ad a b
ad ad ad

شرق الفرات.. آخر جيوب «داعش» في سوريا يتحول جحيمًا لعناصره

الثلاثاء 22/يناير/2019 - 07:26 م
المرجع
علي عبدالعال
طباعة
تقع مناطق شرق الفرات في الشمال الشرقي لسوريا، وتحتل هذه المناطق مساحة كبيرة من الأراضي السورية (ما يقرب من ثلث البلاد) على الضفة الشرقية من نهر الفرات، وتلامس هذه المناطق الجزء الأكبر من الحدود السورية التركية، فهي بهذا الموقع تربط بين كل من أراضي سوريا والعراق وتركيا.. وهي مناطق غنية بالثروات المائية والنفطية.


شرق الفرات.. آخر
وتنظر قوى دولية وإقليمية لهذه المناطق باعتبارها الملاذ الآمن والجيب الأخير لعناصر تنظيم «داعش» الإرهابي بعد طرده من مناطق سيطرته في سوريا، وكانت هذه المناطق تُمثل رابطًا بين ما احتله داعش من أراضٍ في كل من سوريا وشمال غرب العراق؛ حيث ربطت في السابق بين عاصمتيه في الدولتين (الموصل والرقة) قبل طرده من المدينتين معًا، بفعل جهود دولية وإقليمية تعاونت مع الجيش الوطني السوري.


فلول «داعش» المذعورة  
ويتحصن إرهابيو «داعش» في جيوب بمناطق شرق الفرات، خاصة في قرية الباغوز (بمنطقة البوكمال في بادية دير الزور الشرقية) ومحيطها من قرى السفافنة، والمرشدة، والشجلة، والتي تقع شمال الباغوز، كما تُعدُّ المنطقة المحيطة بمدينة هجين والقرى والبلدات التابعة لها بالقرب من الحدود مع العراق إحدى المناطق التي تقع تحت سيطرة تنظيم «داعش»، وهناك يتحصن نحو ثلاثة آلاف إرهابي، بينهم بضع مئات من (الانتحاريين والانغماسيين) هم بقايا ما يُسمى جيش خالد بن الوليد التابع للتنظيم بعد دمج ما يُطلق عليها «لواء شهداء اليرموك، وحركة المثنى الإسلامية، و‌جيش الجهاد».

وبحسب تقارير استخبارية، فإن لـ«داعش» وجودًا متحرك في صحراء البادية السورية، في وادي غدق، ووادي الحسينية، وصحراء بلدة راوه، قرب مدينة القائم والطريق الدولي الذي يربط العراق بكل من سوريا والأردن، وتعتبر هذه المناطق أهدافًا حيوية لعناصر التنظيم.

وخلال الأيام الماضية، تم رصد عمليات تسلل للعشرات من عناصر التنظيم نحو الضفاف الغربية لنهر الفرات؛ حيث من المتوقع أن تكون وجهتهم نحو المناطق الواقعة شمال السخنة وجنوب دير الزور، كما جرت اشتباكات محدودة بين «داعش» والقوات المسلحة السورية النظامية، على ضفة نهر الفرات الغربية في مدينة الميادين بريف دير الزور.
شرق الفرات.. آخر
خريطة القوى في شرق الفرات
وأصبحت خريطة القوى في شرق الفرات أكثر سخونة، مع حالة استنفار عسكري لهذه القوى المتوزعة على الأرض، بسبب وجود «داعش»، وفي ظل انسحاب أمريكي واستعداد لعمل عسكري تركي متوقع بمشاركة فصائل إرهابية أخرى ضد القوات الكردية هناك.

من جهتها، أعلنت القوات الأمريكية بدء انسحابها من مناطق شرق نهر الفرات، وردت تركيا بالإعلان عن تجهيزها لشن عملية عسكرية لطرد المقاتلين الأكراد من الشمال السوري ومناطق شرقي الفرات، خاصة بعد الإعلان الأمريكي، لكن أعلنت أنقرة لاحقًا تأجيلها هذه العملية لإفساح الطريق أمام الانسحاب الأمريكي، كما تعهدت بعدم التهاون في قتال تنظيم «داعش».

فرنسا هي الأخرى دخلت على الخط بهدف إيجاد موطئ قدم لها في شرق الفرات، خاصة مع اشتداد التنافس على ملء الفراغ الأمريكي في شمال شرقي سوريا؛ حيث أعلنت عدم ترحيبها بالانسحاب الأمريكي، وفي المقابل أعلنت نيّتها بقاء قوّاتها في سوريا واستمرار دعمها لقوات سوريا الديمقراطية «قسد».

