«أردوغان» في مرمى نيران واشنطن.. «التصفير» ضربة مزدوجة لتركيا وإيران
وبسبب التأثير السلبي الذي يمثله قرار «ترامب» على تركيا، بادرت الخارجية التركية إلى إعلان رفضها لتصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، التي أكد خلالها أن الرئيس ترامب قرر وقف إعطاء أي تمديد للدول التي مُنحت هذه الإعفاءات لأن أوضاع السوق تسمح بذلك.
وأضاف «بومبيو» أن الرئيس عندما قام بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، أعلن أنه سيمارس أقصى الضغوط على هذا النظام المارق لجعله نظامًا طبيعيًّا.
المأزق الذي سببه قرار الرئيس الأمريكي لتركيا، دفعها إلى الرد على تصريحات «بومبيو» بعد ساعات، إذ قالت الخارجية التركية عبر حسابها على موقع «تويتر» إن تركيا تنتقد قرار الولايات المتحدة بخصوص إنهاء الإعفاءات من العقوبات النفطية المفروضة على إيران، والتي لن تخدم السلم والاستقرار في المنطقة.
وفي سياق رد الفعل التركي، غرد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على «تويتر» قائلا: «لانقبل العقوبات الأحادية الجانب وفرض الإملاءات بشأن كيفية بناء علاقتنا مع جيراننا».
ويأتي الموقف التركي في ظل الاتجاه إلى توثيق العلاقات مع إيران وإبرام اتفاقات جديدة مع نظام الملالى، كان آخرها، بحث نائب وزير البيئة والتمدن الحضاري، فاطمة وارناك، مع وزير المواصلات الإيراني محمد إسلامي، سبل التعاون بين البلدين في مجال البيئة والعمران، إذ أكد «إسلامي» أن تركيا وإيران متشابهتان من حيث الزخم الحضاري والتاريخي للبلدين.
المأزق الذي يواجهه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتعلق بالبديل الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتعويض هذه الدول بعد إنهاء إعفائها، حيث تعتمد واشنطن على الرياض للحفاظ على توازن سوق النفط العالمي، وهو ما أعلنه البيت الأبيض أن الولايات المتحدة والعربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهي من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، ستلتزم العمل بما يتيح بقاء الأسواق النفطية العالمية مزودة بما يكفي من كميات من النفط.
ووعد «ترامب» بأن تعمل الرياض مع دول أخرى من منظمة «أوبك» على القيام بما هو أكثر من تعويض النقص في النفط المعروض للبيع لدى وقف شراء النفط من إيران، إذ أعلنت الحكومة السعودية استعدادها للعمل على بقاء السوق النفطية مستقرة، وهو مايشير إلى أن تركيا أصبحت مجبرة على اللجوء إلى السعودية والإمارات لتعويض الكمية التي كانت تستوردها من إيران، وهو الأمر الذي يمثل مأزقًا جديدًا لتركيا في ظل تدهور علاقاتها مع الرياض في الفترة الأخيرة.
وتشهد العلاقات بين الدول الثلاث توترًا كبيرًا خلال الفترة الأخيرة، خاصة في ظل إصرار تركيا على دعم الدور «الإيراني ــــ القطري» التخريبي في الفترة الأخيرة، الأمر الذي ينعكس بطبيعة الحال على جميع أوجه التعاون بين الدول الثلاث أو أكثر، خاصة في ظل تصاعد هذه التوترات التي كان آخرها المزاعم التركية بالقبض على شخصين يتجسسان لصالح الإمارات.
كل هذه المقدمات تشير إلى أن إرهاصات القرار تضع «أردوغان» أمام طرق مسدودة، إما القبول باللجوء إلى هذه البدائل أو الخضوع للعقوبات التي هددت واشنطن بفرضها.
ارتباك تركى
يقول الباحث في العلاقات الدولية، فراس إلياس في تصريحات خاصة لـ«المرجع»، إن تركيا تدرك جيدًا قيمة إيران الطاقوية، ولهذا عملت جاهدة لتعطيل عجلة العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، خصوصا أنه يوفر لها هامش حركة سياسية أمام روسيا، مشيرًا إلى أن الموقف التركي من موضوع أثر تصفير إمدادات الطاقة الإيرانية المصدرة لها سيكون له تداعيات خطيرة على عجلة الحياة اليومية في تركيا، ويضيف عبئًا آخر على حكومة الرئيس أردوغان.
وشدد «إلياس» أيضًا على أن الولايات المتحدة الأمريكية تدرك مدى تأثير عملية تصفير إمدادات الطاقة الإيرانية على تركيا، لتضيف ورقة ضغط أخرى على «أردوغان» لتعديل مسار سياسته الخارجية حيال واشنطن، التي تأزمت كثيرًا في الآونة الأخيرة على خلفية سوء الفهم الناتج عن سعي تركيا لاستيراد منظومة صورايخ إس 400 من روسيا.
الباحث أكد أيضًا أن القيمة التي تمثلها إيران لتركيا لايمكن حصرها في قطاع الطاقة فقط، ولهذا تدرك تركيا أن الخطر الأكبر يتمثل في انهيار النظام السياسي في إيران، على اعتبار أن أي نظام قادم في إيران سيكون مواليًا للغرب، وهو من جهة اخرى عنصر ضغط آخر باتجاه تركيا.
الباحث في العلاقات الدولية، أشار إلى أن عملية تصفير إمدادات الطاقة الإيرانية عن تركيا تمثل تحديًا كبيرة ليس في مجال الطاقة فقط، بل في السياسة والاجتماع والصناعة، مع التاكيد أن الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى أنقرة الأسبوع الماضي، كانت من أجل البحث عن بدائل أخرى يمكن من خلالها لإيران إرسال الطاقة إلى تركيا في حالة تصفيرها، وإنهاء الإعفاءات الأمريكية الممنوحة لدول معينة.





