بين التأكيد والنفي.. الحشد الشعبي العراقي يُنشئ قوة جوية خاصة
بيانات متضاربة بشأن إنشاء قوات الحشد الشعبي التابعة للجيش العراقي قوة جوية خاصة بها؛ بسبب الاختلافات في تصريحات قياداته حول الأمر؛ إذ قررت هيئة الحشد الخميس 5 سبتمبر، تأسيس القوة، عبر نشر كتاب التأسيس بتوقيع نائب رئيسها أبو مهدي المهندس المقرب من إيران، لكنها تراجعت عن صحة الكتاب المنشور بعد ذلك؛ بسبب الخلافات بين فالح الفياض رئيس الهيئة والمهندس؛ إذ صدر بيان عن الهيئة أكد عدم صحة الوثيقة الصادرة من «المهندس».
واستنفر هذا الإعلان المتضارب لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، ودعا رئيسها النائب محمد رضا، في بيانٍ الجمعة 6 سبتمبر، القائد العام للقوات المسلحة، إلى الحفاظ على هيكلية المؤسسات الأمنية العراقية، بوحدة القيادة والسيطرة على الجيش خاصة، وطالب بضرورة إنهاء فوضى السلاح، وأن يكون الجيش والقوات المساندة له بقيادة القائد العام للقوات المسلحة والوزراء الأمنيين كونهم السلطة العليا في البلاد.
وتضم قوات الحشد الشعبي الشيعي مجموعة من الفصائل المسلحة المختلفة مذهبيًّا وقوميًّا وسياسيًّا وماليًّا وعسكريًّا، منها قادة سياسيون بارزون، من بينهم «قاسم سليماني» قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، و«هادي العامري» وهو وزير عراقي سابق وعضو برلمان حالي، و«أبو مهدي المهندس» ويشغل منصب نائب رئيس هيئة الحشد؛ إضافةً إلى «فالح فياض» الذي يشغل منصب رئيس الهيئة ومستشار الأمن الوطني العراقي.
ويبلغ عدد قوات الحشد حوالي 130 ألف مقاتل، يشكلون 45 فصيلًا، وهذا العدد يشمل أيضًا جميع قطاعاته، سواء كانت مقاتلة أو غير ذلك، وأن عناصر الحشد كافة مستعدة للمشاركة في العمليات العسكرية.
ويضم حوالي 30 ألف مقاتل سني، أما بقية تشكيلاته فتسهم فيها فصائل متعددة منها منظمة بدر بنحو 24 ألف مقاتل، بينما تساهم قوات كتائب حزب الله العراقي بأكثر من 8 آلاف مقاتل، ويبلغ عدد جنود «سرايا السلام» نحو 6 آلاف جندي، بينما تساهم «عصائب أهل الحق» بـ 10 آلاف مقاتل.
الضم إلى الجيش الوطني
في 2 يوليو الماضي أصدر رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، أمرًا ديوانيًّا باعتبار فصائل الحشد الشعبي والحشد العشائري ضمن تشكيلات الجيش الوطني العراقي؛ تقديرًا لدورها في حرب تنظيم «داعش» خلال الفترة الممتدة من 2014 وحتى الآن.
ونص القرار على أن تتبع جميع تشكيلات الحشد الشعبي إمرة القائد العام للقوات المسلحة العراقية، وهو نفسه رئيس الوزراء، ويكون رئيس هيئة الحشد الشعبي المعين من قبل القائد العام هو المشرف على تلك التشكيلات.
وبحسب الأمر الجديد، فإنه يجب على تشكيلات الحشد الشعبي إلغاء المسميات التي كانت تطلقها على نفسها قبيل دمجها في القوات المسلحة العراقية، على أن تستبدل تلك المسميات بمسميات عسكرية بحتة، كالفرقة واللواء والفوج، ويعامل أفراد الحشد معاملة عناصر الجيش العراقي فيما يتعلق بالرتب العسكرية.
ولم يحدد القرار آلية منح الرتب لعناصر الحشد الشعبي، وهل ستتم مساواتهم بخريجي الكليات العسكرية العراقية، أو دمجهم في الكليات وإلزامهم بحضور دورات عسكرية.
كما حظر قرار «المهدي» عمل أي مجموعات تابعة للحشد بصورة سرية أو خارج إطار المنظومة الخاصة بالقوات المسلحة، بجانب تحديد معسكرات وساحات الوجود الخاصة بالحشد الشعبي، إضافةً لإغلاق أي مقرات أو مكاتب خارجة عن إطار الدولة.
وسمح القرار لقوات الحشد الشعبي الراغبة بالتحول للعمل السياسي الاندماج في الحياة الحزبية داخل العراق، مقابل ترخيص السلاح المستخدم في حراسة المقرات التابعة لها، وملاحقة أي فصيل لا يلتزم بهذه التوجيهات.
وضربت الخلافات الداخلية هيئة الحشد، بشأن الطريقة التي يجب اتباعها في التعامل مع قرار رئيس الوزراء، وانقسم قادة الحشد إلى فريق راغب في الاستجابة، وآخر يطالب بإهمال القرار، في ظل عجز الحكومة في فرضه.
تطور استراتيجي
وفي تطور عسكري استراتيجي، نقل الحرس الثوري منظومات الدفاع الجوي الصاروخية البعيدة المدى «باور 373»، التي تعد نسختها المحلية من S300 الروسية المتطورة، ومنظومة «خرداد 3»، التي أسقطت الطائرة الأمريكية المسيرة فوق مضيق هرمز إلى الحدود العراقية، وذلك بعد استهداف طائرات مسيرة مجهولة القواعد العسكرية ومقرات الحشد الشعبي العراقي.
ورافق منظومات الصورايخ عرض إيراني بتزويد ميليشيات الحشد الشعبي لمنظومات الدفاع الجوي الإيرانية؛ لمواجهة التهديدات العسكرية التي تستهدف مقرات ومعسكرات الميليشيات الشيعية الموالية في إيران، في محاولة لدعم الحشد عسكريًّا وإحداث تفوق عسكري على حساب الجيش العراقي الذي تخشى إيران من نواياه تجاه مصالحها في العراق.
ويقول الدكتور هشام الهاشمي، الخبير العراقي في الحركات الإسلامية في تصريح لـ«المرجع»: إن خطوة تشكيل الحشد الشعبي لقوة جوية سوف يزيد حرج رئيس الوزراء عادل عبد المهدي كثيرًا مع الولايات المتحدة، خاصةً إذا ما تم شراء منظومة الدفاع الجوي خارج لجنة التسليح الخاصة بوزارة الدفاع؛ لأنه عندئذٍ ستكون حكرًا على الإيرانيين، وهذا الأمر يحفز الولايات المتحدة على تنفيذ العقوبات الاقتصادية على العراق.
ويوضح الهاشمي أن إيران تقدم دعمها عن طريق التدريبات والاستشارات العسكرية، واقتصاديًّا وسياسيًّا، وذلك من خلال الأحزاب المتماشية مع سياسة إيران في المنطقة.





