دمج «أهل السنة» في الجيش الصومالي.. خطوة على طريق تحجيم إرهاب «الشباب»
أعلنت الحكومة الصومالية، الإثنين 8 يوليو، دمج ميليشيات جماعة «أهل السنة والجماعة» في قوات الجيش، لمواجهة الإرهاب المُتزايد لحركة الشباب؛ خاصةً مع تكثيفها عملياتها مؤخرًا.
وخلال حفل كبير في مدينة «دوسمريب» وسط الصومال، أعلن رئيس الوزراء حسن علي خيري، بدء إجراءات ضم الميليشيات إلى القوات الحكومية، على الرغم من حدوث خلافات كبرى بين الجماعة والحكومة الصومالية، خلال الفترة السابقة، بسبب رغبة أهل السنة والجماعة في السيطرة على حكم ولاية «غلمدغ».
ومنذ مارس 2015 وحتى ديسمبر 2017، كانت هناك حالة من الاقتتال المتقطع بين الحكومة والجماعة، انتهى بتوقيع «اتفاقية جيبوتي» في ديسمبر 2017، التي تنص على ضرورة إشراك الجماعة في إدارة وحكم «غلمدغ».
من هم أهل السنة والجماعة؟
«أهل السنة والجماعة» حركة صوفية، انخرطت بشكلٍ مباشرٍ في العملية السياسية، والانتخابات، وعقد التسويات السياسية مع الشركاء والخصوم، إضافة إلى ذلك قامت بإنشاء ميليشيات عسكريَّة مُسلحة تتولى الدفاع عن مصالح الجماعة في الصومال.
ومرت عملية تسييس الصوفية في الصومال بمرحلتين تاريخيتين، الأولى كانت بداية القرن الـ20، حين قامت الصوفية الصومالية بقيادة «محمد بن عبدالله حسن» من عام 1856 إلى عام 1920 بمحاربة الاستعمار في مناطق الساحل، والثانية كانت في عام 2008، أي بعد عامين من إسقاط حكم «اتحاد المحاكم الإسلامية» عام 2006، وظهور النشاط الإرهابي لحركة الشباب؛ حيث لعبت «أهل السنة والجماعة» دورًا كبيرًا في التصدي للشباب من مناطق وسط الصومال باتجاه الولايات الجنوبية عام 2009.
برزت «أهل السنة والجماعة» في أوائل التسعينيات، إذ دشن الجنرال الراحل محمد فارح عيديد إذاعة محلية في مقديشو تحمل الاسم ذاته، وكانت تبث على الهواء أغنيات وأوراد صوفية؛ حيث كان «عيديد» يرغب في اتخاذ الصوفية، واجهة دينية لمحاربة التطرف، إلى جانب رغبته فى محاربة الجماعات السلفية المتشددة، بالصوفية، لكن محاولته باءت بالفشل؛ لأن «أهل السنة والجماعة» آثرت الابتعاد عن السياسة وركزت في الجانب الصوفي فقط.
وفي منتصف التسعينيات برز اسم «أهل السنة» كتنظيم إسلامي في مقديشو، يتزعمه الشيخ عبد الرزاق، أحد علماء الطريقة القادرية الصوفية، وكان نشاطه محدودًا، وكان للتنظيم مدرسة واحدة فقط تُسمى بـ«المأمون»، أما الظهور الفعلي للجماعة كتنظيم مسلح فيعود إلى أواخر عام 2008، عقب ظهورها في المناطق الوسطى بالصومال، واصطدامها مع كلٍّ من حركة الشباب والحزب الإسلامي على خلفية قيام الأخيرتين بنبش مقابر بعض أقطاب علماء الصوفية وهدم مزارات صوفية في أكثر من مكان.
وعقب هذه الخلافات بدأت الجماعة فى التوسع بالسيطرة على الأقاليم الوسطى بأكملها، بل استطاعت التقدم نحو بعض المناطق المجاورة للأقاليم الوسطى، وتلك الأماكن تتركز فيها حركة الشباب، واستطاعت خلال تلك الفترة طرد عدد كبير من عناصر المجاهدين من الأقاليم الصومالية الوسطى.
ومن أبرز الأقاليم الصومالية التي وجدت وتوجد فيها جماعة أهل السنة والجماعة « بارطيرى» و«بيولي» و«كسمايو».
أسباب زيادة النفوذ
ساهمت عدة عوامل في تقوية وزيادة نفوذ جماعة «أهل السنة والجماعة»، لعل أبرزها الوضع القبلي الذي يهيمن على المشهد السياسي في البلاد، وانضمام فلول وزعماء الحرب الذين تكبدوا الهزائم على أيدي ما سمى باتحاد المحاكم الإسلامية.
ودعمت الحكومة الصومالية «أهل السنة» فى سبيل محاربة تطرف «الشباب»، إضافة إلى ذلك شجعت الولايات المتحدة الحكومات الإفريقية على دعم أي جماعة صوفية لمواجهة التطرف.
وفي الوقت الحالي بحسب دراسة أعدها مركز«مقديشو للدراسات السياسية والاستراتيجية» يبلغ عدد عناصر «أهل السنة» ما يقرب من 3000 عنصر مسلح.
من جانبه قال محمد عز الدين، الباحث المتخصص في الشأن الأفريقي: إن دمج جماعة أهل السنة فى قوات الجيش الصومالي لمواجهة إرهاب الشباب الصومالية، لن يكون ناجحًا بنسبة كبيرة، لأن «أهل السنة» اعتمدت على الحرب العشوائية في مواجهة الشباب، وبالتالى لن تتعود على الأسلوب القتالي المنظم للجيش.
وفي تصريحات خاصة لـ«للمرجع»، قال الباحث إن دمج أهل السنة مع الجيش سيقيد حرية وتنقل الجماعة، خاصة وأنها تتركز في الأقاليم التي تتواجد فيها حركة «الشباب»، وكانت تدخل في مواجهات عسكرية وقتالية معها، لكن دمجها مع جيش نظامي سيجعلها تختفي، وهذا الأمر يعطى فرصة من ذهب للشباب للتوغل والتوسع.





