ad a b
ad ad ad

60 عامًا من الغش السياسي.. ألمانيا تتجه لحظر الإخوان بعد اكتشاف حقيقتهم

السبت 06/أبريل/2019 - 12:33 ص
المرجع
برلين - شيماء إبراهيم
طباعة

تظل جماعة الإخوان الإرهابية هي المصدر الأول للأفكار الإرهابية والمتطرفة حول العالم، وفي أوروبا تحديدًا برزت ألمانيا في حقبة الخمسينيات من القرن العشرين كحاضنة وملاذ آمن لتلك الجماعة التي زحفت إليها العديد هربًا من التغيرات السياسية إبان ثورة يوليو 1952 في مصر، وظلت ألمانيا على عهدها مع الإخوان حتى صارت وجهة النزوح المثالية للجماعة، بل صارت ألمانيا هي المنفذ الأوروبي الكبير للعديد من قادة الجماعة بعد عزل محمد مرسي من حكم مصر.

60 عامًا من الغش

بداية علاقة بدأت منذ ستين عامًا

كانت البداية حينما صنفت ألمانيا جماعة الإخوان بأنها «تنظيم معتدل ينأى بنفسه عن العنف»، وعليه وفَّرت لها كل ما يلائم التنظيمات السياسية المعتدلة، وبدأ زحف أفراد وقادة الإخوان إلى أوروبا، وخاصة ألمانيا في الخمسينيات والستينيات عندما بدأ الكثير من الطلاب المسلمين التوجه إلى أوروبا للدراسة في الجامعات الألمانية، ليس لسبب العلم ولكن خوفًا من أنظمة حاكمة وهربًا من تغيرات سياسية في بلادهم.


ولأسباب سياسية هاجر العديد من الإخوان من مصر عام 1954، وكانت ألمانيا الغربية الملجأ المختار للجماعة، ليس لاقتصادها ولا لجامعاتها بل لأنها قطعت كل العلاقات مع الدول الأخرى التى اعترفت بحكومة ألمانيا الشرقية، ومن هذه البلاد مصر وسوريا.

60 عامًا من الغش

تأسيس الجمعية الإسلامية

كان من أوائل الفارين إلى الأراضي الأوروبية سعيد رمضان وهو من أوائل رواد الإخوان، وكان السكرتير الخاص لحسن البنا، وهو الذي قاد فريق متطوعي الإخوان في فلسطين، وكان من أهم أعضاء الجماعة، فر إلى جنيف، ومنها إلى ألمانيا، وقام هناك بتأسيس أول منظمة إسلامية وأسماها (الجمعية الإسلامية)، وكان هدفها المعلن هو خدمة المسلمين بألمانيا، وهدفها الخفي هو تكوين فرع للجماعة في ألمانيا، وترأس الجمعية لمدة عشرة سنوات منذ عام ١٩٥٨ حتى عام ١٩٦٨.


ومن بعده ترأس الجمعية فضل يزداني باكستاني الأصل لفترة وجيزة، ولكن يُحسب له الفضل في استكمال مشروع بناء مبنى المركز الإسلامي بميونخ، والذي تم شراء الأرض المخصصة للبناء عام ١٩٦٦ في منطقة خارج حدود ميونخ، وقد سافر يزداني مع وفد من قادة الجمعية الإسلامية إلى الأراضي السعودية، وتحديدًا مكة المكرمة وحصل على هبة من الملك فيصل قدرها ١٦٠ ألف مارك ألماني، وحصل أيضًا ٦٠ ألف مارك من الكويت وقطر.


ولم يكفِ هذا لبناء المركز فاتصل يزداني بالحكومة الليبية حينذاك، والتي أسهمت بمليون ونصف المليون مارك، وبهذا تم الانتهاء من البناء في عام ١٩٧٣.


