ad a b
ad ad ad

فيها كل القضايا والحسابات.. «ترامب» يلقي سياسته على طاولة «الكونجرس»

الجمعة 15/فبراير/2019 - 02:11 م
المرجع
محمود جمال عبد العال
طباعة

يمثل خطاب «ترامب»، لأعضاء الكونجرس بتشكيلته الجديدة أهمية خاصة مقارنة بالخطاب الأول، وذلك بعد استعادة الديمقراطيين للأغلبية في مجلس النواب، فعلى عكس ما بدا عليه "ترامب" من قوةٍ ونفوذ بعد اكتساح الجمهوريين للانتخابات الرئاسية والتشريعية في أواخر 2015، بدا بعد هذه الانتخابات مهتزًا خاصة أن هذه النتائج أبطأت من وعوده الانتخابية التي أطلقها أثناء إدارته للحملة الانتخابية في 2016م.


فيها كل القضايا والحسابات..

خطاب حالة الاتحاد (State of the Union)

هو رسالة سنوية يسلمها رئيس الولايات المتحدة لجلسة مشتركة للكونجرس مطلع كل سنة تقويمية له في المكتب البيضاوي، وغالبًا ما تتضمن الرسالة موازنة، وتقريرًا عن حال الاقتصاد الأمريكي. ويُسمح للرئيس أن يقترح جدولًا تشريعيًا للأولويات الوطنية التي سيعمل عليها . 


فيما يقوم الرئيس بإلقاء خطاب حالة الاتحاد على الأعضاء خاصة إذا شعر أنه في حاجة إلى التعاون مع أغلبية الكونجرس، ويوصي الدستور الأمريكي في القسم الثالث من المادة الثانية بضرورة أن يُتابع الرئيس حالة الاتحاد، ويوصيه كذلك بالأخذ في اعتبارهم الإجراءات التي يراها ضرورية ومناسبة.


فيها كل القضايا والحسابات..

حسابات الداخل والخارج في خطاب الاتحاد

تنامى لدى "ترامب" شعور الضعف والتخوف من سياسات الكونجرس تجاه خططه ومشاريعه الانتخابية التي سيتكئ عليها في انتخابات 2020م، خاصة بعد رفض الديمقراطيين منحه التمويل اللازم لبناء الجدار على الحدود المكسيكية الأمريكية، بهدف مجابهة موجات الهجرة غير الشرعية، وقد انعكس هذا الشعور على خطابه الذي تناول، حالة الاتحاد لاسيما فيما يتصل بتناوله للقضايا الداخلية. 


وسنتناول فيما يلي قضايا السياسة الداخلية والخارجية التي تبدو في أولويات إدارة المكتب البيضاوي خلال النصف الثاني من مدته الرئاسية.


فيها كل القضايا والحسابات..

---     قضايا الشأن الداخلي

تجاوز الانقسامات الداخلية 


ركز «ترامب» في خطابه أمام الكونجرس، على اكتساب ود الديمقراطيين؛ خاصة بعد أن أصرَّ الديمقراطيون على موقفهم من تمويل الجدار العازل على الحدود الأمريكية مع المكسيك، رغم تمسك «ترامب» على الناحية الأخرى بالإغلاق الحكومي الذي تراجع عنه فيما بعد، فيما رفضت «نانسي بيلوسي»، رئيسة مجلس النواب المنحدرة من الحزب الديمقراطي دعوة «ترامب» لإلقاء خطاب الاتحاد قبل إنهاء الإغلاق الجزئي للحكومة. 

أدى ذلك كله إلى حالة من الجمود السياسي بين الحزبين؛ خاصة في ضوء الحرب الكلامية التي بدأت مسبقًا قبيل انتخابات التجديد النصفي، وقادها "ترامب" ضد قيادات الحزب الديمقراطي، وقد ألمح الرئيس الأمريكي في خطابه عن استعداده لكسر حالة الجمود السياسي وجبر الانقسامات القديمة بين الحزبين، لوضع حلول لمشكلات المجتمع الأمريكي، ولكنه أصرَّ في الوقت نفسه على أن ملف الهجرة من صلب أولوياته خلال مدته الرئاسية الحالية، محاولا التركيز على المشتركات مع الديمقراطيين خاصة ما يتعلق بالوضع الاقتصادي وتحسين البنية التحتية، وما أسماه «إنقاذ الحرية»، أتى كل ذلك في خطوة لتجاوز حالة الجمود السياسي التي أدت إلى أكبر إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية؛ ما  أدى إلى شل المؤسسات، وقد قُدِرت خسائر هذا الإغلاق بحوالي 11 مليار دولار، بينها 3 مليارات ليس من  الممكن تعويضها(1).


