الزهور السوداء.. أطفال «داعش» قنابل موقوتة في انتظار التفجير
بعبارات التهديد والانتقام، توعد المتحدث السابق باسم تنظيم داعش أبومحمد العدناني- قبل مقتله- باستمرار العمليات الإرهابية على يد الأجيال الناشئة في «معاقل داعش»، وذلك «حتى لو انهار التنظيم»، على حد وصفه.
تحقق شطر «نبوءة العدناني» بعد مقتله في غارة جوية أمريكية عام 2016، لكن التنظيم سعى لتحقيق الشطر التالي عبر سلسلة من الخطوات التي اتخذها لتجنيد الأطفال في الصراع، كان أخطرها بلا شك «التعليم الداعشي» الذي ركز على تخريج أجيال جديدة مما يسميه التنظيم «أشبال الخلافة».
ورغم خسارة التنظيم كل معاقله في سوريا والعراق، فإنه ترك إرثًا خطرًا خلفه؛ متمثلًا في آلاف الأطفال الباقين داخل مخيمات النزوح، والذين تلقوا تعليمهم في معاهد التنظيم الدراسية التي كانت تنتمي لما يعرف بديوان التعليم.
التعليم الداعشي
منذ بدايات تأسيس التنظيمات المسلحة، كانت تلك المجموعات تعتبر أن التعليم داخل المدارس التي تشرف عليها الحكومات «تعليمًا فاسدًا» بحسب أفكار التنظيم.
وخصص أبومحمد المقدسي، منظر الجماعات الإرهابية الشهير، كتابًا سماه "إعداد القادة الفوارس بهجر فساد المدارس" للتحدث عن ما اطلق عليه «خطورة نظم التعليم الحكومية»، وضرورة الابتعاد عنها وتأسيس ما يدعى «مدارس على منهاج النبوة»، لكنه استبعد أن تقوم هذه المؤسسات التعليمية في ظل «عصر التنظيمات».
لكن «داعش»، الذي سعى للخروج من عصر التنظيمات والدخول إلى عصر الدولة تحت شعار «على منهاج النبوة»، استطاع إقامة هذه المؤسسات لفترة من الوقت، باعتبارها «أساس إقامة المجتمع الإسلامي»، بحسب رؤية التنظيم الإرهابي.
في نهاية 2015، أعلن داعش بدء تطبيق نظام التعليم الجديد، مستفيدًا من النظام التعليمي السابق، لكن بعد أن استبعد مواد الموسيقى والتربية الوطنية التي كانت تدرس في المدارس الحكومية السورية والعراقية، واستبدل المناهج بأخرى تتوافق مع أيديولجيته المتشددة.
وجعل التنظيم بداية مرحلة التعليم الأساسي من سن الـ5 وحتى الـ15، وفصل بين الجنسين داخل مقاعد الدراسة، كما فرض عقوبات على أهالى الأطفال الذين يتغيبون عن «معاهد داعش».
لم يستطع التنظيم الإرهابي أن يجد معلمين لجميع مدارسه، فاعتمد على المعلمين السابقين الذين عملوا في وزارات «البعث»، لكن بعد أن اشترط عليهم الخضوع لجلسات الاستتابة، وتعلم الأحكام الشرعية.
كانت اللغة الإنجليزية من بين المواد التي فرض التنظيم تدرسيها منذ المستوى الرابع، لكن المحتوى الدراسي بأسره كان يحرض على العنف، إذ تضمن الغلاف صورة لطفل يحمل سلاحًا آليًا، وهو يقف أمام مسجد، في إشارة من التنظيم بأن هؤلاء الأطفال سيقفون أمام المساجد يوميًّا للقتال.
كما استخدم التنظيم في مناهجه كلمات متعلقة بالقتال والجهاد والسلاح، وألغى ذكر العراق وسوريا نهائيًا واستبدلها بمصطلح «الدولة الإسلامية».
وركز «داعش» في مناهجه على ما يعتبره «مظلومية السنة» عبر تضمينه صورًا للقصف على بيوت عراقية أو سورية، وإظهار مشهد ضحايا القصف، داخل الفصول الدراسية.
ويصور التنظيم الإرهابي ما يعتبره «خلافة البغدادي» بأنها كـ«المدينة الفاضلة»، أو ما يسميه التنظيم بـ«الخلافة الراشدة»، محاولًا جذب الأطفال إلى خانة التعاطف معه.
ولم تقتصر محاولات التنظيم الإرهابي على التعليم فقط، إذ عمد داعش إلى توزيع هدايا وأطعمة ومشروبات عبر النقاط الإعلامية التي كانت تعمل على نشر الإصدرات الدعائية له في المدن التي سيطر عليها.
كما استغل داعش هؤلاء في عمليات القتال داخل سوريا والعراق، بعد دمجهم في ما يعرف بمعسكرات أشبال الخلافة.
ومع أن التنظيم الإرهابي خسر سيطرته المكانية في سوريا والعراق لكن أفرع التنظيم لا تزال نشطة في مناطق أخرى في أفريقيا وآسيا، وتعتمد على المناهج التي أنشاها ديوان التعليم في جذب وتجنيد الأطفال في بلدان شتى بحسب موقع ديفنس بوست.