وقد خلفه في رئاسة الجمعية (غالب همت) سورى الأصل يحمل الجنسية الإيطالية، وترأس الجمعية من عام ١٩٧٣ حتى عام ٢٠٠٢، وفي هذه الفترة قام همت بتأسيس بنك إسلامي يُسمى (بنك التقوى)، وهو البنك الذي قام بتمويل جماعات إرهابية في حقبة التسعينيات، ولذلك أُطلق عليه في إيطاليا بنك الإخوان المسلمين.


وقد عين همت لإدارة البنك يوسف ندى أحد العقول المدبرة لجماعة الإخوان، ومن وراء ستار هذا البنك قام همت وندى بتمويل حركة حماس بأموال طائلة، وأيضًا تمويل جبهة الإنقاذ الإسلامية بالجزائر، وكانت هذه العمليات التمويلية للإرهاب منهما مرصودة من وزارة الخزانة الأمريكية، ولهذا أدرجت الوزارة أسماءهما تحت لائحة ممولي الإرهاب، ووضع أموالهما وبعض أعضاء مجلس إدارة البنك من بينهم يوسف القرضاوى تحت الحراسة، فاستقال همت بعدها مباشرة عام ٢٠٠١ من رئاسة الجمعية الإسلامية بألمانيا.


وتولى رئاسة الجمعية من بعده إبراهيم الزيات- من أصل مصرى يعيش بألمانيا من أب مصري وأم ألمانية- وهو أحد قيادات الجماعة في أوروبا وأحد قيادات التنظيم الدولي للإخوان، ويعيش بألمانيا ومتزوج من ابنة شقيقة نجم الدين أربكان رئيس وزراء تركيا الأسبق.


وإلى الآن يُطلق على إبراهيم الزيات بألمانيا بأنه وزير مالية الإخوان، ورغم أنه ترك رئاسة الجمعية الإسلامية فإنه موجود بشكل دائم ضمن التقارير الدولية عن الإخوان؛ لما تثيره أقواله المحرضة.


وصل اليوم حسب الإحصائيات عدد أفراد الجمعية الإسلامية إلى ١٣٠٠٠ عضو وتغطي أنشطتها جميع أنحاء البلاد.

60 عامًا من الغش

اللقاء الساكسوني

لم يكتفِ الإخوان بالجمعية الإسلامية فقط بل امتدت نفوذهم في ألمانيا- خاصة الشرقية- لفتح سبعة مراكز لها في ولاية ساكسونيا، ويطلق عليها اللقاء الساكسونى، وترى الجهات الأمنية بولاية ساكسونيا أن الذى يقف وراء ذلك كله هو الداعية سعد الجزار، والذي نشط في ألمانيا منذ سنوات، وأسس جمعية خاصة تُسمى (مؤسسة متعددة الثقافات والأديان)، ويقوم نشاطها على الصلة بين السكان القدامى والمهاجرين المسلمين والتسهيل المتكامل لهم، وبدأ يخاطب السكان الأصليين وخاصة في مناطق الأرياف، ويروج بأن هناك حملة شرسة على الإسلام، فبدأت لجنة حماية الدستور الألمانية لتوجيه رسائل لسكان الأرياف بأن لا يتأثروا بالفكر المتطرف.


كما حذرت اللجنة من مقالات الجزار على شبكات التواصل الاجتماعى التى تمتلئ بالفكر الإخواني والترحيب بكل نشاطات جماعة الإخوان المسلمين، كما اعترف بنظرية (المعادية للسامية).


فبدأ مكتب حماية الدستور بولاية سكسونيا بمحاضرات لمنع انتشار أيديولوجية الإخوان، ومنع انتشار مراكز أخرى للصلاة في الولاية.

60 عامًا من الغش
دينيب التركية
لم يكن وضع الإخوان في ولاية بافاريا هو الأفضل من الولايات الأخرى، حيث قامت ولاية بافاريا بتفتيش المساجد التابعة لمنظمات الإخوان، وعلل وزير داخلية الولاية ذلك بأنه لن ينتظر حتى يقوم المتطرفون بصناعة قنابلهم، وقام بغلق مدارس إسلامية ألمانية في ميونخ.