     تحقيقات لجنة «مولر»


 من الأمور التي تشغل بال «ترامب» كثيرًا، ما تسير عليه تحقيقات لجنة «مولر»، بشأن مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات(2)؛ إذ يعتبر أن هناك مؤامرة تقودها الدولة العميقة داخل المؤسسات الأمريكية ضده، واصفًا هذه التحقيقات بــــ "الحزبية السخيفة" في إشارة إلى موقف الديمقراطيين الداعم لتحقيقات اللجنة.

      الوضع الاقتصادي 

ركز «ترامب» في خطابه هذه المرة على الإنجازات الاقتصادية، التي استطاع تحقيقها خاصة فيما يتعلق بالأجور، وتراجع نسب البطالة التي وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ عقود، فيما أشار إلى أن نسب البطالة بين الأمريكيين من أصولٍ أفريقية وآسيوية وصلت إلى معدل متدنٍ في عهده، ما يؤكد رغبته خلال تعرضه إلى تراجع نسب البطالة بين المهاجرين لتقديم نفسه على أنه الرئيس الذي يعمل لمصلحة الأمريكيين بغض النظر عن هوياتهم وأصولهم التي ينحدرون منها.

     مجابهة الهجرة غير الشرعية 

رغم أن ملف الهجرة غير الشرعية كان أساس الخلاف بين «ترامب» والديمقراطيين، إلا أنه عمل خلال خطابه على توحيد أعضاء الكونجرس، لمجابهة ما أسماه التحديات الناجمة عن موجات الهجرة غير الشرعية، معلنًا في خطابه إلى أنه أمر 3570 جنديًا بالتوجه للحدود الجنوبية للتصدي لموجات الهجرة غير الشرعية، فيما حاول أثناء خطابه اللعب على مشاعر المواطنين العاديين، من خلال تعديد الانعكاسات الإيجابية لنظام الهجرة الذي يسعى لتنفيذه، مثل حماية أرواح المواطنين، وصون المجتمع من المخدرات، إضافة إلى حماية الوظائف المخصصة للأمريكيين.


فيها كل القضايا والحسابات..

قضايا السياسة الخارجية


      العلاقة مع الصين وحروب التجارة

تعمل واشنطن على الحفاظ على علاقات متوازنة مع الصين باعتبارها شريكًا مهمًا، في عملية تحجيم طموحات كوريا الشمالية النووية، وتفاخر «ترامب» في خطابه أمام أعضاء الكونجرس بتمكنه من توفير 250 مليار دولار من الجمارك المفروضة على البضائع الصينية، وفي الوقت نفسه، خفف من حدة خطابه تجاه بكين قائلًا: «لا ألوم الصين على استغلالنا، ولكن ألوم قادتنا ومسؤولينا الذين سمحوا بذلك الخطأ التجاري»، وهنا تجدر الإشارة إلى أن تعديل اتفاق نافتا المنظم للتجارة بين الولايات المتحدة، والمكسيك، وكندا محل توافق بين الحزبين.

      العلاقات مع كوريا الشمالية 

ينسب «ترامب» لإدارته النتائج الإيجابية التي تحققت على مستوى عملية السلام في شبه الجزيرة الكورية؛ حيث ذكر في خطابه الجوانب الإيجابية التي تمخضت عن لقائه بالرئيس الكوري الشمالي «كيم جونج أون»، مثل إنقاذ الرهائن الامريكيين المحتجزين لدى «بيونج يانج»، وتوقف الاختبارات النووية، وعملية السلام في شبه الجزيرة الكورية، وقد أعلن «ترامب» أنه سيلتقي زعيم كوريا الشمالية مرة أخرى في 27، و28 فبراير في فيتنام(3).

     العلاقات مع حلف الناتو 

أبرز الخطاب الذي ألقاه «ترامب» لأعضاء الكونجرس فيما يتصل بالعلاقات بين واشنطن وحلف الناتو حالة من عدم الثقة بين واشنطن ودول الاتحاد؛ حيث أعلن أنه عمل على مدار العامين الماضيين على إعادة بناء الجيش الأمريكي بشكل كامل، مستفيدًا بالوفرة النقدية التي توفرت من سياساته النقدية، والتي أجبرت دول الناتو لزيادة مساهماتها العسكرية إلى حوالي 100 مليار دولار، وهو ما سيسهم في تطوير منظومات الدفاع الصاروخي الأمريكية.


