«السراج» يعبث.. المؤسسات المالية الليبية في خدمة إرهاب الإخوان
تحت شعار التمكين الذي يتعامل وفقًا له جناح جماعة الإخوان في ليبيا، جاء قرار رئيس حكومة الوفاق، فائز السراج، بتعيين القياديين في الجماعة، مصطفى المانع، عضوًا بمجلس إدارة مؤسسة الاستثمار (الصندوق السيادي لثروة ليبيا)، ويوسف المبروك، نائبًا لرئيس مجلس إدارة المؤسسة، بصلاحيات مدير عام.
وبينما يعتبر القرار إكمالًا لسطوة جماعة الإخوان على المؤسسات المالية والاقتصادية، جاءت ردود الفعل لتكشف طبيعة التعاون بين الجماعة وفائز السراج، إذ شنت قوة حماية طرابلس (جسم عسكري يتخذ من العاصمة طرابلس مقرًّا له)، السبت الماضي، هجومًا على رئيس الحكومة، متهمة إياه بتسليم الدولة الليبية لجماعة الإخوان.
وقالت القوة، في بيان أصدره مكتبها الإعلامي: إن«السراج يواصل العبث بمؤسسات الدولة الاقتصادية والمالية»، معتبرة أنه يصدر قرارات بصفة فردية لا يخولها له القانون بموجب الاتّفاق السياسي الموقع عام 2015.
ووصف البيان قرار السراج بـ«حلقة في مسلسل العبث الإداري والمالي الذي يمارسه منذ فترة طويلة، وتمكينًا لجماعة مؤدلجة ينبذها الشارع»، في إشارة إلى جماعة الإخوان.
وحذر البيان من تعميق أزمات المشهد السياسي والاقتصادي بفعل مثل هذه القرارات، مجددًا عدم التزام قوة حماية طرابلس بقرارات حكومة الوفاق ما لم تكن صادرة بإجماع أعضاء المجلس الرئاسي التسعة.
ولا يعتبر القياديان الإخوانيان المعينان حديثًا أول مَن يحل على رأس مؤسسة مالية أو اقتصادية في ليبيا، إذ يعاني الجهاز المالي الليبي من وقوعه تحت سيطرة أفراد من جماعة الإخوان.
المصرف المركزي بطرابلس، على رأس هذه المؤسسات الخاضعة للإخوان، إذ ينتمي كل أعضاء ما يعرف بالهيئة المركزية للرقابة الشرعية بالمصرف للجماعة، فيما يترأس اللجنة المعنية بمراجعة العمليات المصرفية والتأكد من مطابقتها للشريعة، حمزة أبوفارس، الذي أٌدرج على قوائم الإرهاب الموضوعة بمعرفة دول الرباعي العربي (مصر، الإمارات، البحرين، السعودية)، على خلفية علاقته بقطر، لاسيما عمله منظرًا لما يُعرف بـ «سرايا الدفاع عن بنغازي»، ومحرضًا على حمل السلاح باسم «الجهاد».
وبخلاف أبو فارس، فالإخواني فتحي خليفة يعقوب، هو الآخر أحد القائمين على المصرف الليبي، وأظهرت وثائق جهاز الأمن الداخلي رقم 5081 انتمائه لتنظيم الإخوان وعمله بفاعلية في التنظيم، كما أنه حلقة الوصل بين عناصر التنظيم في ليبيا ومصر، ومطلوب في إحدى القضايا من قبل الادعاء الشعبي سنة 2000.
لم يتوقف الأمر على ذلك، إذ يضم المصرف إلى جانب الأسماء السابقة، كلًا من أسامة محمد الصلابي الذي يتنقل بين تركيا وقطر ومدن غرب ليبيا واتهم بانتمائه للإخوان، وسالم عبدالسلام الشيخي الذي أمضى سنتين في سجن «أبو سليم» من عام 1986 إلى عام 1988، بتهمة الانتماء فكريًّا وعقائديًّا إلى جماعة الإخوان في ليبيا، كما أنه أصدر عام 2015 ضمن 160 داعية إخوانيًّا بيانًا زعموا خلاله أنه يجب على الأمة الإسلامية التخلص من النظام المصري؛ حفاظا على ما وصفوه «المقاصد العليا للإسلام».
التمكين الإخواني لم يتوقف على الجانب الاقتصادي فقط، إذ كشف رئيس المكتب التنفيذي ورئيس الحكومة الأسبق محمود جبريل، خلال حوار له مع جريدة «الحياة» الدولية، عن جهات إقليمية قال إنها سعت لتسليم ليبيا للإسلاميين، وجماعة الإخوان على وجه الخصوص.
واستشهد جبريل على ذلك بفترة حضر فيها بقطر، قائلًا: «كان لدي اعتقاد في البداية بأن كل الاتصالات مع الجانب الليبي ستتم عبر قناة المكتب التنفيذي الذي أرأسه، خصوصًا أنني موجود على أرض قطرية، بعد أسابيع قليلة اتضح أن القيادة القطرية تتحدث مع قنوات عدة، ويبدو أنه كان هناك رهان مبكر على التيار الإسلامي في ليبيا، فكانت قطر تعمل في قناتين: قناة رسمية معي أنا ومع مصطفى عبدالجليل، وما تخبره لمصطفى عبدالجليل لا تخبره لمحمود جبريل على المستوى الرسمي، وقناة أكثر فاعلية غير معلنة مع بعض الشخصيات في التيار الإسلامي السياسي مثل علي الصلابي، وعبدالحكيم بلحاج، ثم تتالت الشخصيات التي كانا يُحضّرانها للتعرف إلى القيادة القطرية وربط العلاقات مع الدوحة، فالقنوات كانت متعددة، لكن الرهان أو الثقل كان في اتجاه التيار الإسلام السياسي».
وأقر الباحث الليبي، محمد الزبيدي، بالدعم الإقليمي للإخوان، محذرًا من خضوع مؤسسات الدولة الليبية المالية لجماعة الإخوان، ولفت إلى أن ذلك يضمن للجماعة سحب أموال من المصرف المركزي، وتمويل أنشطتها الإرهابية من أموال الشعب الليبي.
ورجّح في تصريحات لـ«المرجع» أن تكون ليبيا أحد الموارد المالية المهمة لجماعة الإخوان وتنظيمها الدولي في هذه الفترة، مشيرًا إلى أن الجماعة تعتمد على مصادر كثيرة للتمويل، أهمها حاليًّا ليبيا، لافتًا إلى أن وزن حزب «العدالة والبناء»، المعبر عن جماعة الإخوان في ليبيا، ليس كبيرًا بالمقارنة بوزن الإخوان في تونس أو الأردن، مشيرًا إلى أن التنظيم الدولي ينظر للجماعة في ليبيا على أنها الممول ليس أكثر.
وحذر الباحث الليبي من استمرار سطوة الإخوان على المؤسسات المالية الليبية، محملًا المسؤولية لفائز السراج، الذي قال إنه عالم بكل ما يحدث من سرقات إخوانية في ليبيا، لكنه يتغاضى عنها، وأرجع طبيعة العلاقات بين «السراج» والإخوان، إلى الدعم الذي يحصل عليه بفعل هذه العلاقة، من الخارج سواء من قطر أو تركيا.
للمزيد.. مستندات «تسليح» قطر للإرهاب في ليبيا على منصة «الجنائية الدولية»





