تصريحات السبسي وعملية القصرين.. إخوان تونس في قفص الاتهام
تعيش تونس مرحلة صعبة في ظلِّ عودة الإرهاب بقوة مع تصاعد الصراع بين أطراف الحكم في تونس والمتمثل في حزب حركة «نداء تونس» وحركة النهضة الإخوانية، مع إعلان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أن حزب النهضة لديه «جهاز سري»، في إشارة إلى القضية التي أثارتها هيئة الدفاع عن محمد البراهمي وشكري بلعيد اللذين اغتيلا في 2013 على يد مجهولين.
تصريحات السبسي:
وكشف السبسي، خلال اجتماع مجلس الأمن القومي، أمس الخميس 19 نوفمبر 2018، أن الحركة هددته شخصيًّا بعد لقائه بفريق الدفاع عن السياسيين المغتالين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
وكانت هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي كشفت، قبل أيام، عن معطيات جديدة عما أسمته الجهاز السري للنهضة، إذ قالت إنه كان يخطط لاغتيال السبسي والرئيس الفرنسي وقتها فرانسوا هولاند.
وتداول اجتماع مجلس الأمن القومي، ما ورد من معطيات قدمتها لجنة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
كما قرر المجلس طلب التسريع في النظر في مشروع القانون الأساسي المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ من طرف مجلس نواب الشعب، لتعويض الأمر عدد 50 لسنة 1978 الذي لا يتماشى مع مقتضيات الدستور.
ونظر المجلس كذلك في مشروع القانون الأساسي المنظم للاستخبارات والاستعلامات ومشروع القانون الأساسي للخدمة الوطنية وتقرر عرضهما على مجلس الوزراء في القريب العاجل.
كما تمّ استعراض تقييم للأوضاع الأمنية محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا.
وقال السبسي: إن مفهوم مجلس الأمن القومي يختلف عند الناس ومنهم من يظن أنه سيعوض الحكومة أو القضاء، لكن نص قرار تكوين المجلس يسمح بكل شيء.. ونظرتنا موضوعية، وفق تعبيره، وتابع السبسي: «حين تطلب منا جهة ما النظر في ملف ما لا يمكننا التعتيم»، مضيفًا: «أخيرًا قامت هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي بزيارتي، وأنا أقبل الجميع، وقال أفرادها كلامًا معقولًا، وقدموا لي وثائق مهمة. فهل أغمض عيني ؟!»، مشيرًا إلى أن هذا الأمر أثار حفيظة حركة النهضة، التي أصدرت بيانًا يتضمن تهديدًا لي، وأنا لا أسمح بذلك».
وتابع الرئيس التونسي: «إذا كانوا يعتقدون (حركة النهضة) أن ذلك البيان سيمنعني من النوم ليلًا، فهم مخطؤون، مثل هذه الأساليب لا تجدي معي»، مضيفًا: «القضية باتت في عهدة القضاء».
وأشار السبسي إلى حركة النهضة الإخوانية بالقول: «إذا خلا لك الجو فبيضي وفرخي، أما معي فهذا الأمر لا يستقيم».
للمزيد بعد التحفظ على «الغرفة السوداء».. هل يُحل «إخوان» تونس؟
عمليات إرهابية:
اجتماع المجلس الأمني القومي التونسي برئاسة السبسي، سبقه إعلان وزارة الداخلية التونسية يوم الخميس، تفكيك 4 خلايا كانت تخطط لتنفيذ هجمات عبر «الدهس والتفجير والطعن»، مشيرة إلى أنها اعتقلت 12 عنصرًا وضبطت موادَ متفجرة وكيماوية.
وقالت الداخلية التونسية في بيان لها أمس الخميس: إنها تمكن للوحدة الوطنية المتعهدة، من خلال عمل استباقي نوعي وإجراء أبحاث دقيقة وتحريات فنية معمّقة من تفكيك 4 خلايا تكفيرية نائمة ناشطة بعدد من ولايات الجمهورية تولت التخطيط بالتنسيق مع عناصر قيادية إرهابية متحصّنة بالجبال التونسية لتنفيذ سلسلة من الهجمات الإرهابية نوعيّة وفردية تستهدف أهداف حيوية بالبلاد -على غرار الدهس والطعن والتسميم والتفجير عن بعد-، قبل الالتحاق بنظرائهم بالجبال المذكورة، إلى جانب كشف وحجز مخبر لصنع المواد المتفجرة والغازات السامة وكمية من المواد الأولية والإلكترونية.