وعلى المستوى الكردي، فإن وحدات حماية الشعب الكردية من اللاعبين الأساسيين شرق الفرات، وهي حليف رئيسي لواشنطن في المنطقة، ولها تفاهمات -من جانب آخر- مع النظام السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد، وتسعى هذه القوات الكردية إلى تطهير مناطق شرق الفرات من بقايا داعش وللحيلولة دون دخول القوات التركية.

والسبت 19 يناير 2019، أفادت التقارير بوقوع «قصف ثلاثي» على مناطق «داعش» شرق الفرات؛ حيث شاركت طائرات عراقية وقوات تابعة للنظام السوري في القصف، بالتزامن مع هجوم «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من واشنطن، على جيب لداعش في محافظة دير الزور، وقد ارتفعت وتيرة القصف منذ هجوم شنه التنظيم على مدينة منبج قبل أيام وقتل خلاله 19 شخصًا، بينهم 4 أمريكيين، هم جنديان ومدنيان يعملان مع وزارة الدفاع الأمريكية.
شرق الفرات.. آخر
العمليات مستمرة
ولاتزال القوى العسكرية المحيطة بما تبقى من الجيوب الداعشية والقريبة منها، تواصل عمليات استهدافها للتنظيم؛ بهدف إنهاء وجوده كقوة مسيطرة بشكل كامل في مناطق شرق الفرات؛ حيث شنَّت طائرات عراقية قصفًا على مناطق عند الضفة الشرقية لنهر الفرات، بالتزامن مع عمليات قصف من قبل القوات الإيرانية والميليشيات غير السورية الموالية الموجودة عند الضفة الغربية لنهر الفرات، على المناطق ذاتها. 

معارك القوى المناوئة لـ«داعش» في شرق الفرات تلقى مقاومة شرسة من قبل التنظيم، فقد سبق وكبد إرهابيو «داعش» القوات الكردية (قسد) خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، واستعاد منها أراضي كانت قد خضعت لسيطرتها في هجوم مضاد وشرس في محافظة دير الزور (أكتوبر الماضي)، كما استعاد السيطرة على حقول نفطية على مقربة من الحدود عند مدينة القائم العراقية.. حتى قال الناطق باسم التحالف الدولي الكولونيل شون رايان: «قلنا منذ البداية إن هذا سيكون صراعًا صعبًا»، وأضاف: «داعش يستخدم مقاتلين أجانب متمرسين، وليس لديهم ما يخسرونه».

وتشير التقارير إلى صعوبة في التقدم تلقاها القوات الكردية في منطقة الباغوز ومحيطها، نتيجة وجود المفخخات والقناصة والألغام المزروعة بكثافة، والتحصينات التي أقامها داعش حول مناطق سيطرته، وهذه القوات تضطر في بعض الأحيان إلى التراجع تحت ضغط ارتفاع الخسائر.

وبات متوقعًا أن تقوم عناصر «داعش» بشن مناوشات عند الحدود العراقية، لتخفيف الضغط عليها شمال وشرق الفرات، من الجانب السوري. 

وتحسبًا لأن يقوم التنظيم بشن هجمات خاطفة أو فتح ممرات لتسلل قياداته عبر الحدود العراقية، والتوغّل إلى عمق الغرب العراقي كثفت القوات العراقية من وجودها عند الحدود مع سوريا، وعلى مسافة 200 كيلومتر، بدءًا من شمال البوكمال ووصولًا إلى منطقة تل صفوك في محافظة الحسكة. 
شرق الفرات.. آخر
«داعش» واستراتيجية حرب العصابات 
ويتبع «داعش» استراتيجية من الكر والفر تستنزف القوى العسكرية المناوئة له، ويستخدم أسلوب العصابات أو المجموعات الصغيرة، إضافة إلى استخدامه التفجيرات بواسطة السيارات المفخخة والألغام المزروعة على الطرق والمحاور الرئيسية، وهي طرق لا تحتاج إلى أعداد كبيرة من العناصر، ولا إلى محاور واضحة للحركة، كما يلجأ التنظيم إلى إشعال الإطارات والنفط الخام، من أجل إعاقة عمل الطيران الحربي؛ حيث تعمل هذه الطريقة على تشويش الأهداف الأرضية للطيران؛ ما يؤدي إلى التأثير في فاعلية الهجمات من الجو.

وعلى صعيد العنصر البشري لداعش، وطبيعة عناصره من الإرهابيين الذين بقوا في صفوفه، فقد تخلص التنظيم من المنتسبين إليه بدوافع تختلف عن أيديولوجيته، ومن بقي معه هم من المغيبون المؤمنون بفكر التنظيم إيمانًا كليًّا، أو المستفيدون من انخراطهم في صفوفه، وأغلبهم من جنسيات أجنبية، ويقدر عدد عناصر التنظيم في هذه الجيوب مجتمعة حوالي 6000 عنصر، سيكون عليهم عبء المعارك في المرحلة المقبلة.

الكلمات المفتاحية

"