وقال وزير داخلية بافاريا إنه لا يستبعد وضع دينيب (الاتحاد الإسلامي التركي) تحت مراقبة هيئة حماية الدستور، وأرجع رؤيته هذه لرصده ندوات هذه المؤسسة بأن ممثلي هذه الندوات ممثلون وقادة من جماعة الإخوان.

جدير بالذكر بأن مؤسسة دينيب التركية تأسست عام ١٩٨٤ بمدينة كولونيا، وهي منظمة غير حكومية تتبع هيئة الشؤون الدينية بتركيا (ديانيت) بمدينة أنقرة، عدد أئمتها ٩٦٠ إمامًا تدفع لهم رواتبهم مؤسسة ديانيت بتركيا.

تعرضت دينيب مؤخرًا لفضيحة اتهام أئمتها بالتجسس لصالح حكومة أردوغان، وهم جواسيس على معارضي أردوغان بألمانيا، واتهم أردوغان بأنه يريد فرض نفوذه على الأشخاص ذات الجذور التركية في ألمانيا، والتأثير على المسلمين الذين يعيشون فيها.
60 عامًا من الغش
بداية الانفصال
بدأت الحكومة الألمانية رصد ما يفعله الإخوان، وجاء تقرير الاستخبارات الألمانية بأن جماعة الإخوان تستتر وراء الدين؛ لتحقيق أطماع سياسية، يريدون الوصول لها انطلاقًا من ألمانيا، وأنهم يحملون نفس معتقدات حسن البنا، ويسعون إلى أسلمة المجتمعات الأوروبية التي يعيشون بها لتأسيس نظام إسلامي يعتمد على الشريعة.

ورصدت حكومة برلين قيامهم بدمج جميع الجمعيات القريبة من جماعة الإخوان في ألمانيا من خلال شبكة دولية يقودها عدد من القادة الرئيسيين.

وبدأت ألمانيا برصد أماكن الصلاة والعبادة التابعة للجماعة بألمانيا، ووصلت إلى ١٤ مسجدًا، و١٠٩ أماكن للعبادة جميعها تروج لأيديولوجية متطرفة.

ورصدوا تغلغل الجماعة بشكل موحد في العديد من الولايات الألمانية في أوساط المسلمين الذين يعيشون بألمانيا؛ لاستقطاب العديد منهم، وخاصة المهاجرين الجدد، كما رصدوا صراعًا متزايدًا في العديد من المدارس الألمانية التى يوجد بها عدد من المسلمين، ومنهم الأبناء التابعون للجماعة؛ حيث يتعلق الصراع بالفصل بين الجنسين في الفصول الدراسية، وحجاب الفتيات، وصيام الأطفال في شهر رمضان، وغرف الصلاة داخل المدارس.

يُرجع البعض هذا الانفصال الألماني عن الإخوان إلى تولي (هوريست زيهوفر) حقيبة وزارة الداخلية، والذي بدأ حملاته بمداهمة مراكز الإخوان في مناطق متعددة، وأيضًا مداهمة مساجد تابعة للإخوان، منها مسجد الصحابة ببرلين، والتحقيق مع إمامه (أبي البراء)، والتي توجد معلومات مؤكدة بأنه يمول تنظيمات متطرفة مدرجة على قوائم الإرهاب بسوريا بأموال طائلة؛ لكي يقوموا بأعمال إرهابية إجرامية.

وبعد الطلب المقدم من الحزب الاشتراكي الديمقراطي بحظر جماعة الإخوان، وتصنيفها بأنها تنظيم إرهابي في ألمانيا، يترقب العديد من الأحزاب والسياسيين الموافقة على القرار لإنهاء علاقة قامت برضا من الطرفين، والذي يراه الكثيرون بأنها علاقة قامت على الغش السياسي والإرهاب تحت ستار الدين.
"