ad a b
ad ad ad

المعضلة الفرنسية في التعامل مع الدواعش والمتطوعين بصفوف الأكراد

الثلاثاء 28/مايو/2019 - 04:00 م
المرجع
شيماء يحيى وأحمد لملوم
طباعة

أصدرت محكمة عراقية، اليوم الإثنين، 27 مايو 2019، حكمًا بالإعدام على فرنسي رابع بتهمة الانتماء لتنظيم داعش.

المعضلة الفرنسية

وقضت المحكمة بإعدام 3 فرنسيين آخرين الأحد 26 مايو، لانتمائهم لتنظيم «داعش»، وعلقت السلطات الفرنسية على إصدار الأحكام في بيان لوزارة الخارجية، بالقول إنها ترفض عقوبة الإعدام من حيث المبدأ، وعلى الرغم من ذلك فإنها تحترم سيادة السلطات العراقية.

 

والصادر في حقهم حكم الإعدام هم: كيفن جونو وليونار لوبيز، وسليم معاشو، الذين اعتقلتهم قوات سوريا الديمقراطية المعروفة بـ«قسد»، ونقلوا مع تسعة فرنسيين آخرين إلى العراق في فبراير الماضي، ويذكر أن المعتقلين يتلقون مساعدة قنصلية لضمان تمثيلهم القانوني، ولديهم مهلة 30 يومًا لاستئناف الحكم.

 

وشكلت قضية التعامل مع من انضموا إلى تنظيم داعش أزمة كبيرة لعدد من الدول الأوروبية لاسيما فرنسا، التي اتخذت موقفًا معارضًا لفترة طويلة فيما يتعلق بعودة هؤلاء الأشخاص للبلاد مرة أخرى لمحاكمتهم، وكانت ترى ضرورة محاكمة هؤلاء المواطنين في الدول التي تم القبض عليهم فيها، غير أن السلطات الفرنسية غيرت موقفها في الآونة الأخيرة، وبدأت تظهر بعض اللين في التعامل معهم؛ إذ استعادت بعض الأطفال من مخيمات النازحين في سوريا، ومنهم طفلة تبلغ من العمر 3 سنوات، كانت تعيش مع والدتها الفرنسية في العراق، وتدرس الحكومة الفرنسية حاليًا حالة الأطفال المولودين لمقاتلي تنظيم داعش، وموجودين في سوريا والعراق بشكل فردي، كل حالة على حدة.

 

وتحدثت تقارير صحفية فرنسية عن وجود خطة محتملة لدى الحكومة لتنفيذ عمليات نقل هؤلاء المواطنين من سوريا، إذ يرى رئيس الوزراء، إدوار فيليب، بأنه من الأفضل محاكمة الإرهابيين الفرنسيين ومعاقبتهم في فرنسا بدلًا من عدم معرفة مصيرهم، أو هروبهم من مراكز الاحتجاز هناك، وقيامهم بالتخطيط لأعمال إرهابية جديدة.

المعضلة الفرنسية

متطوعون أم تهديد أمني؟


لا تشهد قضية التعامل مع المواطنين الفرنسيين الذين انضموا لتنظيم «داعش» وحدها تحولات دراماتيكية؛ إذ بدأت وسائل الإعلام الفرنسية مؤخرًا الحديث عن تعامل الحكومة مع المواطنين الذين سافروا ليتطوعوا في صفوف المقاتلين الأكراد لمحاربة تنظيم داعش.

 

ولا تزيد أعمار هؤلاء المتطوعين الفرنسيين عن الثلاثين عامًا، ويقدر عددهم بالعشرات وإن كان لا يعرف بدقة من قبل السلطات، إذ كانوا انضموا إلى مجموعات وحدات حماية الشعب الكردية على مدار سنوات القتال ضد تنظيم داعش أم لا، ولعبت القوات الكردية دورًا رئيسيًّا في تحقيق الهزيمة لتنظيم الإرهابي بمساندة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

 

وأعرب مسؤولون فرنسيون عن قلقهم فيما يتعلق بالخبرة العسكرية التي اكتسبها هؤلاء الأشخاص خلال قتال التنظيم الإرهابي، وقال مصدر أمني رفض ذكر اسمه للوكالة الفرنسية: «المتطوعون في صفوف المقاتلين الأكراد يمثلون تحديًا أمنيًّا بالنسبة للسلطات الفرنسية، فالسيناريو الأسوأ لأي مسؤول أمني هو عودة أشخاص، أيا كان انتماؤهم، وقد اكتسبوا خبرات ومعرفة عسكرية».

