«الإسلاموفوبيا».. الكراهية تغزو أوروبا
الإثنين 11/يونيو/2018 - 09:45 م
حور سامح
في مطلع شهر أبريل 2018، تعرض جامع «المسجد الأقصى»، في العاصمة الألمانية برلين، لاعتداء من قِبَل مجهولين، أشعلوا النار فيه، ولطَّخوا نوافذ المسجد بالألوان، وتركوا كتابات فوق الدهان.
على إثر هذا الاعتداء الذي تعَرَّض له المسجد، أوضح مرصد الأزهر أن عدد الهجمات التي تعرضت لها المساجد في ألمانيا على مدار 15 عامًا منذ 2001 وحتى 2016 بلغ 416 هجومًا خلال الأعوام الـ15؛ حيث كان عدد الهجمات عام 2017 فقط 60 من أصل 950 اعتداءً على المسلمين خلال العام ذاته.
خلال العام الحالي 2018، انتشرت عمليات الاعتداء على المساجد والمؤسسات الإسلامية؛ إذ لطخ مجهولون جدار مسجد تركي في كاسل بالطلاء، وفي مدينة مندن حطم مجهولون زجاج مَقَرِّ جمعية «ديتيب» الإسلامية التركية، ولُطخت جدران أحد مساجد الجمعية في مدينة لايبزيغ بمواد الطلاء أيضًا.
ووصل الأمر إلى محاولة إحراق المساجد برمي المواد المشتعلة عليها، وتهشيم بعض نوافذها؛ إذ ألقى مجهولون مَوَادَّ حارقةً -في وقتٍ واحد- على مسجدٍ بالعاصمة برلين، ومبنى آخَر تابع لجمعية الصداقة الألمانية التركية في مدينة «مشده» بولاية شمال الراين فيستفاليا، غرب ألمانيا، وقالت الشرطة الألمانية: إن مسجدًا وناديًا ثقافيًّا تركيًّا في برلين، تَعَرّضا للإحراق عمدًا يوم الأحد 11 مارس 2018.
وأدان مرصد الأزهر تلك الأفعال العنيفة ضد المسلمين ومؤسساتهم، وتخريب دور العبادة الخاصة بهم، مشيرًا إلى أنه يجب تنحية الخلافات السياسية، أو العداءات الطائفية، أو العنصرية عن دور العبادة، كما يؤكد ضرورة الانتباه لخطورة الإسلاموفوبيا على المجتمع.
حملات إيذاء المسلمين
لم تكن الأحداث في ألمانيا هي أول أشكال الإسلاموفوبيا في أوروبا؛ إذ ظهرت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي في بريطانيا، تحت عنوان «عاقب مسلمًا»، ولم تكتفِ الصفحة بذلك فقط، بل وضعت طرقًا للعقاب، والحملة تدعو إلى إيذاء أي مسلم على هويته، وتقترح المنشورات الخاصة بها أشكالًا عدة للإيذاء، من بينها الإساءة اللفظية، وخلع حجاب أي فتاة مسلمة، وإلقاء ماء حارق في وجه أي مسلم، والضرب والتعذيب بالصعق الكهربائي، إضافةً إلى حرق أو تدمير أي مسجد.
واختارت الحملة يوم الثالث من أبريل لتطبيق العقاب على مستوى واسع، وجعله لإيذاء المسلمين، وقدمت الحملة قائمة من أعمال العنف ضد المسلمين، مرفقةً بها درجات أو نقاطًا تحفيزية تزيد حصيلته، كلما كان الهجوم أكثر شراسة، وتراوحت المقترحات بين الشتم مقابل 10 نقاط، ونزع حجاب مسلمة مقابل 25 نقطة، وإلقاء ماء النار على وجه مسلم مقابل 50 نقطة، والاعتداء بالضرب مقابل 500 نقطة، و1000 نقطة مقابل إحراق أو تفجير مسجد.
ومن جانبه، قال الدكتور عبدالحليم منصور، رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر: إن ظاهرة الإسلاموفوبيا في أوروبا من شأنها أن تثير الفتنة بين الشعوب، مؤكدًا أن الدين الإسلامي داعٍ للسلام، وأَصَّل لفكرة المواطنة، مستندًا إلى الآية الكريمة: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ». (الحجرات- آية: 13)
وأوضح «منصور»، في تصريح لـ«المرجع»، أن الأزهر يعمل على ترسيخ أسس السلام والمُواطَنة في العالم؛ لأن انتشار الإرهاب والتطرف غير مرتبط ببداية بعينها، مشيرًا إلى أنه إذا تابعنا التاريخ سنجد أن العديد من المجازر كانت تُقَام باسم الدين، ولم تكن لها علاقة به، ولكن كان يستخدم الدين في كثير من الأحيان؛ لتبرير العنف والتطرف والإرهاب.
ويُشير رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر، إلى أن هذه الحملات ليس من شأنها التأثير على الإسلام، أو عدم انتشاره، ولكنها تؤثر على المجتمع الذي يدعو إلى مثل تلك الحملات، وتؤثر على أفراده، وتنشر العنف داخل المجتمع، وتشعل نيران التعصب وتساعد في انتشار الإرهاب.
ولفت إلى أن الضرر يقع على المجتمع أكثر ما يقع على المسلمين وحدهم، أو غير المسلمين في العمليات التي تتم ضدهم باسم الدين، متابعًا: «التطرف بشكل عام يقتل المجتمعات، ويُشعل نيران الفتنة التي من الممكن أن تهدم الدول».





