ad a b
ad ad ad

الغارات الأمريكية و«شباب الصومال».. قصف هزلي لا يؤثر على الحركة الإرهابية

الثلاثاء 04/ديسمبر/2018 - 10:42 م
المرجع
محمد الدابولي
طباعة

نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرًا في نوفمبر 2018 تناولت فيه تأثير الغارات الأمريكية في حركة الشباب الصومالية؛ حيث أوضح التقرير أن الغارات الأمريكية عملت على إضعاف حركة الشباب دون القضاء عليها، كما باتت عناصر الحركة أكثر تكيفًا مع تلك الغارات، وكأنهم يعلمون أنها مجرد مسرحية هزلية لا أكثر.

الغارات الأمريكية

وأشار تقرير الجارديان إلى أن قوات الأفريكوم شنت 29 غارة جوية ضد مواقع حركة الشباب خلال عام 2018، و27 غارة خلال عام 2017، ومن المثير للجدل أن نصيب تنظيم «داعش» (فرع الصومال) من الغارات الأمريكية هو 4 غارات فقط كانت في عام 2017، ولم يتعرض التنظيم خلال عام 2018 لأي غارات جوية أمريكية.


تأتي الغارات الأمريكية في ظل اتجاه إدارة ترامب بتعزيز الحرب على التنظيمات المتطرفة، ففي مارس 2017 طورت واشنطن سياساتها تجاه الصومال؛ حيث وافق الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»  على إنهاء  سياسة حظر الغارات على الصومال التي اتخذها الرئيس الأمريكي السابق «باراك أوباما»، واعتبر «ترامب» بأن الصومال منطقة أعمال عدوانية، وفي سبتمبر من العام نفسه أيضًا وضعت الإدارة الأمريكية قواعد جديدة لغارات الطائرات دون طيار؛ حيث ألغت العديد من القيود التي سبق أن فرضتها إدارة «أوباما».


للمزيد: بعد الحديث عن انسحاب «الأميصوم» من الصومال.. تخوفات كينية من انتشار الجماعات الإرهابية


رغم اتجاه واشنطن لتوسيع عملياتها العسكرية في الصومال، فإن استراتيجيتها تجاه محاربة الإرهاب في الصومال تثير الجدل في ما يخص تنظيم «داعش» الذي استُثني من الغارات الأمريكية خلال عام 2018، تتعدد التحليلات والتفسيرات حول عدم استهداف داعش من قبل القوات الجوية الأمريكية منها على سبيل المثال:


Ø     الانزواء الإقليمي: رجح الباحث في الشأن الأفريقي «أحمد عسكر» بأن إعراض قوات الأفريكوم عن استهداف داعش يرجع إلى حالة الانزواء الإقليمي التي يتمتع بها التنظيم في الصومال؛ حيث يتمركز في منطقة محدودة في  «جبال جلا جلا» شمالي الصومال، في حين تتمتع حركة الشباب بتمركز جغرافي واسع المدي في وسط وجنوب الصومال؛ ما يجعلها أكثر تهديدًا واستهدافًا للمدنيين، إضافة إلى الانزواء الإقليمي، وأضاف «عسكر» بأن حركة الشباب كيان منظم يقدر عدد مقاتليه بالآلاف، في حين أن تعداد داعش نحو 200 فرد بقيادة عبدالقادر مؤمن أعلنوا انشقاقهم في عام 2015 عن حركة الشباب.

  

Ø       الفعّالية: في هذا الإطار يضيف «عسكر» بأن حركة الشباب أكثر فعّالية وتأثيرًا في الداخل الصومالي، ولديها سجل حافل بالعمليات النوعية، في حين لم يستطع «داعش الصومال» القيام بأي عملية نوعية في الصومال؛ نظرًا لمحدودية موارده البشرية والجغرافية، وفي هذا الإطار أيضًا أكدت الباحثة في الشؤون الأفريقية «د. نرمين توفيق» بأن حركة الشباب هي الخطر الأكبر، في ظل انعدام تأثيرات «داعش»، وأضافت بأن الولايات المتحدة من الممكن أن توجه هجمات ضد «داعش» في حال لجوئه إلى هجمات مؤثرة تستهدف المصالح الأمريكية في القرن الأفريقي.


Ø     الزخم الإقليمي: لا يمتلك «داعش ـ الصومال» الزخم الإقليمي نفسه الذي يمثله تنظيم «حركة الشباب»؛ حيث أشار «عسكر» بأن حركة الشباب عدت الأخطر عالميًّا في عام 2017؛ لقدرتها على تمويل نفسها ذاتيًّا من خلال جمع التبرعات من التجار ورجال الأعمال  وتجارة الفحم غير المشروعة مع بعض الفواعل الإقليمية؛ ما جعلها الأكثر خطورةً وتهديدًا لمصالح دول الجوار الصومالي، خاصة كينيا التي تعاني منذ عام 2011 من العديد من العمليات الإرهابية.


وفي هذا الإطار يمكن اعتبار أن الدول الإقليمية المؤثرة في منطقة القرن الأفريقي لعبت دورًا كبيرًا خلال الفترة الماضية في توجيه السياسة الأمريكية نحو استهداف «الشباب» المهددة لمصالحهم والإحجام ـ بطريقة غير مباشرة ـ عن توجيه ضربات لمعاقل داعش التي لم تهدد إلى الأن مصالح تلك الدول.


Ø     الاستفراد التكتيكي: في هذا الإطار أوضح الباحث السوداني في الشأن الأفريقي «عباس محمد صالح»، بأن استراتيجية الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب تقوم على تكتيك الاستفراد بأحد الأطراف (حركة الشباب)، بعد تحديدها كتهديد للمصالح الأمريكية؛ حتى يتم القضاء عليها أو إضعافها، ثم يتم بعد ذلك تولي الطرف الآخر.


Ø     التوافر المعلوماتي: يشير «صالح» إلى أن من عوامل تركيز الجهود الأمريكية على «حركة الشباب» دون «داعش» هو توافر المعلومات الاستخبارية بكثافة وغزارة عن حركة الشباب ومواقعها وأماكن تمركزها، في حين نجد أن تنظيم «داعش» مازال محدودًا وصغيرًا.


Ø     التناحر التنظيمي: في لعبة محفوفة بالمخاطر أشار «صالح» إلى أن ترك المجال قليلًا أمام «داعش» في الصومال يهدف إلى إشعال التنافس والصراع بين التنظيمين؛ ما يؤدي إلى إضعافهما معًا، وانعدام خطورتهما وتأثيرهما على التوازن الأمني في الصومال والقرن الأفريقي.


وأخيرًا.. يمكن القول: إن تركيز الغارات الأمريكية على «حركة الشباب» يخدم «تنظيم داعش» بشكل كبير، ويسهم في تعزيز نشاطه في المنطقة، وفي هذا الإطار أوضح «عباس صالح» بأن تنظيم «داعش الصومال» تجاوز الطور الجنيني، ونمّى دوره بشكل دراماتيكي، وأخذ يتصارع مع حركة الشباب حول أماكن النفوذ والسيادة، كما أن فرص وحظوظ التنظيم في التصاعد خلال الفترة القادمة؛ نظرًا لحالة الضعف التي تعتري حركة الشباب الآن بفعل الهجمات الأمريكية، وهشاشة الوضع الأمني في الصومال.


للمزيد: دلالات رفع العقوبات الأممية عن إريتريا وإنهاء عزلة القرن الأفريقي الدولية

"