غضب شعبي من تقاعس الحكومة المالية في مواجهة الإرهاب
السبت 06/أبريل/2019 - 01:55 م
أحمد لملوم
نظم الآلاف بالعاصمة المالية باماكو، الجمعة 5 أبريل، مظاهرة للتنديد بفشل الحكومة وقوات حفظ السلام الدولية في وقف العنف العرقي، الذي يجعل البلاد أرضا خصبة للمتشددين في غرب أفريقيا، فى مظاهرة هي الأكبر منذ سنوات.
وتأتي تلك المظاهرة عقب مذبحة وقعت في 23 مارس الماضي نفذها مسلحون من عرقية «الدوجون» على قرية «أوجوساجو» التي يسكنها رعاة من عرقية «الفولاني» وسط البلاد، في أدمى هجوم عرقي بمنطقة الساحل.
وتنشب تلك الاشتباكات بين القبائل عادة؛ بسبب النزاعات على الأرض والمياه، فالصراع القائم بين قبائل الفولاني والقبائل الأخرى، يتمحور حول مناطق رعي المواشي وحقوق المياه، وكان هناك اتفاقا قائما على مر السنين، بين رعاة الماشية من قبائل «الفولاني» والمزارعين من القبائل الأخرى حول تقسيم مياه نهر النيجر، الذي يعتمد على مياهه كلا منهما، بيد أن التغير المناخي تسبب في تقليص المساحات الخضراء على ضفاف النهر، وأدت الزيادة السكانية إلى استنزاف المياه، وبدأ أبناء قبائل الفولاني في المعاناة من قلة المتاح لهم من موارد وارتفاع نسب الفقر بينهم، وتصاعدت الصراعات بينهم وبين القبائل الأخرى.
الرئيس المالي الحالي، إبراهيم أبوبكر كيتا
ويواجه الرئيس المالي الحالي، إبراهيم أبوبكر كيتا البالغ من العمر73 عامًا، معارضةً متصاعدة لاسيما بين الساخطين من الوضع الاقتصادي المتردي نتيجة عدم وجود خطة تنمية واضحة لدى حكومته، وضعف القبضة الأمنية التي ترتب عليها نجاح الجماعات الإرهابية في السيطرة على بعض المناطق في البلاد، ما يفقد التحركات الحكومية الفاعلية المرجوة منها.
واستغلت الجماعات الإرهابية وعلى رأسها ما تعرف بجماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، وهي جماعة إرهابية تكونت في مارس 2017 بعد اندماج أربع حركات مسلحة مشاركة في الصراع في شمال مالي، حالة الفوضى التي سببتها محاولة انقلاب فاشلة في البلاد، فضلًا عن عودة المقاتلين الطوارق من ليبيا؛ حيث كانوا يشاركوا في القتال في صفوف كلا من الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، وعودة هؤلاء بصحبتهم إلى مالي ومعهم أسلحة متطورة، الفرصة الأمثل لتنفيذ عصيان جديد بهدف الانفصال.
وطالما حلم الطوارق بتأسيس دولة «أزواد»، وتعني في لغة الطوارق الحوض، وتحالفوا مع جماعات متشددة، وساعدتهم «حركة التوحيد والجهاد» في غرب أفريقيا، وجماعة «أنصار الدين» المتحالفتين مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، حتى سيطر الطوارق على شمال مالي خلال وقت قصير.
وانقلبت الجماعات الإرهابية بعد ذلك على الطوارق، وخلال ثلاثة أشهر استولوا على المدن والمناطق الثلاث الكبرى في شمال مالي، التي تمثل معا أكثر من نصف مساحة مالي وهي تمبكتو وغاو وكيدال.
وتفاوض الطوارق مع الحكومة المالية من أجل الوصول إلى اتفاق سلام بين الطرفين، ثم أرسلت فرنسا قوات عسكرية إلى مالي في 2013، بعد عام من سيطرة الجماعات الإرهابية على شمال البلاد، لتعاون القوات المالية في معركتها ضد هذه الجماعات، التي كانت تتقاتل فيما بينها.
وغير الدعم العسكري الفرنسي، من شكل المعادلة العسكرية على الأرض، فشكلت فرنسا قوة عسكرية من مجموعة دول الساحل الأفريقي الخمس، مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا، لكن وبعد ست سنوات من تدخل القوات الفرنسية لوقف تقدم المتشددين من شمال مالي الصحراوي، مازالت الجماعات الإرهابية منتشرة عبر منطقة الساحل، فضلًا عن توسع نشاطها إلى بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين.





