ad a b
ad ad ad

تحرير طرابلس.. بين رؤية وطنية للجيش الليبي وأخرى برجماتية لـ«الوفاق» وحلفائها

الأربعاء 24/أبريل/2019 - 10:35 ص
المرجع
آية عبد العزيز
طباعة

أثارت التحركات الليبية الأخيرة عددًا من ردود الفعل الدولية ما بين مؤيد ومعارض لها؛ إذ أعلن المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي التحرك غربًا تجاه تحرير العاصمة طرابلس من الميليشيات والجماعات الإرهابية التي قامت بإعادة التمركز والانتشار، بالتزامن مع انهيار النظام السياسي في 2011. وقد بدأت عملية التحرير بالسيطرة على مدينة «غربان» التي تقع جنوب العاصمة، وامتدت التحركات إلى منطقة الهيرة لاستكمال العملية.


تحرير طرابلس.. بين

لماذا الآن؟

جاءت تحركات قائد الجيش الوطني الليبي بعد نجاحه في سيطرته على شرق ليبيا، وتأمينه للمناطق النفطية والمدن ذات الأهمية الجيواستراتيجية، وقيامه بتوحيد قوات الجيش تحت قيادته، علاوة على إعادة ترتيب الحدود الجنوبية مع القبائل الليبية، وقد تمكن من إحكام السيطرة على مدينة سبها الواقعة في الجنوب لمنع ترسب الإرهابيين إلى الأراضي الليبية. (1)

الأمر الذي اعتبره «فايز السراج» رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المعترف بها أمميًّا، إنه «تصعيدًا ممنهجًا يحبط آمال الليبيين في الاستقرار»، موضحًا أن العملية تزامنت بعد فترة قليلة من عقد الملتقى الوطني الذي يعد بداية للحل السياسي والخروج من الأزمة، وتمهيدًا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. 

وعليه فقد أعلن «حالة الاستنفار الأمني والتأهب لجميع وحدات القوات العسكرية والأمنية والأجهزة التابعة لها، كخطوة استباقية لأي تهديد يستهدف الأراضي الليبية سواء من فاعلين من الدول، أو فاعلين من غير الدول». (2)


الموقف الدولي 


تباينت ردود الفعل الدولية تجاه عملية التحرير، رغم استمرار تنامي التهديدات والتحديات التي تواجهها ليبيا لأكثر من 8 سنوات دون توقف، التي تمثلت في إعادة التمركز لعدد من الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي ساهمت في نشر الفوضى وعدم الاستقرار، فضلًا عن ظهور عدد من الدعوات الخاصة بالرغبة في الانفصال في بعض المناطق وإقامة ما يعرف باسم «دولة الرفاهية» وخاصة في المناطق النفطية. 

وتجلت أبرز دورد الفعل الدولية على النحو التالي:

الموقف الأممي؛ تمثل في إعلان «أنطونيو جوتيريش» دعمه للتسوية الوضاع الراهنة بشكل سلمي لتحقيق الاستقرار للشعب الليبي؛ وذلك بالتزامن مع عملية التحرير وزيارته لليبيا لتسوية الأوضاع، مؤكدًا دعم الأمم المتحدة للحل السياسي وللشعب الليبي.


الموقف الروسي؛ دعت الخارجية الروسية إلى وقف التصعيد بين جميع الأطراف، والاستناد إلى الحوار غير المشروط كركيزة أساسية للتسوية السياسية، كما اعترضت موسكو على إصدار بيان من مجلس الأمن يدين العملية، مقترحة وقف التصعيد بين جميع القوات المسلحة وليس قوات الجيش الوطني الليبي فقط، وهو ما اعترضت عليه الولايات المتحدة. (3)


الموقف الأمريكي؛ جاء مُتباينًا ففي بداية عملية التحرير، أعربت الإدارة الأمريكية عن قلقها من التصعيد، داعية إلى وقف العملية، وبعد ما يقرب من أكثر من أسبوعين من انطلاق العملية، هاتف الرئيس «دونالد ترامب» المشير «حفتر» موضحًا تقديره لجهود المشير في مكافحة الإرهاب، وتأمينه للحدود والموارد النفطية في ليبيا. (4)

مجموعة الدول الصناعية السبع؛ اتفقت على ممارسة الضغط على مسؤولي الصراع في ليبيا، تجنبًا للتصعيد العسكري، وتداعياته السلبية على وحدة وسيادة الأراضي. (5)

