ad a b
ad ad ad

القواسم المشتركة بين إرهابي نيوزيلندا و«داعش»

الخميس 21/مارس/2019 - 03:00 م
حادث نيوزلندا
حادث نيوزلندا
محمد حافظ
طباعة
أثبت حادث نيوزيلندا أنه لا يوجد خلافٌ بين إرهابي الشرق والغرب نفسيًّا، بل هناك مجموعة من القواسم المشتركة، ومنها تلك الأشكال السيكوباثولوجية أو النفسية المرضية المُمْكِنَةُ والمُحْتَمَلَةُ لشخصية الإرهابي، وأهمها الإرهاب والاضطراب العقلي، والاضطراب النفسي والاجتماعي، واعتلالِ مستوى الصحة النفسية الشخصي.

القواسم المشتركة

لقد حاول الباحثون في مجال الطب، والصحة النفسية، وعلم النفس الإكلينيكي، إيجادَ علاقة ارتباطية بين الاضطرابات النفسية، وظهور السلوك الإرهابي لدى الأفراد، لكن لم تجد الدراسات النفسية أيَّ علاقة ارتباطية بين مرض الفُصَام والسلوك الإرهابي، وذلك لأنَّ الفُصَامَ من الأمراض التي تظهر فيها هذاءات وهلاوس واضطرابات سلوكية ووجدانية متعددة، مثل الأمراض النفسية الأخرى «الاكتئاب والهستيريا والقلق»، ومن جهةٍ أُخْرَى أكَّد الباحثون، أن أغلب الإرهابيين الذين خضعوا لأساليب الاستجواب والتحقيق غالبًا ما يُصَابُون بنوباتٍ اكتئابيةٍ وقلقٍ وهلعٍ بشكلٍ عام.


يشير«ماجد موريس إبراهيم»  (2005)، استشاري الطب النَّفْسي، في كتابه «الإرهاب الظاهرة وأبعادها النفسية، أن الباحثين المهتمين بدراسة العلاقة بين الإرهاب والمرض العقلي، وجدوا سلسلةً ثلاثيةَ التداخلِ بين الإرهاب والعنف والمرض العقلي، وطبقًا لكتابٍ متخصصٍ في الدراسات النفسية (Guze)، فإن المرضى الفُصَامِيين، قليلًا ما يرتكبون جرائمَ خطيرةً، في حين تناولت دراسة زيترين (zitrin,1976) (867 )، ملفًّا خاصًّا بالمرضى في مستشفى «بلفيو بنيويورك»، ووجدت أن توقيفَ الشرطةِ للمرضى العقليين، يفوق معدل إيقاف المواطنين العاديين بخمس مرات في الجرائم الكبرى، ولكن تُوجَدُ دراسات أُخْرَى قدمت نتائجَ عكسيةً مثل دراسة جوريل )، وسوسوكي(Sosowsky ,1978) وغيرها؛ حيث أظهرت أن الارتباط بين الجريمة والمرض العقلي، يميل إلى الاختفاء إحصائيًّا، أما سوانسون (Swanson,1994)، فيرى أنه عندما نُدْخِلُ المتغيراتِ الديموغرافيةَ والنفسيةَ يصبح الفُصَامُ ذا دلالةٍ تنبؤيةٍ بالنسبة لأحداث العنف الخطيرة (Guerel,1967). 


وقد ربط «موريس إبراهيم» (2005) أستاذ علم النفس، بين السلوك العُدْوَاني وبعض السِّمَاتِ أو الأعراض الذُّهَانيةِ، بدلًا من الربط بين العنف والمرض العقلي بصفة عامَّة، فالفُصَامِيُّ قد يرتكب أفعالًا عُدْوَانِيَّةً، كاستجابةٍ لبعض الأعراض التي ستختفي بعد مدة، وفي الوقت نفسه يكون هناك فُصَامي في مرحلة خُمُولٍ وتَبَلُّدٍ للمشاعر، وهو ما يُسَمَّى بالأعراض السلبية، فلا يُبْدِي أيَّ عُدْوَانيةٍ هنا؛ وهذا ما جعل الباحثين يُركِّزون على دراسة العلاقة بين العنف وجملة من الأعراض (وليس المرض بكامله)، فأصبحت لدراستهم قيمةٌ تنبؤيةٌ أكثر فائدة، كالربط بين العُدْوانيةِ وبعضِ الهَلَاوسِ والهَذَاءاتِ، وعلى هذا الأساس فإن العاملَ الحاسِمَ في تحديد طبيعة العلاقة بين العنف والمرض العقلي، هو وجود أعراضٍ مُعَيَّنَةٍ ضمنَ جملةٍ من الأعراض التي تشكل الصورة الكلية للمرض، ومن ثمَّ فقد تبيَّن أنّ هناك نقطةً مشتركةً بين مختلف الشخصيات الإرهابية، وهو الاستعداد أو التشجيع لاستعمال العنف؛ لتحقيق هدفٍ سياسيٍّ لفئةٍ دينيةٍ أو عرقيةٍ أو اجتماعيةٍ.


ويرى الباحث والأكاديمي والمحلل السياسي، «فراد (Fried,1982)»، أنه ليس هناك سِمَةٌ شخصيةٌ أو اضطرابٌ نفسيٌّ أو اجتماعيٌّ، يمكن أن يُستندَ عليه لتصنيف الشخصية الإرهابية والتعامل معها من خلاله، إلا أنه يمكن أن تُعْطَى وَصْفًا نفسيًّا يتكون من مزيجٍ من الاضطراب النفسيِّ والاجتماعيِّ، واعتلالٍ في مستوى الصحة النفسية الشخصي.


وبنَاءً عليه، فإن أهمَّ ما يَشتركُ فيه الإرهابيون، هو الاستعداد أو التشجيع لاستعمال العنف؛ وذلك لتحقيق هدفٍ سياسيٍّ لفئةٍ دينيةٍ أو عرقيةٍ أو اجتماعيةٍ.


"