إعلان تفكيك الخلايا الإرهابية لم يمنع من هجوم إرهابي استهدف دورية أمنية في مدينة القصرين دنوب البلاد؛ حيث أطلق 4 ملثمين على متن دراجات نارية، النار على دورية أمنية بمفترق حي السلام بمدينة القصرين؛ ما أدى إلى إصابة مواطن تونسي.
إرهاب النهضة:
وقد وجه نشطاء على «تويتر» اتهامات إلى حركة النهضة، بالوقوف وراء العمليات الإرهابية بعد تصريحات الرئيس التونسي، بأنها هددته شخصيًّا ووجود تقارير عن محاولة اغتيال للسبسي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكذلك عملية القصرين.
وقال الأمين العام المساعد بـالاتحاد العام التونسي للشغل «بوعلي المباركي» في تعليقه على العملية الإرهابية التي شهدتها مدينة القصرين أمس: «كل مرة يقع إشكال تقع عملية»، وفي إشارة إلى الصراع الدائر بين حركة نداء تونس النهضة، وقوع عمليات إرهابية مع تصعيد حركة نداء تونس والرئاسة التونسية، ضد النهضة واتهامها بالإرهاب، تقع عمليات إرهابية.
وأضاف «بوعلي المباركي» في تصريح نشرته إذاعة «شمس إف إم»، أن ما جرى أمر مستغرب خاصة وأن وقعت بعد انعقاد مجلس الأمن القومي.
من جانبه، قال الناشط التونسي «لطفي الوسلاتي»: «إسلام الغنوشي الغاضب يتحرك في القصرين»، مضيفا: «لم يعد الموضوع وجود الجهاز السري والغرفة السوداء بل أصبح من يتستر على من يتآمر على أمن تونس».
كما أكد الناشط التونسي العجمي الإمام، أن إرهاب النهضة لم ينتهي وهي لديها تاريخ دول من الإرهاب منذ تأسيسها، لافتا إلى أن تحركات الرئيس السبسي، تأتي في إطار نهاية التحالف ممع رئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي.
ووصف الناشط التونسي، يوم الخميس بـ«الخميس الساخن» نظرًا لما وقعت فيه من أحداث وتطورات في ملف الصراع بين السبسي والغنوشي، وكذلك العملية الإرهابية وبيان وزارة الداخلية.
وأوضح «العجمي الإمام» في تصريح خاص لـ«المرجع» أن مع كل أزمة إرهابية تظهر عمليات إرهباية، وبصمات العمليات الإرهابية تشير إلى الإدانة التامة والكاملة للحركة التي حولت حياة التونسيين إلى جحيم أمني منذ وصولها للحكم.
ولفت الناشط التونسي، إلى أن خوف النهضة وانزعاجها من فتح ملف اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، يؤشر على مدى ترط النهضة في عمليات الاغتيال.
فيما اعتبر المحلل السياسي التونسي، الجمعي القاسمي، اتهامات السبسي لحركة النهضة ووقوع عمليات ارهابية، ينبئ بأن البلاد قادمة على شتاء ساخن وقد بدأ الإعداد لذلك من خلال نقل الصراع المحتدم بين أقطاب المشهد السياسي إلى قصر قرطاج الذي انخرط فيه بشكل واضح بعد الوثائق والمؤيدات التي برزت في الآونة الأخيرة التي تمس بشكل مباشر من شخص رئيس الجمهورية، خاصة مسألة الانقلاب الذي تعهدت به المحكمة العسكرية إلى جانب كشف وثائق تتحدث عن مشروع مخطط اغتيال في سنة 2013.
وقال «الجمعي القاسمي»، في تصريحات صحيفة: إن «المعركة بدت مفتوحة بين قطبي الصراع وبالتحديد النهضة التي أصدرت بيانًا فيه نوع من الاستغراب المشحون بتحذير مبطن»، مضيفًا أن «هذه التطورات وفق المتحدث ستكون لها ارتدادات مباشرة على المشهد السياسي العام لجهة إبراز نوع من الفرز السياسي بين مشروعين تصارعا سنتي 2013 و2014 والآن يعود الصراع إلى المربع الأول».





