العودة القاتلة.. بلجيكا حائرة بين قبول دواعشها وتركهم في سجون سوريا
الثلاثاء 22/يناير/2019 - 11:09 م
أحمد لملوم
في لحظة مجنونة تغيب عقولهم وتعمى أعينهم، وتنغسل أدمغتهم بأفكار دموية، فيختارون الجحيم طريقًا يشدون اليه الرحال، تاركين خلفهم بلادًا اقتنعوا بأنها لم تعد أوطانهم، وعائلات تبرؤوا منها اتباعًا لتعليمات من غسل الأدمغة وزين الباطل.
داعش
إنهم البلجيكيون المنضمون إلى تنظيم داعش الإرهابي، وقد انتهى بهم المطاف إلى زنازين باردة بعيدة عن ديارهم وذويهم، وتقطعت بهم السبل في سجون قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية، يستوي في الأسر الرجال والنساء ممن قرر- جاهلًا- الانخراط في صفوف أكثر التنظيمات دموية على مر التاريخ.
ولعل من المثير للدهشة أن يقع في الأسر نحو 18 طفلًا بلجيكيًّا، ترى منظمات بلجيكية مجال عملها في حقوق الأطفال، أن على الحكومة استعادة هؤلاء الأطفال؛ كونهم لا يتحملون نتيجة أفعال ذويهم، وقالت دي باو، عضو جمعية التركيز على الأطفال في مقابلة مع دويتشه فيليه: «يمكننا الحديث والجدال حول مواقف الأمهات اللواتي اتخذن قرارًا في مرحلة معينة من حياتهن للانضمام إلى داعش، لكني أرى أطفالًا - معظمهم ليسوا حتى في سن الست سنوات؛ لذا كان الأمر صعبًا للغاية بالنسبة لي».
وقررت الحكومة البلجيكية في وقت سابق السماح لأطفال عناصر تنظيم داعش -من البجيكيين- الذين تقل أعمارهم عن 10 أعوام بالعودة، بيد أن هذا الأمر يتطلب تنسيقًا مع الميليشيات الكردية، والتي ليس لديها جهات دبلوماسية رسمية لإصدار وثائق سفر للأطفال دون أي تعريف رسمي، فضلًا عن عدم وضوح مصير أمهات هؤلاء الأطفال، هل سيتم إرجاعهن أيضًا أم سيتركن قيد الأسر في سجون سوريا.
وقضت محكمة بلجيكية في أواخر ديسمبر الماضي، لصالح امرأتين بلجيكيتين هما وتاتيانا فيلاندت وبشرى أبوعلال، المحتجزتان بمخيم في سوريا مع أطفالهما الستة، وقالت المحكمة إنه يجب إعادة النساء مع أطفالهن، وإذا لم تقم الحكومة بتنفيذ ذلك خلال 40 يومًا، ستكون هناك غرامة قدرها 5700 دولار على الحكومة عن كل يوم يمر دون تنفيذ القرار.
وأدينت «فيلاندت» و«أبوعلال» غيابيًّا من قِبَل محكمة بلجيكية مارس الماضي، بالسجن لمدة 5 سنوات بتهمة الانتماء لتنظيم داعش الإرهابي، وتقول مصادر كردية: إن المئات من المواطنين الأوروبيين -وكثير منهم أطفال صغار- محتجزون لدى جماعات كردية تدعمها الولايات المتحدة في 3 مخيمات، منذ طرد تنظيم داعش العام الماضي من كل الأراضي تقريبًا التي سيطرت عليها خلال عامي 2014 و2015.
ويرى توماس رينارد، الخبير في مكافحة الإرهاب في معهد إيغمونت البلجيكي، أن البلجيكيين الذين يعارضون إعادة العائلات المحتجزة في سوريا يفكرون على المدى القريب، فحين أن هناك جوانب أخرى يمكن التعامل معها، فهناك أطفال يمكن أن يتحولوا لمتطرفين في سوريا حال تركهم هناك.
بينما يخشى خبراء أمنيون من أن هؤلاء الأطفال يمكن أن يكونوا قد تأثروا بالفكر المتطرف لتنظيم داعش، ويمكن أن يشكلوا خطرًا مستقبليا في حالعودتهم إلى بلجيكا؛ ما يجعل الحكومة في موقف سيئ، خاصة أن القرار الذي ستتخذ بشأن عودة عائلات بلجيكيي تنظيم داعش سيكون له أثر على المدى البعيد.
وسافر نحو 500 بلجيكي إلى مناطق الصراع في الشرق الأوسط؛ للانضمام لتنظيمات إرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش، ومع هزيمة التنظيم الإرهابي عاد بعضهم إلى بلجيكا مرة أخرى، ويخشى من تكوينهم خلايا نائمة يمكن أن تنفذ عمليات إرهابية بعد عودتهم ردًّا على الخسائر العسكرية التي مُنِي بها تنظيم «داعش».





