على وقع العقوبات.. قادة «الملالي» ينقسمون حول التفاوض مع واشنطن
مع تصاعد الأزمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، وإرسال واشنطن حاملة الطائرات «أبراهام لينكولن» مع عدد من القاذفات إلى الخليج، ظهرت انقسامات نظام الملالي على نفسه؛ حيث لم يستطع حتى الآن اتخاذ قرار التفاوض مع الجانب الأمريكي الذي أعلن متمثلًا في الرئيس دونالد ترامب أن هدف العقوبات هو إجبار الإيرانيين على الجلوس للتفاوض؛ لإعادة كتابة بنود الاتفاق النووي الموقع عام 2015.
ويراوغ الإيرانيون أمام عروض
التفاوض الأمريكية، فتارة يقولون إن واشنطن تلهث وراءهم ليجلسوا معها للتفاوض،
ويعلنون رفضهم للجلوس مع الشيطان الأكبر، وتارة يعلنون موافقتهم على التفاوض، دون
أن يصاحب هذا الإعلان إجراءات عملية لبدء التفاوض؛ إذ أعلن الرئيس الإيراني، حسن
روحاني استعداده للتفاوض مع واشنطن، مؤكدًا أن الأمريكيين «لو أرادوا التحدث معنا
حول موضوع معين، وذلك في إطار احترام حرمة البلاد والقانون واللوائح الدولیة،
فإننا جاهزون دائمًا للحوار والمنطق والجدال الأحسن، ولكن نرفض الضغوط
والإملاءات»، وفقًا لوكالة الأنباء الإيرانية «إرنا».
أما المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، فقال إنه لا جدوى من التفاوض مع أمريكا، مؤكدًا أن المشكلة مع الولايات المتحدة ليست قابلة للحل، وأن المفاوضات معها تعدّ خسارة اقتصادية، فيما أعلن نائب قائد الحرس الثوري الإيراني للشؤون السياسية، يد الله جواني، أن طهران لن تجري محادثات مع الولايات المتحدة الأمريكية.
على صعيد متصل، قال الباحث المختص في الدراسات الإيرانية «فراس إلياس»، في تصريح لـ«المرجع»: إنه يمكن القول بأن إيران ليست معتادة على التعامل بهذا النسق العالي مع التهديدات الأمريكية، خصوصًا أن هذه التهديدات أصبحت تستهدف النظام السياسي في إيران بصورة مباشرة، فشعار تعديل سلوك إيران الإقليمي الذي رفعته إدارة «ترامب»، هو بصورة أخرى تستهدف العقلية التي تدير هذا السلوك، والحديث هنا يشير بصورة مباشرة إلى المرشد والحرس الثوري الإيراني، اللذين يرسمان ويخططان بعناية لهذا السلوك، ولهذا نجد بأن التعنت الإيراني في عدم الاستجابة للضغوط الأمريكية يأتي في إطار رغبة إيرانية لتخفيف شروط التفاوض، والأهم من ذلك الحصول على ضمانات دولية لاستمرار بقاء النظام على قيد الحياة.
وأضاف أن «جمهورية خميني الإسلامية» تعاني اليوم من أزمة نظام سياسي يواجه تحدي الوجود، ولهذا تبدو الخيارات الإيرانية في كيفية التعاطي من الإجراءات الأمريكية يكتنفها الكثير من التخبط، وقد نرى في المرحلة المقبلة سوء تقدير، قد يقود المنطقة إلى حرب مفتوحة، تتجاوز قدرة النظام السياسي في إيران على تحملها، خصوصًا أنه اليوم يعاني من أوضاع اقتصادية صعبة للغاية.
وأوضح أن الجلوس على طاولة المفاوضات، والمراهنة على عامل الزمن، والسعي لكسب دعم الحلفاء من دول وميليشيات، هو ما يبحث عنه النظام الإيراني اليوم، ولهذا نجد بأن إيران كثفت نشاطها الدبلوماسي السري والعلني بهذا الإتجاه، كما أن الملحقية العسكرية الإيرانية في بغداد، بدأت بنشر تعليمات سرية توضح من خلالها الوظائف التي ستضطلع به كل ميليشيا مسلحة على حدة، في حالة ما إذا اندلعت المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وكشف أن إمكانية وقوع إيران بالمحظور واردة جدًا، وهو ما تبحث عنه الإدارة الأمريكية في الوقت الحاضر، ما يعني فتح الطريق واسعًا أمام إدارة ترامب لتنفيذ إستراتيجية بولتون لإسقاط النظام الإيراني، فقرار بدء الحرب بيد إيران، لكن قرار إنهائها بيد أمريكا، ولن تنتهي هذه المواجهة إلا وقد حققت الولايات المتحدة جميع أهدافها الإستراتيجية، وأهمها عدم عودة إيران مرة أخرى للمنطقة، بنفس العقلية والإيديولوجيا التي تحكم النظام الحاكم في إيران.