 

ويدرب مسلحو وحدات حماية الشعب، هؤلاء المتطوعين على كيفية استخدام بنادق الكلاشينكوف والمدافع الرشاشة وقاذفات الصواريخ، ويطلبون أن يبقى هؤلاء الوافدون الجدد إلى جانبهم لمدة ستة أشهر على الأقل.

 

ويرى البعض أن هناك إرهاصات تنبئ باحتمال تعرض هؤلاء المتطوعين للمساءلة بسبب تصنيفهم أو اعتبارهم مرتزقة من الأجهزة الأمنية، فقد بدأت محاكمة البريطاني جايمس ماثيوز مارس الماضي، بسبب قتاله في صفوف الفصائل الكردية، ولم يكن هذا الموضوع الشائك مطروحًا بنفس الطريقة الحالية أثناء محاربة تنظيم داعش، غير أن الأمر اختلف عقب هزيمة التنظيم الإرهابي وإعادة السيطرة على المناطق التي كانت في قبضته في سوريا والعراق.

 

وقبل مقتله بمدينة عفرين في العاشر من فبراير الماضي، قال أحد هؤلاء المتطوعين، ويدعى  كاندال بريز، في مقابلة أجراها مع الصحافة الفرنسية: «لا أخشى الملاحقة، كما ليس هناك خطر على الذين عادوا إلى فرنسا لسبب بديهي ألا وهو أنه سيكون من النفاق اعتقال من يقاتل في صفوف الفصائل الكردية في سوريا بينما القوات الفرنسية نفسها مشتركة في المعركة على بعد بضعة كيلومترات منا».


علاقة معقدة


ومن المعروف أن قوات أمريكية، بريطانية وفرنسية تعمل في مناطق تمتد من شرق الفرات وحتى مدينة منبج التي تسيطر عليها قوات كردية، ولا تعتبر تنظيمات إرهابية بالنسبة لهذه الدول، بينما تعتبرها أنقرة كذلك نسبة لكونها الذراع السورية لـ«حزب العمال الكردستاني» .


وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استقبل وفدًا من قادة القوات الكردية أواخر الشهر الماضي، وأكد لهم دعم باريس لعمليات مكافحة تنظيم داعش، وأوضحت الرئاسة الفرنسية حينها أن ماكرون قال لهؤلاء الممثلين عن القوات الكردية: «استمرار الدعم الفعلي لفرنسا في مكافحة داعش الذي ما زال يشكل تهديدًا للأمن الجماعي، وخصوصًا في إدارة المقاتلين الإرهابيين الذين أسروا، وعائلاتهم».


وخلال اللقاء تعهد ماكرون بتقديم دعم مالي لتلبية الحاجات الإنسانية والدفع باتجاه الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للسكان المدنيين في سوريا، وترى فرنسا في الأكراد حليفًا  سياسيًّا يمكن الثقة به في سوريا، إذ بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب قوات بلاده من سوريا، اتصل ماكرون بالرئيس الروسي  فلاديمير بوتين ودعاه إلى العمل على حماية القوات المشاركة في الحرب على تنظيم داعش وبينها القوات الكردية.


ويعتبر الأكراد فرنسا من الدول الأوروبية ذات الثقل والتي يمكن لها التأثير على مجريات الأمور في سوريا، وتعد فرنسا أحد أهم الداعمين الدوليين الدائمين للأكراد والحليف البديل المُحتمل لهم، غير أن العلاقة بين الأكراد وفرنسا تُغضب تركيا، التي تعتبرهم جماعة إرهابية.


وتحاول تركيا باستمرار إيجاد مبررات لشن هجوم عسكري ضد القوات الكردية في سوريا، وفي تصريح صحفي يبدو رسالة مبطنة لأنقرة، حذرت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي من جعل الأكراد السوريين ضحايا جدد للصراع السوري، قائلة: «من واجبنا القيام بكل شيء لتفادي جعل القوات الكردية ضحايا لصراع في سوريا، شركاؤنا على الأرض، قوات سوريا الديمقراطية، أعطوا الكثير. إننا ندين لهم بالكثير».

الكلمات المفتاحية

"