ad a b
ad ad ad

«مجتمع السلم» الجزائرية.. تاريخ أزمات الإخوان مع الدولة

الإثنين 28/يناير/2019 - 12:37 م
المرجع
علي عبدالعال
طباعة

يعد إعلان حركة «مجتمع السلم» الجزائري (حمس) - الذراع السياسيَّة لجماعة الإخوان، خوضها الانتخابات الرئاسيَّة المقبلة من خلال رئيس الحركة «عبدالرزاق مقري»، المعركة المزمع إجراؤها في 18 أبريل 2019، محاولة منها للمحافظة على موقعها كلاعب سياسي مهم في البلاد.

عبدالرزاق مقري
عبدالرزاق مقري

وجاء قرار «مقرى» بأغلبية ساحقة من قبل أعضاء مجلس شورى الحزب، وبذلك يكون ثاني شخصية إسلاميَّة تعلن خوض السباق الرئاسي بعد الوزير الأسبق «عبدالقادر بن قرينة»، رئيس ومؤسس حركة «البناء الوطني»،  التي تأسست قبل سنوات قليلة على يد قياديين منشقين عن حركة «مجتمع السلم».


فيما نشرت وزارة الداخلية الجزائرية يوم الإثنين 20 يناير الجاري، قائمة تضم أكثر من 32 طلب ترشح للانتخابات الرئاسيَّة، تسعة منها مقدمة من قبل رؤساء أحزاب سياسيَّة لها أثرها في الشارع الجزائري، لكن «مقري» قال في تصريحات له، بعد الإعلان: «لا يهمنا عدد المترشحين، الأهم لدينا هي الإرادة الحرة للشعب الجزائري في اختيار رئيسه... فعلى الشعب الجزائري أن يتحمل مسؤوليته، ولنا كامل الثقة فيه حتى يميز بين البرامج والرجال».


وخلال الأيام الماضية، تم تداول معلومات حول رغبة الرئيس السابق للحركة «بو جرة سلطاني» دخول السباق باسم الحزب، لكن «سلطاني» أعلن في بيان أنه قرر سحب ترشحه بعد استشارات قام بها.

«مجتمع السلم» الجزائرية..

«مجتمع السلم» .. علاقة قديمة مع السلطة 

منذ تأسيس حركة «مجتمع السلم» ، «حمس» عام 1989، اختارت التقارب الودّي مع النظام الحاكم وظلت تغازل هذا النظام وتنخرط معه في حوارات، وفي تسعينيات القرن الماضي، سعت الحركة إلى تمييز نفسها عن (الجبهة الإسلاميَّة للإنقاذ) التي فازت بالانتخابات عام 1991 وقام الجيش بإلغاء نتيجتها، لذا تعد «مجتمع السلم» أبرز الحركات الإسلامية بالبلاد، منذ خروجها من رحم جماعة الإخوان، لتقدم نفسها كوجه معتدل للإسلام . 


ووافقت الحركة على المشاركة في العملية السياسية، عكس جبهة الإنقاذ التي فضّلت العمل ضد النظام، وفي المقابل منح النظام (مجتمع السلم) مناصب وزارية ومقاعد برلمانية توفر له الوجود السياسي، لكن في عام 1994 دعمت الحركة إقامة المجلس الوطني الانتقالي، الذي مارس وظائف تشريعية في غياب البرلمان المنتخب، وفي 1995، تجاوبت «مجتمع السلم» مع دعوة السلطة، إلى إعادة إطلاق العملية الديمقراطية، وشاركت في الانتخابات الرئاسية، ليحلّ مرشحها «محفوظ نحناح» في المرتبة الثانية مباشرة بعد مرشح الجيش «اليمين زروال» (الرئيس السادس للجزائر1995 – 1999)، بواقع 3.2 مليون صوت وبنسبة 25% من الأصوات.


ثم سعى «نحناح» إلى المنافسة ثانية على الرئاسة عام 1999، لكنه حُرِمَ من أهلية الترشّح بعد أن فشل في الالتزام بالموعد النهائي، كي يثبت أنه قاتل ضد الفرنسيين إبان حرب الاستقلال الجزائرية؛ وهو شرط كان يُطلَب من مرشحي الرئاسة، وبعدها دعّم «نحناح» مرشح الإجماع «عبدالعزيز بوتفليقة»، رغم التحفظات التي قدمها العديد من نشطاء الحركة.


