داعش في يد أردوغان.. استخدام جديد لفزاعة الإرهاب ضد الأكراد
الجمعة 30/أغسطس/2019 - 07:11 م
داعش وأردوغان
شيماء يحيى
طالبت المعارضة التركية بلسان نائب رئيس الشعب الجمهوري، الذي يعتبر من أكبر الأحزاب المعارضة التركية، ولي آغ بابا، الأحد 25 أغسطس 2019، بتشكيل لجنة برلمانية؛ للتحقيق في الأحداث الإرهابية التي استهدفت الأكراد خلال الفترة بين شهر يونيو ونوفمبر من عام 2015، جاء ذلك بعد تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء التركي الأسبق، أحمد داود أوغلو، السبت 24 أغسطس 2019، كان حديثه عن الإرهاب قال فيها: إن فتحت ملفات الإرهاب سيكون هناك الكثيرون لا يمكنهم النظر في وجهة الناس.
أوغلو
تعقد المشهد التركي
جاءت تصريحات أوغلو ضمن مشاركته في احتفال بمناسبة الذكرى السنوية الـ18 لتأسيس حزب العدالة والتنمية بمدينة سكاريا غربي البلاد، بعد تجاهل الحزب دعوته إلى الاحتفالات الرسمية، على الرغم من كونه أحد المؤسسين؛ ليأتي أكبر أحزاب المعارضة وينقب عن الأسباب التي أدت إلى تطور الأوضاع السياسية والأبعاد الأمنية في تلك الفترة في عام 2015، التي تصنف من أحلك الفترات في تاريخنا السياسي، وتعتبر الأحداث التي حدثت في أكتوبر من العام ذاته، كانت سببًا في القضاء على محادثات السلام مع الأكراد.
كما شهدت تركيا عام 2015 أحداث عنف، وأشارت التقارير الرسمية إلى أن الفترة المذكورة شهدت مقتل 453 من عناصر حزب العمال الكردستاني، و106 من المدنيين، خلال العمليات التي شنتها قوات الأمن، إضافةً إلى مقتل 242 آخر في التفجيرات التي شهدتها مدينة سوروج وأنقرة، ليرتفع إجمالي القتلى في هذه الفترة التي تحدث عنها داود أوغلو إلى 862 شخصًا.
أحداث إرهابية في تركيا
5 يونيو: هجوم لتنظيم «داعش» يستهدف تجمعًا لحزب الشعوب الديمقراطي قبل الانتخابات بيومين يسفر عن مقتل 5 أشخاص، وإصابة أكثر من 400 آخرين .
20 يوليو: فجّر انتحاري داعشي نفسه في مدينة سوروج ذات الأغلبية الكردية أسفر عن مقتل 34 شخصًا على الأقل من الشباب الأكراد.
23 يوليو: مقتل ضابط صف بنيران داعش على حدود مدينة كيليس المجاور لشمال سوريا، ومقتل شرطي آخر بنيران حزب العمال الكردستاني في مدينة ديار بكر.
24 يوليو: قصفت القوات الجوية التركية أهدافًا لداعش وحزب العمال الكردستاني في جبال قنديل على حدود مع العراق وسوريا، وشنت قوات الأمن حملة على أماكن وجود داعش وحزب العمال الكردستاني في عموم تركيا.
5 سبتمبر: أعلن حظر التجوال في مدينة جزيرة، وقتل نحو 20 مواطنًا من المدنيين.
6 سبتمبر: قتل 16 من الجيش التركي في بلدة داغليجا، في هجوم منسوب لحزب العمال الكردستاني.
10 أكتوبر: وقع انفجاران في موقف الحافلات الرئيسي في العاصمة أنقرة، أسفر عن سقوط 103 مواطنين، معظمهم من الأكراد.
تركيا والأكراد
تركيا والأكراد.. أزمة سياسية قديمة
برزت الأزمة الكردية بشكل واضح عام 1974، بعد أن رفض الأتراك منح الأكراد حقوقهم السياسية ومطالباتهم بإقامة دولة كردية مستقلة أو حكم ذاتي مع الاحتفاظ بكامل هويتهم السياسية؛ ما دفع الأكراد للغضب والمقاومة المسلحة، كانت بقيادة عبدالله أجولان، ومع استمرار حالة المقاومة، أعلنت أنقرة عام 1984 حزب العمال الكردستاني كيانًا إرهابيًّا؛ لتطلق تركيا بعدها عمليات عسكرية عدة شهدت فيها انتهاكات لسيادة العراق خلال فترة الحصار، التي فرضتها الولايات المتحدة على الجمهورية العراقية بعد 1991.
وعلى الرغم من سلمية هذه الحركات الكردية، فإن هذا يعود لبنية الدولة التركية والدستور الأول الذي وضع لجمهورية تركيا عندما تأسست عام 1923، تم وضع بنود قانونية؛ لتفرد الأتراك فقط بالدولة، وأن القومية التركية يجب أن تسود وتحكم تركيا، وعندما يصطدمون بحقائق التاريخ والواقع ويجدون أنفسهم أمام شعب عريق، وهو في الحقيقة أقدم حتى من الأتراك أنفسهم في منطقة الأناضول، وهذه حقيقة صادمة لا يستطيعون محوها، ولذلك استخدموا كل وسائل العنف منذ أتاتورك حتى بداية الحرب العالمية الأولى، وقمعوا عشرات الثورات الكردية، وتم قتل وإعدام وتهجير مئات الآلاف، ولكنهم فشلوا، والحركة الكردية- بشقيها العسكري والسياسي- دليل على وجودها على الأرض ومشاركتها في الحياة العامة التركي، وتطرح مسألة الديمقراطية كوسيلة للتغيير في تركيا، إلا أن العقلية التركية لم تتغير حتى هذه اللحظة، لذلك هي لا تقبل عن طريق الانتخابات، فكلما فاز الكرد في الانتخابات، سواء برلمانية أو بلدية أو غير ذلك، سرعان ما يتم الالتفاف علي النتائج بأدوات عسكرية أو سياسية؛ لإبعاد الكرد عن المشهد السياسي.
