ad a b
ad ad ad

تفجير «منبج».. الأكراد يتجرعون مرارة الانسحاب الأمريكي من سوريا

الخميس 17/يناير/2019 - 11:34 م
المرجع
طباعة

لم تعد مدينة «منبج»، الواقعة شمالي شرق سوريا، كما كانت قبل التفجير الانتحاري الذي وقع، مساء أمس الأربعاء 16 يناير 2019، قرب مطعم الأمراء، بوسط المدينة، وبادر تنظيم «داعش» الإرهابي بتبنيه.


ووفقًا لإحصاء أمريكي تناول عدد الأمريكيين المتضررين من العملية، فقد بلغ عدد المقتولين أربعة جنود، وثلاثة آخرين ضمن عداد المصابين، منذ اللحظات الأولى للتفجير، وتناولت وسائل الإعلام الحادث على أنه الاستهداف الأكبر من قبل التنظيم الإرهابي للقوات الأمريكية بسوريا، فيما وصفته وكالة رويترز بـ الأكثر فتكًا للقوات الأمريكية الموجودة في سوريا منذ 2015، خاصة أنه وقع أثناء مرور دورية أمريكية كردية في محيط المطعم، كما يحصر المرصد السوري لحقوق الإنسان إجمالي القتلى في 19 فردًا ما بين أمريكيين وأكراد.

تفجير «منبج».. الأكراد

تأويلات ودلالات


وتأتي العملية الداعشية محمّلة بأكثر من تأويل، بعد أقل من شهر من تصريحات الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، الذي أعلن بشكل مفاجئ، الشهر الماضي، انسحاب قواته من سوريا، مبررًا القرار بأن أمريكا أنهت مهمتها مع انتهاء وجود تنظيم داعش في سوريا، وهو المبرر الذي دفع الكثيرين للتشكيك في مدى صحة تقدير ترامب بانتهاء داعش.


وإن كانت العملية جاءت لتقر بخطأ تصور الرئيس الأمريكي حول انتهاء داعش، فهي تأتي عقب ثلاثة أيام فقط من إعلان الرئيس التركي، «رجب طيب أردوغان»، الاثنين الماضي، عن تفاهمات أقامها مع نظيره الأمريكي، عبر الاتصال الهاتفي بخصوص إقامة منطقة آمنة.


وقد نقلت  صحيفة «حرييت» التركية، أن عمق المنطقة الآمنة سيبلغ ما بين 30 و35 كيلومترًا، وأن «أردوغان» قد أبلغ «ترامب» خلال الاتصال الهاتفي، أنه ينظر بإيجابية إلى مقترح المنطقة الآمنة، دون أن يخوضا في تفاصيل خطة إنشائها، حيث اتفقا على أن يتحدث رئيسا أركان البلدين في التفاصيل.


مشهد معقد في سياقه، تأتي العملية الانتحارية لتنظيم داعش لتخلط الأوراق، إذ تفاوتت القراءات حول تداعيات الواقعة على قرار الرئيس الأمريكي بالانسحاب من سوريا، فبينما رأى البعض أنها ستعجل بالانسحاب، توقع البعض أنها ستدعم وجهة النظر الداخلية في الإدارة الأمريكية الرافضة لقرار «ترامب»، إذ تأتي العملية وفقًا لهم لتنفي انتهاء داعش ، ذلك ما يزول معه سبب الانسحاب.


في المقابل تصاعدت التأويلات حول الطرف المستفيد، فبينما أقر فريقٌ أن تركيا هي من تقف وراءه عبر استخدامها لتنظيم داعش، إذ يدعم التفجير الرواية التركية المروجة لوجود إرهاب في منبج لتبرير عمليتها العسكرية التي تهدد بشنها، فذهب فريق آخر إلى أن المسؤول عن العملية هي قوى مدعومة أمريكيًّا من قبل الرافضين لقرار الرئيس الأمريكي، في إشارة إلى الأكراد أنفسهم الذي يرغبون في إحجام واشنطن عن الانسحاب. ويرى أصحاب هذا الرأي أن الأكراد من خلال العملية سيقنعون أمريكا بعدم الانسحاب، خاصة وإنهم عبّروا عن رفضهم لمقترح المنطقة الآمنة، معتبرينه احتلالا تركيا.


