رغم الدعم الأوروبي.. «الملالي» يشكك في نوايا القارة العجوز
منذ أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، العام الماضي، كانت أوروبا طوق النجاة لـ«طهران»؛ إذ تتمسك أوروبا بالاتفاق النووي الإيراني، وترى «طهران» هذا التمسك خدعة، ويمكنه أن ينتهي بمصير مختلف عما تعلنه الدول التي تربطها مصلحة مشتركة بـ«إيران».
وفي تصريحات للمرشد الإيراني الأعلى «علي خامنئي»، الإثنين 18 فبراير، اتهم دولًا أوروبية لم يسمها، بممارسة الخداع، مشيرًا إلى أن تلك الدول ربما لا تظهر عداءها لبلاده مثلما تفعل أمريكا، معلنًا :«عداء الولايات المتحدة لبلاده جلي وواضح، ويجب على المسؤولين الإيرانيين عدم الانخداع بما يقوم به الأوروبيون».
توتر العلاقات
تشير تصريحات المرشد الأعلى، إلى توتر العلاقات مع «إيران»، بعد نحو 5 أشهر من إعادة فرض عقوبات اقتصادية عليها، على خلفية انسحاب «واشنطن» من الاتفاق النووي، في وقت تحث أمريكا الدول الأوروبية بقوة على الخروج من هذا الاتفاق.
وخلال مشاركته بمؤتمر «وارسو» للسلام في الشرق الأوسط، قال «مايك بينس» نائب الرئيس الأمريكي، إنه يحث الدول الأوروبية بقوة على الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران كما فعلت بلاده.
ووصف «بينس»، نيابة عن الحكومة الأمريكية، الخميس الماضي، «إيران» بالتهديد الأكبر للأمن والسلام في الشرق الأوسط، كما اتهمها بتأجيج الصراعات في سوريا واليمن، منتقدًا ألمانيا وفرنسا وبريطانيا لصياغتها آلية مالية صُممت لتسهيل التعاملات المالية بين شركات في الاتحاد الأوروبي و«إيران» وفي الوقت نفسه تسهل الالتفاف حول العقوبات الأمريكية، ما يعتبر خطوة لا تتسم بالحكمة، ولن تساعد إلا على تعزيز قوة «إيران»، وإضعاف الاتحاد الأوروبي، والتسبب في المزيد من التباعد بين أوروبا والولايات المتحدة.
مضيفًا، أن الوقت قد حان للدول الأوروبية لتنضم للولايات المتحدة في ممارسة ضغوط اقتصادية ودبلوماسية على «إيران».
علاقات بين أوروبا و«إيران»
ترى «طهران» الدول الأوروبية وخاصة (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) منقذًا من أي ترهيب يمكن أن تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يظهر في الشروط التي وضعتها ردًا على شروط «واشنطن»، لإعادة صياغة اتفاق معها بعد الانسحاب من اتفاق «أوباما».
ومن بين شروط «إيران»، أن تحمي القوى الأوروبية مبيعات النفط الإيرانية في مواجهة الضغوط الأمريكية، وأن تواصل شراء النفط الخام الإيراني، ولا تسعى لمفاوضات جديدة بشأن برنامج «إيران» للصواريخ الباليستية وأنشطتها بالشرق الأوسط.
ويذكر أنه في تصريحات لـ«خامنئي»، في مايو الماضي، قال إنه: «يجب أن تؤمّن البنوك الأوروبية التجارة مع الجمهورية الإسلامية. لا نريد أن نبدأ نزاعًا مع هذه الدول الثلاث (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، لكننا لا نثق بها أيضًا.. يجب أن تضمن أوروبا مبيعات النفط الإيرانية ضمانًا تامًا، وفي حال تمكن الأمريكيون من الإضرار بمبيعاتنا النفطية (..) يجب أن يعوض الأوروبيون هذا ويشتروا النفط الإيراني».
وفي حين تسعى «طهران» لضمان استغلال علاقاتها بالدول الأوروبية تخفيف أثر العقوبات الأمريكية، تبذل الدول الأوروبية جهودًا لحماية استثمارات شركاتها في «إيران» وسعت للحفاظ على تطبيق الاتفاق النووي معها بعد انسحاب «واشنطن» منه وتهديدها بفرض عقوبات على شركات أوروبية.
فيما ظهرت انقسامات في «إيران» بشأن طبيعة الخطوة المقبلة، التي يجب اتخاذها في ظل عدم الثقة في الأوربيين، في وقت يخشى البعض من أن يكون هامش المناورة والتحرك لدى أوروبا محدودًا.
ويقول «بيتر باير» المفوض الألماني للعلاقات عبر الأطلسي على خلفية الأحداث: «الأوروبيون في الموقف الأضعف لأنهم ليسوا موحدين»، مضيفًا : «أن قوة «ترامب» تكمن في أنه لا يحتاج إلى الوحدة».
ووفقا لبيانات جمارك – نقلتها وكالة «رويترز» - تضاعفت الصادرات الفرنسية لـ«إيران»، لتسجل 1.5 مليار يورو (1.79 مليار دولار) العام الماضي، مدفوعة بصادرات الطائرات وقطع غيار السيارات.
على حين زادت صادرات السلع الألمانية إلى «إيران» بنحو 400 مليون يورو، لتصل إلى ثلاثة مليارات يورو. وهناك نحو 120 شركة ألمانية، لديها عمليات وموظفون في «إيران»، فيما تمارس نحو 10 آلاف شركة ألمانية أنشطة مع «إيران» ما يبرز نشاطًا اقتصاديًّا واسعًا بين الاتحاد الأوروبي ودولة المرشد.
وقال وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير لراديو (دويتشه لاند فونك): «نحن مستعدون للحديث إلى جميع الشركات المهتمة بشأن ما يمكننا أن نفعله للحد من التداعيات السلبية... هذا يعني أن الأمر يتعلق بتحجيم الأضرار إلى أضيق الحدود».