الموقف الأوروبي؛ أكدت «فيديريكا موجريني» الممثلة العليا للشئون الخارجية في الاتحاد الأوروبي دعمها خطة المبعوث الأممى «غسان سلامة» في دعم الاستقرار وإنهاء الأزمة الليبية وفقًا للشرعية الدولية، معربةً عن قلقها من تطور الأوضاع خارج نطاق السيطرة، فيما أوضحت المفوضية الأوروبية ضرورة ضبط النفس منعًا للتصعيد العسكري. (6)  

جامعة الدول العربية؛ أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عن ضرورة خفض التصعيد، والالتزام بالحل السياسي، والعودة إلى الحوار الوطني لمواجهة الأزمة بدلًا من التحرك العسكري الذي لا يمثل حلًّا للوضع الراهن وفقًا ما توصلت إليه قمة تونس الأخيرة. (7)  


تحرير طرابلس.. بين

المصالح محركًا 

في سياق تعبير دول الاتحاد الأوروبي عن قلقهم من تطورات المشهد الليبي، واتفاقهم على تبني موقف موحد من عملية التحرير، ودعواتهم وقف التصعيد، تجلى ذلك في إعلان «جيرمي هانت» وزير الخارجية البريطاني عن قلقه من العملية تحرير طرابلس، موضحًا أن هناك دورًا متناميًت للاتحاد الأوروبي وبريطانيا سيصل إلى أقصى حد، فيما أكدت الحكومة الألمانية والفرنسية ضرورة ضبط النفس، ودعم جهود المبعوث الأممي في ليبيا، وفيما يتعلق بإيطاليا فقد هاتفت مسؤولي حكومة الوفاق لمعرفة أهم التطورات الخاصة بالعملية، داعيًا لتسوية الأزمة بشكل سلمي. (8)

وعليه من الواضح أن هناك رفضًا متباينًا لعملية تحرير طرابلس من القوى الدولية وخاصة الأوروبية وهذا يرجع إلى تضارب المصالح بينهم، ورغبة كل قوى في خلق موطئ قدم لها مغاير عن الواقع. 

كما تحاول القوى الدولية أن تكون فاعلًا دوليًّا على أجندة المفاوضات المستقبلية للاستفادة من الموارد الليبية، وهو ما يتضح في التنافس الإيطالي الفرنسي؛ حيث تنظر إيطاليا إلى ليبيا على إنها منطقة نفوذ خاصة بها وتربطها علاقات تاريخية معها، ولا يمكن تحقيق أي تسوية بدون روما كفاعل رسمي فيها، فيما تسعى باريس إلى خلق موطئ قدم لها في الشرق الأوسط يساهم في تعزيز دورها، كما تحاول تأمين مصادرها من الموارد النفطية استثماراتها الخاصة. 

الهوامش:

1. ليبيا: قوات حفتر “على تخوم طرابلس" والأمم المتحدة تحذر من خطر التصعيد العسكري"، هيئة الإذاعة البريطانية، 4 ابريل 2019. http://www.bbc.com/arabic/middleeast-47812910

2."حفتر يطلق عملية "تحرير طرابلس".. والحكومة الليبية تعلن النفير العام لمواجهته"، CNN عربي، 4 أبريل 2019. https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2019/04/04/libya-fayez-alsarraj-khalifa-haftar-tripoli

3." خلاف أمريكي روسي حول تصعيد "حفتر" وسط رفض دولي متزايد"، 8 أبريل 2019. http://cutt.us/NHXqU

4. " مظاهرة في طرابلس تنتقد اتصال ترامب بحفتر"، مونت كارلو الدولية، 20 أبريل 2019. http://cutt.us/UHPqh

5."السبع الكبار" تتفق على فرض ضغوط على حفتر ومسؤولي التصعيد العسكري في ليبيا"، سبوتنيك عربي، 6 أبريل 2019. http://cutt.us/CSuvJ

6."المفوضية الأوروبية تعرب عن قلقها تجاه التصعيد العسكري في ليبيا"، سبوتنيك عربي، 5 أبريل 2019. http://cutt.us/iHh65

7."أبو الغيط: لا يوجد أي حل عسكري للوضع في ليبيا"، روسيا اليوم، 5 أبريل 2019. http://cutt.us/EsrmX

8."أوروبا تدعو لوقف التصعيد في ليبيا"، روسيا اليوم، 5/4/2019. http://cutt.us/zRX9

"