مساعٍ هولندية لإنشاء محكمة جنائية دولية لمقاتلي «داعش»
السبت 25/مايو/2019 - 03:20 م
أحمد لملوم
بسيطرة قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية المعروفة بـ«قسد» على قرية الباغوز شرقي سوريا مارس الماضي، انتهت خلافة تنظيم «داعش» الإرهابي المزعومة، غير أن العناصر المتشددة التي أُلقي القبض عليها مازالت تشكل مشكلة كبيرة، خاصة من قدموا من الدول الأوروبية للانضمام للتنظيم الإرهابي عقب تأسيسه عام 2014.
ستيف بلوك وزير الخارجية الهولندي
وفي جلسة بمجلس الأمن الدولي، عقدت اليوم السبت، اقترح ستيف بلوك وزير الخارجية الهولندي مبادرة جديدة لتنظيم محكمة خاصة بملاحقة عناصر تنظيم «داعش» المتورطين في الجرائم الجماعية التي ارتكبها التنظيم، مشددًا على ضرورة ملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم، ووضع حد لإفلاتهم من العقاب.
ويتمثل اقتراح «بلوك» في تشكيل محكمة جنائية دولية خاصة أو مختلطة لمحاكمة المسؤولين عن جرائم «داعش» التي نفذها خلال سنوات سيطرته على مناطق في سوريا والعراق، مشيرًا إلى أنه من الأفضل إجراء المحاكمات في بلدان المنطقة.
وكانت الحكومة العراقية قد عرضت على دول التحالف الدولي لمحاربة «داعش» بقيادة الولايات المتحدة تولي محاكمة الإرهابيين الأجانب المعتقلين في سوريا مقابل بدل مالي يقدر بنحو ملياري دولار، لكن لم يعلن عن أي رد من أعضاء التحالف الدولي بصدد هذا المقترح.
وتحتفظ القوات الكردية بعشرات الآلاف من الأشخاص الذين غادروا «الباغوز» في مخيمات تديرها حتى يتم تنفيذ خطة واضحة لكيفية التعامل معها، وصرح القادة الأكراد مرارًا أنهم لن يستطيعوا الاحتفاظ بهولاء الأشخاص لوقت طويل؛ بسبب ضعف الموارد لديهم، وصعوبة توفير حراسة مناسبة لهذا الكم من البشر.
وتسعى الدول الأوروبية لوضع خطة لكيفية التعامل مع مواطنيها الذين ذهبوا للعراق وسوريا من أجل تنظيم داعش، فضلًا عن تحقيق العدالة في حقِّ من ارتكب جرائم وأعمالًا وحشية خلال فترة وجوده هناك، وقال «بلوك» في خطابه أمام مجلس الأمن: «أنا على دراية تامة بالعوائق التي تواجهنا في هذا السبيل، لكن علينا ألا ننسى حقيقة أن العدالة أساس للسلام والأمن الدائمين».
ويقدر جهاز الاستخبارات الهولندي عدد من تركوا البلاد وسافروا إلى سوريا والعراق للانضمام إلى «داعش» بنحو 160 شخصًا، أبرزهم ضابط سابق في الجيش الملكي يُدعى إسرافيل يلمظ، قُتل في غارة جوية على مدينة الرقة في أواخر عام 2016، تخشى الحكومة من عودة هؤلاء وتنفيذ بعضهم عمليات إرهابية في البلاد ردًّا على هزيمة تنظيم داعش في سوريا والعراق.
وألمح «بلوك» إلى أن هولندا ستنظم على هامش الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعًا وزاريًّا خاصًّا بملاحقة مسلحي تنظيم داعش، داعيا مجلس الأمن والدول الأخرى للانضمام إلى هذه المساعي، خاصة مع رفض الدول الأوروبية استعادة مواطنيها الذين توجهوا إلى سوريا للقتال في صفوف التنظيم الإرهابي، ومحاكمتهم في بلادهم الأصلية.
وفي مارس الماضي شهدت مدينة أوتريخت رابع كبرى المدن الهولندية إطلاق نار عشوائي بالقرب من محطة قطارات وسط المدينة، سقط فيه ثلاثة قتلى، وأصيب تسعة آخرون، وأعلنت شرطة مكافحة الإرهاب أن الدلائل تشير إلى أن ما وقع كان هجومًا إرهابيًّا، وتكثف الشرطة الهولندية جهودها المبذولة؛ لمنع تنفيذ عمليات إرهابية في البلاد، وتستمر حالة التأهب الأمني بالمستوى الرابع منذ عام 2018، وتتابع السلطات الهولندية تحركات المتشددين الإسلامويين داخل البلاد.
هورست زيهوفر، وزير الداخلية الألماني
وكان هورست زيهوفر، وزير الداخلية الألماني، رحب بفكرة إنشاء محكمة دولية تختص بمحاكمات مقاتلي تنظيم داعش، إذ صرح «زيهوفر» في شهر أبريل 2019، على هامش لقاء وزراء داخلية الدول السبع الاقتصادية الكبرى في باريس، بأن الأمر يتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية بحق الإرهاب الدولي، ومن ثم فإنه من الملائم بلاشك أن تكون هناك أيضًا ولاية قضائية جنائية دولية، فهذا بالنسبة لي أفضل من أن يُنقل جميع مقاتلي التنظيم أصحاب الجنسية الألمانية إلى ألمانيا.
وفي لقاء مع صحيفة محلية الشهر الماضي قال رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين: إن بلاده تدعم تشكيل محكمة دولية لمحاكمة مقاتلي تنظيم «داعش» المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب خلال فترة وجودهم في سوريا والعراق، ونقلت صحيفة أفتونبلادت السويدية عن لوفين قوله: «هذا شرٌ محضٌ قائم على الطقوس، ويجب استجواب المذنبين وتحقيق العدالة في حقهم».
كما أعلن هيربرت كيك، وزير الداخلية النمساوي الشهر الماضي، عزم الحكومة إرسال اقتراح للمفوض المسؤول في الاتحاد الأوروبي؛ من أجل تنظيم محاكمات لمقاتلي داعش من الدول الأوروبية، قائلا: إن محاكمة هؤلاء الأشخاص في المناطق التي ألقي القبض عليهم فيها، سيحمي الدول الأوروبية من خطرهم.