تفجير «منبج».. الأكراد

مؤشرات تدعم تورط تركيا


جاء تأكيد نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، في حديثه، أمس، بمقر وزارة الخارجية الأمريكية، على أن الانسحاب لقوات بلاده من سوريا سيكون «مُنظمًا وفعالًا»، ليشير إلى رغبة أمريكا بتعجيل الانسحاب في أعقاب العملية الإرهابية، وذلك ما يحمل في طياته تدعيمًا لفرضية تورط أنقرة في الحادث الإرهابي. 


كما تابع بنس الذي تجاهل الحادث وكأنه لم يكن، أن بلاده رغم الانسحاب لديها آلية لحفظ بقائها في سوريا، وعدم عودة تنظيم داعش، دون أي توضيح هذه الآلية.


وتأتي هذه التصريحات موافقة لكلام الرئيس التركي عقب الحادث، إذ قال إن الولايات المتحدة مستمرة في قرار الانسحاب رغم التفجير الذي استهدف قواتها، معتبرًا إنه «في حال حدث تراجع فإن هذا يكون انتصارًا لداعش».


وأظهر الناشط السوري المقرب من النظام، عمر رحمون، دعمًا لتركيا في أن يكون لها دور في العملية خاصة، وأن ترامب هدد قبل أيام بتدمير الاقتصاد التركي إذا ما أقدمت تركيا على عمليتها  العسكرية؛ حيث قال عبر حسابه على «فيس بوك»: «التفجير هو رسالة قوية اللهجة للأمريكيين بضرورة الانسحاب من سوريا سريعًا وعدم التلكؤ أو التباطؤ».


تفجير «منبج».. الأكراد

ماذا بعد العملية؟


تدعم العملية الرواية التركية بوجود إرهاب في «منبج»، ما يدفع أنقرة لاستخدام الواقعة في الفترة القادمة للإشارة إلى ضرورة التعجيل بعمليتها العسكرية التي لوحت بها منذ نهاية العام الماضي، وفي الوقت نفسه يبدو أن أمريكا تراوغ في الانسحاب، وتبحث عن طريقة تبقى فيها في سوريا، وإن لم تعلن عنها، إلا أن الانسحاب الأمريكي قائم وفقًا لحديث نائب ترامب، وعليه يكون الأكراد مطالبين بالتعامل مع مشهد انسحاب الحليف الأمريكي.


كما قال «رحمون» المقرب من النظام السوري، إن الأكراد حتى الآن لم يدخلوا في تفاهم كامل مع الدولة السورية عقب تخلى أمريكا عنهم، ومازالوا يبحثون في تصريحات أمريكا عن فرصة للثقة فيها، متابعًا: « يبدو لي أن قادة وحدات الحماية الكردية قد اختارت الخازوق التركي على العودة إلى حضن الوطن ونزع مبرر الاحتلال التركي، ما يؤكده تعنت الوحدات الكردية وتفاعلها مع التصريحات الأمريكية صعودًا وهبوطًا، وغياب الحس الوطني، والارتباط بحلم يساوي الانتحار الجماعي ليس للوحدات فقط  بل للمكون الكردي الذي سيحصد مرَّ مغامرات قادة الوحدات».


ذلك ما يمكن فهمه على أنه خوف من فقد ميزة الحكم الذاتي، التي تمتع به الأكراد في شمال سوريا منذ 2012، فهم يدركون أن العودة إلى حضن الدولة يعني انتهاء زمن الحكم الذاتي، وعليه فهم يتمسكون بالحليف الأمريكي.


في مقالة له بعنوان «واشنطن خانت الأكراد مرة أخرى»، يحدد مدير برنامج شمال أفريقيا والشرق الأوسط، جوست ھیلترمان ، مسارات الأكراد في سبيلين هما إما الانسحاب إلى الجبال شمال العراق حيث مناطق الأكراد العراقيين ومن ثم الاحتماء هناك من نيران القوات التركية، أو التعاون مع الدولة السورية وإيجاد صيغة تضمن مصالحهما على أن يعود الأكراد لعباءة الدولة.


ولم يشر ھیلترمان إلى أي فرصة أمام الأكراد في الثقة في أمريكا، إذ يعتبر أن أمريكا أثبتت إنها تتعامل مع الكرد كورقة تستخدمها في سياساتها.

للمزيد.. بـ«الخطة الساخنة».. هل يحقق أردوغان أطماعه بسوريا على أنقاض منبج؟

للمزيد.. الجيش السوري يدخل «منبج».. ومحادثات «روسية ــ تركية» بشأن المدينة

 

"