«سنجق».. مفرخة للتطرف في «البلقان» وخبير لـ«المرجع»: التنمية هي الحل
قضت محكمة صربية، مؤخرًا، بالسجن لمدد تتراوح بين 7 أعوام و11 عامًا، على سبعة أشخاص، ثلاثة منهم غيابيًّا، بتهمة الانضمام إلى تنظيم «داعش»، والعمل على تجنيد آخرين؛ للقتال فى صفوف التنظيم الإرهابي في كلٍّ من سوريا والعراق.
وانضم عشرات الرجال من إقليم «سنجق» ذي الأغلبية المسلمة، والواقع جنوب غرب صربيا، إلى المتشددين في سوريا خلال ذروة الحرب هناك، وقليل من هؤلاء عاد بعد دحر تنظيم «داعش» إلى صربيا، بينما تعتقد السلطات الصربية أن معظمهم إما ماتوا في المعارك، أو فروا من سوريا لدول أخرى؛ لمواصلة القتال في صفوف جماعات إرهابية أخرى.
وقالت محكمة الاستئناف في بيان: إن الحكم الصادر في حق الأشخاص السبعة جاء لتآمرهم لفترة طويلة من الزمن، وجمع أموال وتجنيد أشخاص وتنظيم رحلات سفر لأنفسهم وللمواطنين الآخرين؛ بهدف الانضمام إلى تنظيم داعش في سوريا والعرق.
وفي عام 2015، اعتمدت صربيا، الدولة الواقعة بمنطقة البلقان، التى تقع في الجزء الجنوبي من أوروبا، ويبلغ عدد سكانها 3.5 مليون نسمة نصفهم تقريبًا مسلمون من عرقية البوشناق، قانونًا يسمح بمحاكمة من يقاتلون في الحروب والصراعات خارج البلاد، في خطوة لتشديد العقوبات؛ بهدف مكافحة التطرف والإرهاب، غير أن إقليم «سنجق» (إقليم اقتسمته جمهورية صربيا والجبل الأسود من البوسنة والهرسك)، يعاني من عدة مشاكل، تجعل منه مصدرًا محتملًا؛ لتجنيد شبان صغار ينخرطون في سلك الجماعات المتشددة، إذ أن الإقليم يعاني نسبة بطالة عالية بين الشباب، إضافةً إلى الشعور بعدم الانتماء إلى صربيا، والإحساس بالعزلة عن باقي البلاد.
وعزز هذا الشعور، كون جزء من الإقليم يقع في الجبل الأسود وتحدُّه دولتان أخريان، هما البوسنة والهرسك وكوسوفو، ومدينة «نوفي بازار» عاصمة الإقليم لا يوجد بها مطار أو محطة قطار، وتخدمها طرق سيئة وتحيط بها الجبال، وتصل معدلات الفقر فيها إلى نحو خمسين في المائة، وفقًا لمعهد الإحصاء الصربي، ما يجعل الإقليم أكثر المناطق حرمانًا وعوزا في منطقة البلقان.
وقال معمر زوكورليك، عضو البرلمان الصربي عن أحد مناطق إقليم «سنجق» في حوار صحفي معه أُجري مؤخرًا: «هناك مستوى منخفض من السلوك المتطرف في الإقليم بالنظر للظروف الحالية، لكن علينا الحذر من أن الوضع الاقتصادي السيء والمشاكل الاجتماعية، وضعف البنية التحيتة، عوامل لا تساعد كثيرًا في مكافحة الأفكار المتطرفة، لذلك علينا معالجتها وحل المشاكل المتعلقة بها».
ويشهد «سنجق» ظاهرة توزيع مساعدات على الفقراء من قبل منظمات إسلامية يديرها منتمين للتيار السلفي، والتي أصبحت مصدر قلق، ففي تقرير عن منظمة محلية تدعى «دي إيه إم إيه»، وتختص بمتابعة النشاط المتطرف، أكد أن تلك المنظمات عزلت نفسها تمامًا عن بقية المجتمع، ويتبنى أعضائها وجهات نظر محافظة للغاية بشأن الدين، ودعم ما يطلق عليه الإسلامويون بالمعارك الجهادية.
التنمية هل تكون حلًّا؟
يرى سيريكو لاتل، الباحث السياسي المختص في شؤون البلقان، أن الإقليم مرَّ بمراحل تاريخية، فكان مواطنوه يرغبون في الاستقلال عن صربيا، ما جعل الحكومة تتعامل مع السكان بريبة، وهم لا يثقون في الحكومة الصربية، ويشعرون بإهمال متعمد لتطوير وتنمية الإقليم، خاصةً في صناعة المنسوجات التي يشتهر بها.
وأضاف لاتل في تصريح خاص لـ«المرجع»: «إذا كنا نريد أن نتحدث عن التطرف فهناك، أمور كثيرة يجب علينا أن نضعها في عين الاعتبار، أهمها ما الذى يدفع البعض لتبني أفكار متطرفة، وعلينا معالجة تلك الأشياء التي تقنع هؤلاء الأشخاص بهذه الأفكار».
وفقًا لوسائل إعلام صربية، فقد كان عدد كبير من الشباب في الإقليم، والذين غادروا إلى سوريا والعراق للانضمام للجماعات الإرهابية هناك، يترددون على وجه الخصوص على منظمة تسمى «فوركان»، وتم حظرها عقب تفكيك شبكة تجنيد ثبت ارتباطها بها مباشرة، لكن مازال هناك عدد من المنظمات الإسلامية التي لازالت تقدم خدمات ومساعدات لسكان الإقليم.
ويعتبر الباحث السياسي المختص في شؤون البلقان، أن ما يحتاجه الإقليم هو التنمية، فخلال السنوات العشر الماضية لم يكن هناك استثمار يضخ، ولم يتم فتح مصنع واحد، لكن هناك أمل يتمثل في مشروع طريق سريع بين ميناء «بار» في «الجبل الأسود» والعاصمة الصربية «بلجراد»، سوف يمر بالإقليم، وهو ما سينعش التجارة فيه، حسب قوله.





