ad a b
ad ad ad

مسيحيو العراق.. مكون وطني تائه بين التهديد الإيراني والاستعلاء الطائفي

الثلاثاء 01/يناير/2019 - 06:55 م
الكاردينال لويس رافائيل
الكاردينال لويس رافائيل ساكو
محمد شعت
طباعة

حالة من الجدل يشهدها الشارع العراقي؛ بسبب فتاوى تحريم الاحتفال بأعياد الميلاد، وهي الفتاوى التي قوبلت باستهجان شديد وغضب أشد؛ حيث اعتبر مراقبون للمشهد العراقي أن مثل هذه الفتاوى تثير الفتن الطائفية، وهو ما يؤثر بطبيعة الحال على النسيج الاجتماعي العراقي الذي لم يعد يحتمل أي تفرقة طائفية.

 


مهدي الصميدعي
مهدي الصميدعي

وأعرب رجال دين مسلمون ومسيحيون عن استنكارهم لمثل هذه الفتاوى؛ حيث استنكر رئيس البطريركية الكلدانية في العراق والعالم، الكاردينال لويس رافائيل ساكو في بيان له فتوى مفتي أهل السنة والجماعة في العراق، مهدي الصميدعي، مشيرًا إلى أن تبني مثل هذا الخطاب يصدر عن شخصيات غير مكتملة، وأضاف ساكو: «المعروف عن رجل الدين من أي دين كان أن يدعو إلى الأخوة والتسامح والمحبة، وليس إلى الفرقة والفتنة»، مطالبًا الحكومة العراقية بمتابعة مثل هذه الخطابات، ومقاضاة مروّجيها.

 للمزيد: ضغوط أمريكية لتقليص نفوذ إيران في العراق.. وطهران تهدد بحرق بغداد


فتاوى تحريضية

 

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق حالة من الغضب؛ بسبب مثل هذه الفتاوى التي تسبب التفرقة بين أبناء الشعب العراقي، وأكد نشطاء أنه لابد من مواجهة مثل هذه الفتاوى من قبل الجهات الرسمية، لافتين إلى أن النسيج الاجتماعي العراقي لم يعد يحتمل المزيد من فتاوى التحريض والفتنة.

 


عبداللطيف الهميم
عبداللطيف الهميم

ونقلت تقارير صحفية تصريحات لرئيس ديوان الوقف السني، الشيخ عبداللطيف الهميم، الذي أكد أن مثل هذه الفتاوى خارجة عن المعقول والمقبول والمألوف والمعروف، ولا تمثل ديوان الوقف السني بجميع منابره وأفكاره وتوجهاته في ترسيخ الوحدة الوطنية، التي كان للإخوة المسيحيين السبق في وجودهم التاريخي على أرض الرافدين من خلال آبائهم الكلدان والآشوريين.

 

ووصف رئيس ديوان الوقف السني مثل هذه التصريحات بـ«الهوجاء غير الموزونة ولا المنضبطة والتي تعيدنا إلى خطاب الكراهية والتحريض والفتنة ورفض الآخر، ولا تمثل التعايش المشترك بين العراقيين بجميع شرائعهم وقومياتهم وأطيافهم وطوائفهم ومذاهبهم، عربهم وكردهم وتركمانهم».


وبيّن «الهميم» أنه لا يستغرب هذه التصريحات التي تصدر عن هؤلاء الأشخاص الموتورين، فمثلما هم يُحرّمون علينا الاحتفال بمولد فخر الكائنات وسيّدها نبيّنا الأكرم محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - نجدهم اليوم يُحرّمون الاحتفال بعيد السيد المسيح عليه السلام.

 للمزيد: تشكيل الحكومة.. هل سقط العراق في فخ المصالح «الأمريكية- الإيرانية»؟


المحلل السياسي العراقي،
المحلل السياسي العراقي، فراس إلياس

معركة أيديولوجية 

وفي تصريح خاص لـ«المرجع»، قال المحلل السياسي العراقي، فراس إلياس؛ لقد مثلت الفتاوى التي صدرت عن «مفتي العراق» مهدي الصميدعي من جانب، ورئيس ديوان الوقف الشيعي من علاء الموسوي من جانب آخر، علامة فارقة في نهايات العام 2018، والتي أفتت بتحريم مشاركة المسيحيين احتفالاتهم برأس السنة الجديدة، حتى أثارت موجة عارمة من التنديدات، والشجب، والإستنكار من مختلف القطاعات الاجتماعية العراقية، التي رأت بأنها تمثل الوجه الآخر لتنظيم داعش من حيث إلغاء الآخر، وعدم الاعتراف بكيانه ووجوده وحقوقه.

 

وأشار إلياس إلى أنه على الرغم من هذه العناوين العريضة، التي رافقت الموجه الاستنكارية في العراق، فإنه لابد من الإشارة إلى أن هناك جهود حثيثة؛ لإلغاء المكون المسيحي في العراق، بدأها تنظيم  داعش، وأكملتها الميليشيات المسلحة في العراق، ففي الوقت الذي بدأ فيه تنظيم داعش في قتل وتشريد آلاف المسيحيين في مدنية الموصل بعد سيطرته عليها العام 2014، كانت تجري على الجانب الآخر عمليات مصادرة واسعة لأملاك المسيحيين في مدنية بغداد، لصالح احزاب وميليشيات متنفذة.

 

وأوضح المحلل السياسي العراقي أنه لايمكن  الفصل بين زيارة ترامب الأخيرة للعراق وبين فتاوى التحريم التي صدرت من شخصيات دينية مقربة من إيران، الهدف منها جعل المسيحيين هدفًا مشروعًا، أو لنقل دروعًا بشرية للحرب المفترضة بين أمريكا وإيران، فالانسحاب الأمريكي من سوريا، أو فلنسمها استراتيجية إعادة الانتشار الأمريكي في مناطق قريبة من وجود المسيحيين في العراق من جهة، والتجاذب الأمريكي الإيراني من جهة أخرى، يجعل من مسألة التعاطي مع حقوق المسيحيين في العراق توضع أمامها أكثر من علامة استفهام.

 

وأضاف «إلياس»، التفجيرات التي استهدفت كنيسة النجاة في بغداد هذا العام، إلى جانب عمليات الاغتيال والتصفية التي تعرض لها رجال دين مسيحيين في العراق، كعملية الاغتيال التي تعرض لها كبير أساقفة الموصل للكلدان الكاثوليك الأسقف بولس فرج رحو بعد بضعة أيام من تصريح إعلامي لموقع إلكتروني دعا، فيه لإنهاء الوجود الإيراني في العراق، فضلًا عن تصفية القس الأرثوذكسي بولس إسكندر، والقس يوسف فرج في البصرة وغيرهم، إضافة إلى سلسلة من عمليات الخطف والقتل، وطلب المبالغ المالية الطائلة لإطلاق سراح المختطفين المسيحيين لدى هذه الميليشيات المدعومة من إيران. 

 

وشدد على أنه لابد من التأكيد بأن هذه الفتاوى ومن يقف وراءها تدرك جيدًا بأن المكون المسيحي هو جزء من معركة دينية وأيديولوجية، ومن ثم يمكن القول بأن هذه الموجه ستتصاعد خلال الأيام القادمة، كلما تصاعدت موجة الخلاف بين أمريكا وإيران؛ لإشعار الولايات المتحدة الأمريكية بأن إيران قادرة على استخدامهم كحلقة من حلقات المعركة معها.

"