها في العاصمة الموريتانية نواكشوط.
وكان للدين عامل محوري في الحرب على التنظيمات المتطرفة؛ حيث يشكّل الإسلام النسيج الاجتماعي للبلاد، واعتمد العامل الديني على مقاربات الحوار، إذ تم تفعيل دور منابر المساجد في مختلف الجهات، وقيام العلماء والدعاة بالعديد من الأنشطة والفعاليات الدينية الثقافية، والتي تهدف إلى مكافحة التطرف، وتوضيح الرفض الديني له جملةً وتفصيلًا، ما لاقى قبولًا واسعًا.
وعملت الدولة الموريتانية على حشد جهود العلماء والهيئات الدينية، لتفكيك الخطاب المتطرف، وتقديم الإسلام في صورته الوسطية، إذ استضافت في عام 2019، أعمال المؤتمر العلمي حول مواجهة تيارات التطرف وخطاب الكراهية في الأمة الإسلامية.
وعلى الصعيد الشعبي، دشنت مجموعة من نشطاء رواد مواقع التواصل الاجتماعي، في عام 2018، حملة لمناهضة التطرف وخطاب الكراهية عبر وسائل التواصل.

حماية حقوق الإنسان
سنت الدولة الموريتانية عدة قوانين، تتوافق مع مبادئ حقوق الإنسان، من حيث تعريف العمل الإرهابي وأهدافه وأساليبه العملياتية وأشكال جرمه، من حيث (الهجمات- الرهائن - غسل الأموال)، وتعزيز الوقاية، وتبسيط الإجراءات، وإنشاء محاكم متخصصة لمكافحة الإرهاب.
وبذلت الدولة أيضًا جهودًا على صعيد التنمية البشرية في مواجهة الفكر المتطرف، إذ دشنت جهودًا كبيرة في مجال التهذيب المدني والديني بغية تجفيف المصادر الأيديولوجية التي يتغذى عليها الإرهاب، وهو ما تجسد واقعًا في توبة عدد من السجناء السلفيين، واندماجهم في المجتمع مرة أخرى.