تجددت المناوشات الإيرانية الإسرائيلية
مؤخرًا، وسط مزاعم الطرفين بإمكانية قضاء كل طرف منهما على الآخر؛ الأمر الذي
لا يكل الطرفان من ترديده طوال السنوات الماضية؛ ما يساعد إيران في المزيد من «الشو»
حول قدراتها العسكرية التي لم تحاول إثبات جدواها مع إسرائيل على أرض الواقع.
وتبادلت إيران وإسرائيل التهديدات بعد الضربات الجوية التي تعرضت لها مواقع إيرانية في سوريا، وهدد قائد القوات الجوية الإيرانية عزيز نصير زاده بـ«محو إسرائيل من على وجه الأرض»، ونقلت وكالة «نادي المراسلين الشباب للأنباء»، التي يشرف عليها التلفزيون الإيراني الرسمي، عن نصير زاده قوله: إن «الشباب في القوات الجوية ينتظرون بفارغ الصبر مواجهة النظام الصهيوني، ومحوه من على وجه الأرض».
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي قد قال: إن «مقاتلات حربية شنت غارات داخل الأراضي السورية ضد أهداف عسكرية تابعة لفيلق القدس الإيراني، وضد بطاريات دفاع جوي سورية؛ وذلك ردًّا على إطلاق صاروخ أرض أرض من جانب قوة إيرانية داخل الأراضي السورية، مستهدفة منطقة شمال هضبة الجولان».
للمزيد: تهديدات إسرائيل.. هل تصب في مصلحة حزب الله؟
بروباجندا إيرانية
الباحث في الشأن الإيراني أسامة الهتيمي، قال في تصريح خاص لـ«المرجع»، يجدر بنا في البداية تأكيد أن هذه المناوشات بين كل من إيران والكيان الصهيوني ليست جديدة، وإنما هي ممتدة على مدار العام الماضي؛ إذ أشارت تقارير صهيونية إلى أن القوات الصهيونية استهدفت القوات الإيرانية، الموالية لها في سوريا 2000 مرة تقريبًا؛ ما أوقع الكثير من الخسائر البشرية والمادية، فضلًا عن تدمير جزء كبير من البنية التحتية لهذه القوات، في حين لم ترق الردود الإيرانية أو السورية النظامية إلى مستوى التصريحات التي ما فتئت ترددها على مدار 40 عامًا القيادات الإيرانية العسكرية والسياسية، والتي كانت تزعم قدرة إيران على تدمير «إسرائيل» خلال 7 دقائق ونصف.
وأكد الباحث في الشأن الإيراني أنه في هذا الإطار ثمة دلالات مهمة يمكن قراءتها بشأن هذه المناوشات، أولها يتركز حول أن الكثير من التصريحات أو المزاعم الإيرانية المتكررة عن قدرات القوات الإيرانية لا يخرج عن كونها بروبجندا إيرانية تستهدف بالأساس شن حرب نفسية موجهة بالدرجة الأولى إلى الجيران العرب، وثانيها أن التحركات الإيرانية الأخيرة؛ حيث إطلاق بعض القذائف أو الصواريخ باتجاه هضبة الجولان المحتلة والتي بحسب تأكيدات صهيونية، هي من استفزت الجيش الصهيوني مؤخرًا؛ ليكثف من عملياته ضد القوات الإيرانية في سوريا.
محاولة لتبييض الوجه
«الهتيمي» افترض أيضًا أن هذه المناوشات قد تكون محاولة إيرانية جديدة للتوظيف السياسي، الذي يسعى لتحقيق أهداف عدة، منها تبييض وجه إيران أمام الشعوب العربية والإسلامية، والترويج بأن هناك صراعًا حقيقيًّا بين إيران والاحتلال الصهيوني؛ ليكون ذلك ردًّا عمليًّا على محاولات فضح وكشف السياسات الإيرانية في المنطقة، ومنها دفع القوى الدولية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا إلى التوصل لصيغة توافقية ونهائية بين كل الأطراف الفاعلة في سوريا تحدد موقع كل طرف.
وأوضح الباحث في الشأن الإيراني أنه لا يمكن أيضًا الفصل بين تصاعد هذه المناوشات وقرار ترامب، الذي أعلنه مؤخرًا بشأن اعتزام واشنطن سحب قواتها من سوريا؛ إذ ربما أرادت كل من واشنطن وتل أبيب أن يبعثا برسالة قوية إلى طهران، بأن هذا الانسحاب لا يعني على الإطلاق إعطاء ضوء أخضر لإيران بأن تتحرك بحرية كاملة في سوريا؛ إذ تبقى هناك خطوط حمراء لا يمكن لإيران أن تتجاوزها، ومن ثم فإن ذلك جزءٌ من جهود أمريكا التي تسعى إلى إعادة إيران لبيت الطاعة الأمريكي.