علاوة على ذلك، دعمت حركة «مجتمع السلم» السياسات التصالحية التي أطلقتها الدولة، والتي هدفت إلى وضع حدّ للحرب الأهلية الجزائرية، ففي العام 1995، وقفت الحركة وراء النظام ورفضت الانضمام إلى عملية «سانت إيجيديو» التي جمعت شمل أحزاب المعارضة، في محاولة لإنهاء القتال، وبدلاً من ذلك، دعمت الحركة عملية «قانون الوفاق المدني»، التي أعلنها «زروال» في العام 1995، وذلك  من أجل السماح للجهاديين الذين لم يُدانوا بارتكاب جرائم قتل أو اغتصابات  بتسليم أنفسهم.


وفي العام 1996 شاركت الحركة في الحكومة بوزيرين كأول تجربة لدخول الإسلاميين إلى الجهاز التنفيذي: وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، الوزير «عبدالقادر حميتو»، وكتابة الدولة للصيد البحري، الوزير «أبو جرة سلطاني».


وفي العام 1997 شاركت الحركة في الانتخابات البرلمانية التعددية الأولى، وكذلك في انتخابات المحلية (البلدية والولاية)، وكان حظها 71 مقعدًا بالبرلمان و1100 في المحليات ما يعني نحو 24 بلدية كانت تسيرها الحركة، وبفضل هذه النسبة ارتفع عدد الوزراء في الحكومة إلى 7 حقائب تولاها: (عبدالمجيد مناصرة، بوجرة سلطاني، عبدالقادر بن قرينة، سيد أحمد بوليل، عبدالقادر حميتو، بشير عمرات، محمد نورة).


ومع مرور الوقت، شكلت حركة «مجتمع السلم» في الفترة الممتدة من سنة 2004 إلى يناير 2012 مع حزبي (التجمع الوطني الديمقراطي) و(جبهة التحرير الوطني) ما كان يسمى بالتحالف الرئاسي، حيث شاركت في جميع الاستحقاقات السياسيَّة التي جرت في الجزائر، كما انضمّت إلى حكومات ائتلافية عدة، ويُعتبَر أحد أعضائها السابقين، «عمار غول»، شخصيةً رئيسةً في المشهد السياسي الجزائري، وعمل كوزير للأشغال العمومية.

بوتفليقة
بوتفليقة

الخروج من أروقة السلطة 

حرصت الحركة على الاحتفاظ بمسافة بعيدة عن النظام في العام 2012، ذلك بعد عشرين عامًا أمضتها في أروقة السلطة سعى «مقري»، الذي استلم رئاسة الحركة، إلى تغيير مسار «مجتمع السلم»، طارحًا نفسه بوصفه «القائد» الذي سينفصل عن السلطة، ليحوّل الحركة إلى قوة معارضة حقيقية.


وتجلّى ذلك في القرار الذي اتّخذته الحركة بالمشاركة في (التنسيقيَّة من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي)، حيث انضمّت الحركة إلى آخرين في معارضة الولاية الرابعة للرئيس «بوتفليقة»، والدعوة إلى انتقال ديمقراطي يشمل استقالته وتنظيم انتخابات مبكرة.


وفي العام 2014 قاطعت الحركة الانتخابات الرئاسيَّة وطالبت بعدم السماح لـ«بوتفليقة» بتسلم ولاية رئاسية رابعة، ذلك ما ظهر في تصريحات «مقري»، إذ قال إن الحركة غير مستعدة لقبول المشاركة في تشكيل الحكومة،  معتبرًا استمرار نظام الحكم الحالي خطرًا حقيقيًّا على البلاد.


وأضاف :«أن المرء لا يلدغ من جحر مرتين، وقد خضنا تجربة أولى في التسعينيات وتجربة ثانية في الفترة الأخيرة، ولسنا مستعدين لتجربة سيئة أخرى».


وطرحت «مجتمع السلم» في أواخر العام 2018، مبادرة للتوافق السياسي بهدف تجاوز الأزمات السياسية في البلاد، تقوم على انتخاب رئيس توافقي في عام 2019،  يمثل التوافق الوطني، ويقوم بتشكيل حكومة توافقية واسعة التمثيل، تجمع بين الكفاءة والخبرة والسياسة، لكن بعد إعلان الحركة خوضها للانتخابات الرئاسية، قال «مقري» في تصريحات له: «إذا انتخبنا الشعب لرئاسة الجمهورية، فسيكون أول مشروع لي هو التوافق الوطني وجمع الجزائريين والطبقات السياسية حول رؤية سياسية واقتصادية تخرج البلد من الأزمة»، مؤكدًا أن دور الجيش يتمثل في حماية ما يتفق عليه السياسيون وأن يكون حياديًّا ، حتى ينجح في أن يؤمن سير الانتخابات».

"