ad a b
ad ad ad

الرياضة و«الإسلاموفوبيا».. دور فاعل ينقصه التكامل المجتمعي

السبت 22/يونيو/2019 - 11:31 م
المرجع
نهلة عبدالمنعم
طباعة

الأزهر الشريف أهم منارة إسلامية في العالم، وتبقى أقواله وأفعاله محط اهتمام ورواجًا كبيرًا، وقياسًا على ذلك فإن المكالمة الهاتفية التي تمت الأربعاء 19 يونيو، بين الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، واللاعب المصري ذي الشعبية الواسعة المحترف بصفوف نادي «ليفربول» الإنجليزي محمد صلاح، حظيت بتداول إعلامي دولي.


وفي ظل ما يعانيه الدين الإسلامي من افتراءات، جلبها أولًا أصحاب الاتجاهات الراديكالية المتطرفة، يعول الكثيرون على محمد صلاح أن يكون سفيرًا للإسلام في أوروبا، وخصوصًا بعد نصيحة شيخ الأزهر إلى «صلاح» بأن يكون قدوةً للشباب، وأن يقدم نموذجًا مشرفًا عن الدين في المجتمعات الغربية.

ومع جدلية الأطروحة يبقى التساؤل مُرتكزًا على القدرة الحقيقية التي يستطيع من خلالها «صلاح» ورفاقه من اللاعبين المسلمين في الغرب، تغيير النظرة السلبية إلى الإسلام، وبالأخص مع امتهانهم وظيفة تتسبب أحيانًا في مزيدٍ من التعصب والعنف.
 محمد صلاح
محمد صلاح
آمال وطموحات

بالعودة على رؤية البعض نحو إمكانية تغيير صورة الإسلام إلى النموذج الصحيح عن طريق بعض اللاعبين المسلمين، نجد أن مركز دراسات الهجرة بجامعة «ستانفورد» في الولايات المتحدة الأمريكية، قدم ورقة بحثية مفادها أن اللاعب المصرd محمد صلاح ترك تأثيرًا إيجابيًّا على ظاهرة تنامي الإسلاموفوبيا ومعدل جرائم الكراهية لدى جماهير «ليفربول» بعد احترافه بالفريق.

واستندت الدراسة في تقريرها النهائي على معلومات حصلت عليها من 25 هيئة شرطية في بريطانيا خلال الفترة من 2015 حتى 2018، إلى جانب تحليل مضمون 15 مليون تغريدة إلكترونية لمشجعي كرة القدم في المملكة المتحدة، واستنتجت أن جرائم الكراهية انخفضت بنسبة 18.9%، وأن التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي انخفضت حدتها نحو المسلمين بنسبة 53.2% ، بين جماهير ليفربول.

ومن مرتكز الموضوعية، فإن ظاهرة الإسلاموفوبيا هي ظاهرة عالمية لا تقتصر على مقاطعة محددة، وازدادت حدتها خلال الفترة الأخيرة في أوروبا عمومًا، كما أن محمد صلاح ليس هو اللاعب المسلم الوحيد في القارة العجوز، أو حتى في المملكة المتحدة بل تشير البيانات إلى وجود ما يقارب 50 لاعب كرة قدم مسلم بالقارة.


 بول بوجبا
بول بوجبا
ويبقى اللاعب الفرنسي بول بوجبا لاعب مانشتر يونايتد، والسنغالي ساديو ماني لاعب ليفربول، والجزائري رياض محرز لاعب مانشستر سيتي، والأسطورة الفرنسية فرانك ريبيري من نجوم الصف الأول في أوروبا الذين يعتنقون الديانة الإسلامية، وقبلهم الكثيرون.

 مسعود أوزيل
مسعود أوزيل
عنصرية وتطرف

ووسط الدعوات القائلة: إن اللاعبين المسلمين الملتزمين هم نموذج للدين أمام الغرب في خضم تخوفاته من الإسلام، يظهر نموذجٌ آخر وهو اللاعب الألماني مسعود أوزيل المحترف في نادي أرسنال الإنجليزي، في حفل زفافه بصحبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، متجاهلًا الانتقادات الحادة لأردوغان بتمويل الجماعات الإرهابية وتسهيل مهمتها، بل طلب منه الشهادة على عقد زواجه. 

وقد واجه أوزيل من قبل هتافات أجبرته على اعتزال اللعب الدولي؛ وذلك بسبب علاقته بالرئيس التركي، ولكن زادت حدة تلك الهتافات والانتقادات بعد إخفاق المنتخب الألماني في مونديال روسيا لكرة القدم 2018.

وبعيدًا عن علاقة بعض اللاعبين بتيارات مشبوهة –ربما عن قصد أو جهل- فإن بعض اللاعبين المسلمين تعرضوا لعنصرية، ولم يحظوا بمكانة للترويج ضد «الإسلاموفوبيا»؛ وذلك ربما لأصولهم التي تعود لدول مشبوهة مثل اللاعب التركي «هاكان تشالهان أوغلو» الذي تعرض في نوفمبر 2015 لهتافات مضادة، وتم قذفه بقطع الخبز من جماهير فريقه الألماني بايرليفركوزن.
سياق منقوص

وعن تلك الإشكالية يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، الدكتور سعيد صادق: إن بعض النماذج المسلمة الجيدة كلاعبي كرة القدم أو العلماء وغيرهم بإمكانهم تقديم صورة حسنة عن الدين، ولكن ليست كافية لتغيير مشهد الإسلام لدى دول الغرب.

وأشار في تصريح لـ«المرجع» إلى أن «الإسلاموفوبيا» ليست ظاهرة وهمية لكنها حقيقة يروج لها أصحاب الأيديولوجيات العنيفة مثل تنظيم «داعش» وتنظيم «القاعدة» وجماعة «بوكوحرام» النيجيرية وحركة «طالبان» الأفغانية، وغيرهم من الكيانات المتطرفة، ومباريات الكرة تلعب مرات محددة في الشهر يرى فيها الجمهور اللاعب وقتًا قليلًا؛ ثم يعود إلى منزله ليشاهد الفظائع ويتابع العمليات الإرهابية على وسائل الإعلام وأحيانًا داخل بلدته.

وطبقًا لرأي الباحث فإن المرجعيات الإسلامية هي المنوط بها أولاً تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى البعض عن الدين الإسلامي، فاللاعب قد يتابعه المشجعون، أما المواطن العادي غير المهتم بكرة القدم يحتاج لجهد أوسع من العلماء ذوي الخبرة والدين الصحيح.

وعلاوة على ذلك، يرى «صادق» أن الأفعال السيئة التي ترتكبها الحكومة الإيرانية كنموذج للتطرف الفكرى، ضد النساء من ضربهن والاعتداء عليهن، هو ما يروع الغرب ويربك نظرته للمسلمين، ولن يستطيع اللاعبون أو غيرهم من النماذج الفردية تغيير الأمر بأكمله، وإنما يحتاج الأمر إلى جهد جماعى لإيقاف العنف والدموية والأفعال المشينة.

"