«كشمير».. نزاع «هندي ـــ باكستاني» عتيق يغذي الطموحات الداعشية في الإقليم
الإثنين 13/مايو/2019 - 04:33 م
أحمد لملوم
كان تحرير قرية الباغوز فوقاني في دير الزور شرقي سوريا، من قبضة تنظيم «داعش» الإرهابي، بمثابة إعلان نهاية التنظيم الذي روع الآلاف، لكن يبدو أن التنظيم الإرهابي مازال يبحث عن حلول بديلة لمعالجة هزائمه وانهيار خلافته المزعومة، إذ تم الإعلان عن إقامة ولاية جديدة له في إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان، حملت اسم «ولاية الهند»، وذلك بعد أيام من اشتباكات وقعت بين مسلحين وقوات الأمن في الإقليم، قتل خلالها عدد من قوات الأمن الهندية الموجودة في الإقليم.
ويأتي هذا الإعلان، عقب أقل من شهر من إعلانه مسؤوليته عن التفجيرات الانتحارية التي استهدفت فنادق وكنائس في سريلانكا، أسفرت عن مقتل أكثر من 250 شخصًا، إذ تحدثت تقارير إعلامية عن أن بعض منفذي التفجيرات زاروا إقليم كشمير للتدريب، وهو ما نفاه مسؤولون أمنيون من الهند، لكنه يؤكد أن التنظيم الإرهابي يعتبر إقليم كشمير هدفًا واضحًا له.
وليست هذه المرة الأولى التي يعلن فيها التنظيم عن وجوده في كشمير، ففي عام 2016 أعلن أنه شكل جماعة جديدة تحت اسم «داعش في جامو وكشمير»، ويبدو هدف التنظيم من تأسيس «ولاية جديدة» هو تعزيز موقفه، ويساهم في تحقيق ذلك الخلاف القائم بين الحكومة الهندية والباكستانية، إذ يتنازع الجانبان على السيطرة على الإقليم منذ ثمانينات القرن الماضي.
وبحسب تقديرات منظمات حقوقية، فإن عدد الأشخاص الذين قتلوا بسبب هذا الصراع يقدر بنحو مائة ألف شخص، كما يخشى الكثير من سكان الإقليم التجول في الشوارع لفترات طويلة؛ خوفًا من أن يُصابوا في هجوم مفاجئ أو انفجار لقنبلة مزروعة بأحد جانبي الطريق.
وخاض انفصاليون صراعًا مسلحًا على مدى عقود ضد الحكم الهندي لإقليم كشمير، الذي يغلب فيه السكان المسلمون، وتسعى غالبية هذه الجماعات إلى استقلال «كشمير» أو انضمامه إلى باكستان، خصم الهند.
وبدأ عام 2019 بتوتر بين الهند وباكستان، عندما نفذت طائرات هندية ضربات جوية استهدفت معسكرًا لمتشددين داخل الأراضي الباكستانية في 26 فبراير، وفق ما أعلنه وزير الخارجية الهندي فيجاي جوكلي، وقال: إن 300 متشدد قُتلوا في الهجوم، غير أن باكستان نفت سقوط قتلى أو مصابين.
وأصابت الضربات الجوية معسكر تدريب لجماعة «جيش محمد»، التي أعلنت مسؤوليتها عن هجوم انتحاري بسيارة مفخخة أدى إلى مقتل 40 من أفراد الشرطة العسكرية الهندية في كشمير يوم 14 فبراير، في حين أعلنت الهند أنها أسقطت طائرة باكستانية في إقليم كشمير، لكنها أضافت أن باكستان أسقطت إحدى طائراتها في اشتباكات جوية، وسط مخاوف دولية من اندلاع حرب جديدة لا تحتملها المنطقة بين قوتين نوويتين كبيرتين.
هذا الصراع شهد عدة مواجهات عسكرية، خاضت فيه البلدان 3 حروب أعوام: 1948، و1965، و1971، عوضًا عن اتهام نيودلهي، لإسلام أباد بتسليح وتدريب انفصاليي كشمير، الذين يقاتلون من أجل الاستقلال أو الإندماج مع باكستان منذ العام 1989، إلا أن باكستان تنفي ذلك وتقول: إن دعمها يقتصر على تقديم الدعمين المعنوي والسياسي لسكان كشمير.
وخلال سنوات الصراع عقد مؤتمر مصالحة بين الهند وباكستان في يناير 1966، في مدينة «طقشند»، وبعد مفاوضات مضنية توصل الطرفان إلى تأجيل بحث ومناقشة قضية كشمير إلى وقت آخر.
وتعود جذور الصراع إثر قيام الهند بضم الإقليم لها في 27 أكتوبر 1947 وفرضت عليه حماية مؤقتة بعد أن تعهدت للشعب الكشميري وللأمم المتحدة بمنح الكشميريين حق تقرير المصير، كما تضمن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 47 الصادر في عام 1948 النص على إعطاء الشعب الكشميري الحق في تقرير المصير عبر استفتاء عام حر ونزيه يتم إجراؤه تحت إشراف الأمم المتحدة، وهو ما لم يتم حتى الآن.
وتمثل كشمير أهمية استراتيجية للهند، ما جعلها شديدة التمسك بها على مدى أكثر من خمسين عامًا رغم الأغلبية المسلمة بها ورغم الحروب التي خاضتها واستنزفت من مواردها البشرية والاقتصادية الكثير.
وعلى الجانب الآخر، استغلت باكستان العديد من الجماعات كجيش محمد في صراعها مع الهند والتنظيمات الدينية الجهادية كورقة ضغط لها في مواجهة الهند، والتي كانت لها علاقات مع المخابرات الباكستانية تحت قيادة الجنرال حميد جول، رئيس الاستخبارات العسكرية السابق.
وبعد تزايد وجود الإسلامويين الذين يرغبون في مكافحة الوجود الهندي بالإقليم، كان للجنرال جول الفضل الكبير في توحيد هؤلاء الأشخاص، إذ قام جول عام 1994، بتشكيل مجلس الجهاد المتحد بقيادة سيد صلاح الدين زعيم حزب المجاهدين الكشميري المحظور.
ويرى مراقبون انه مع استمرار الخصومة والتناحر السياسي بين الهند وباكستان، ستكون دائمًا فرصة للتنظيمات الإرهابية لاستغلال هذا الأمر من أجل تحقيق أهدافها الخاصة، سواءً إذا كانت تشمل زيادة الانتشار الجغرافي أو تنفيذ هجمات إرهابية كبيرة تسفر عن أعداد كبيرة من الضحايا.