      الأزمة السياسية في فنزويلا


أظهر الخطاب أيضا، حقيقة الموقف الأمريكي من الأزمة في «كاراكاس»، وعبَّر «ترامب» عن انزعاجه من السياسة الاشتراكية التي تتبعها «فنزويلا»، معتبرًا أن الولايات المتحدة  لن تكون أبدًا دولة اشتراكية، ويأتي الموقف الأمريكي الحاسم تجاه أحداث «فنزويلا» لاعتبارات تتعلق بالأيديولوجية الاشتراكية التي تتبناها أكثر منه بالتأييد للتحركات الجماهيرية هناك، وتجدر الإشارة إلى أن واشنطن قادت جبهة الاعتراف بزعيم المعارضة رئيسًا ل«فنزويلا»، وهو ما أثار سخطًا كبيرًا من قِبل حكومة الرئيس «نيكولاس مادورو» التي أعلنت عن قطع العلاقات السياسية والدبلوماسية مع واشنطن.


      الحرب على الإرهاب 


مثَّلت الحرب على "داعش" أهم التحديات أمام إدارة «ترامب»، خلال العامين الماضيين، وذلك على الرغم من سياساته الانعزالية، ويعتبر الأمريكيون أن الحرب على الإرهاب أحد أعقد التحديات التي يواجهها العالم وبالأخص الشرق الأوسط، وبالرغم من عزم الإدارة تنفيذ الانسحاب من سوريا فإن «ترامب» اعتبر في خطابه أن القضاء على «داعش» من أهم نتائج سياسته تجاه الشرق الاوسط خلال العامين الماضيين، بعد أن كان يسيطر على أكثر من 20 ألف ميل مربع في سوريا والعراق معتبرًا أن : «الأمم الكبرى لا تخوض حروبا بلا نهاية».


    المفاوضات مع طالبان 


فيما اعتبر  الرئيس الأمريكي أن مسألة السلام في أفغانستان من أولوياته؛ خاصة أن إدارته تعمل خلال هذه الفترة على مفاوضات مباشرة مع حركة طالبان، وإذا نجحت هذه المفاوضات ستعزز من شعبيته في انتخابات 2020 الرئاسية، بالرغم من محاولة «ترامب» (كما يفعل دائمًا) مخاطبة الرأي العام الأمريكي الداخلي من خلال إشارته إلى خسائر واشنطن في أفغانستان، وهي تتلخص في قتل نحو 7 آلاف جندي أمريكي، وإنفاق 7 تريليونات دولار خلال عقدين فقط بمنطقة الشرق الأوسط.


     العلاقات مع إيران


صعَّد «ترامب» من لهجته تجاه «إيران»، واتهمها بأنها الممول الاكبر للإرهاب في العالم، فيما تعهد لأعضاء الكونجرس ان إدارته لن تسمح لمن يعادي السامية، ويهتف بالموت لأمريكا أن يمتلك أسلحة نووية، وتأتي هذه التصريحات بالتزامن مع سعي واشنطن لتكوين تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي لمجابهة «إيران»، وتجب الإشارة إلى أنه تم ترجمة هذه الوعود فعليًا، في مؤتمر «وارسو» المنعقد حاليًا في «بولندا» بهدف مواجهة تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة الإرهابيين، والتهديدات الإيرانية(5).


فيها كل القضايا والحسابات..

الهوامش

1-           Alan Rappeport and Binyamin Appelbaum, Government Shutdown Cost U.S. Economy $11 Billion, C.B.O. Says (28/1/2019), Accessed at: https://goo.gl/GS49sr

2-           Mueller closes in: what will the Trump-Russia inquiry deliver in 2019?, the Guardian, Accessed at: https://goo.gl/UXC64n

3-       محمود جمال عبد العال، تحجيم "ترامب": كيف سيؤثر الديمقراطيون على السياسة الخارجية الأمريكية في 2019، مركز المستقبل للدراسات المتقدمة، على الرابط: https://goo.gl/9jLBZR

4-      محمود جمال عبد العال، الأزمة السياسية في فنزويلا .. أسبابها، وتطوراتها، والمواقف الدولية، المركز العربي للبحوث والدراسات، على الرابط:http://www.acrseg.org/41102

5-      وارسو تستضيف مؤتمر السلام والأمن في الشرق الأوسط، سكاي نيوز عربية، على الرابط: https://goo.gl/s69BJ6

 

"