ومنذ عام 1990 إلى الآن تم حظر أكثر من 8 أحزاب كردية، وحلها قانونيًّا ومنعها من ممارسة السياسة، وعندما طرح حزب الشعوب نفسه، كحزب ليس للكرد فقط، إنما لكل الشعوب الموجودة في تركيا، وطرحت رؤية سياسية للتعايش، أيضًا التفوا على هذا الحزب ونتائجه الكبيرة التي حققها؛ لذلك نجد الآن حربًا على البرلمانيين الكرد، وتم إغلاق عشرات المراكز المعنية بالثقافة وحقوق الإنسان والأوضاع الاجتماعية، فقط لأنهم يعرفون من يديرونها وهم الكرد، ولذلك لا يقبلون بهذه الحقيقة ويعتقدون أن كل ما هو في تركيا هو التركي بالضرورة، وغير ذلك لا يقبلون؛ لذلك نشهد الانشقاقات داخل تركيا، وتستمر الحروب سواءً كان بشكلها العسكري على الأرض أو بشكلها القانوني والسياسي والاقتصادي.
قمع المعارضة
أثبتت الوقائع كيف تسير التجربة الديمقراطية في تركيا، وقررت السلطات التركية أخيرًا إقالة 3 رؤساء بلديات من حزب الشعوب الديمقراطية في مناطق جنوبي شرقي البلاد، مناطق الكرد، ويعكس هذا الواقع، القرار والحجة هي نفسها علاقة حزب العمال الكردستاني دعم الإرهاب والترويج له، وهو ليس جديدًا؛ إذ يأتي استكمالًا لسياسة إقصاء هذا الحزب من مناصبهم، كلما فازوا في الانتخابات برلمانية أو بلدية، فخلال مرحلة الانتخابات البلدية الماضية، وتحديدًا في الـ11 من سبتمبر 2016، تم عزل رؤساء بلديات 20 مدينةً من الحزب نفسه دفعة واحدة، وتعيين أشخاص بدلًا منهم في إطار سياسة الوصي التي انتهجتها الحكومة التركية؛ ليصل العدد الإجمالي في نهاية العهد الماضي إلى 95 رئيس بلدية من أصل 102، كان فاز بها أعضاء حزب الشعوب الديمقراطية.
أردوغان والأكراد
تثبيت أركان حكم أردوغان
أنتهج أردوغان منهجًا عدائيًّا واعتاد على افتعال عدد من المعارك الوهمية؛ بهدف تعزيز سلطاته داخليًّا، أو الحصول على مكاسب إقليمية ودولية، أو الصراع الدائم مع الأكراد، خاصةً في عام 2015، والاعتقال على الشبهة؛ للتخلص من الخصوم بعد انقلاب يوليو 2016، وكذلك الاشتباك مع روسيا في نوفمبر 2015.
ويبقى أردوغان أكثر الشخصيات المثيرة من خلال تصرفاته وسياسته العدائية، تجاه شعوب المنطقة، إنها تلك الازدواجية الفجة بعد ادعاءات أردوغان عن مدى ديمقراطيته في إدارة تركيا وممارساته على أرض الواقع، التي تكشف عكس ذلك تمامًا.
وخطوة نظام أردوغان لإقالة رؤساء البلديات المعارضين، لم تكن مفاجئة، إنما كانت مبيتة من وقت انتخاب المحليات التي أجريت في الـ31 من مارس الماضي، وتبين أن حكومة حزب العدالة والتنمية، الحزب الحاكم في تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان، بدأت تحركاتها؛ لإبعاد رؤساء البلدية الكردية، بعد الانتخابات المحلية مباشرة.
تحجيم الاكراد في الخارج
تحت ذريعة محاربة تنظيم داعش وتحجيم أي دور للأكراد، لم تتوقف الأطماع التركية في اتساع رقعة نفوذها شمالي شرق سوريا، ودخلت دباباتها للأراضي السورية لأول مرة.
ولا يوجد أي سببًا معينًا في دخول تركيا إلى مستنقع سوريا، في بادئ الأمر، قيل: إن سبب تدخلها كان بحجة تطهير الحدود التركية من تنظيم «داعش» الإرهابي، بعد ذلك قيل: إنه لطرد ميليشيا الأكراد السوريين وحدات حماية الشعب الكردي، أما اليوم فقد جاء تفسير جديد لسبب دخول القوات التركية إلى شمال سوريا؛ للعمل مع ما يسمى الجيش السوري الحر .
ومن الواضح، أن هذا التدخل كان من أهم الأركان الأساسية التي اعتمد عليها أردوغان في تصديق أكاذيبه، بأن تركيا تتعرض للإرهاب، على الرغم من أن أردوغان هو السبب الرئيسي في إقحام بلاده في المعضلة السورية؛ ليساعد على ارتكاب مجازر بدوره في مدينة الباب السورية، والتي راح ضحيتها مئات الأطفال والشيوخ.





